اصلاح تدريب على شرح نص عدد 2 في التوحيدي – بكالوريا آداب
للحصول على النص: اضغط هنا
مرحلة الفهم:
تأطير النص: ينتمي النص الى مسامرة اليلة الخامسة والعشرين، الليلة المخصصة لتناول مسألة المفاضلة بين الشعر والنثر. ويحضر في المسامرة طرفاها القاران الوزير السائل المتقبل للجواب والأديب المجيب الباث للاجابة. يتحول النص الشفوي في المجلس الى حكاية يدونها التوحيدي لصديقه الى الوفاء المهندس.
قضايا النص: يثير سؤال الوزير مسألة المفاضلة بين الصناعتين الأدبيتين الشعر والنثر. وتظهر إجابة التوحيدي انشغالا عاما بمسألة النقد الأدبي ونخص بالذكر منه حكما على النثر فعلى الشعر، ليتولى التوحيدي في النص انتاج الادب ونقده.
منهج النص:
يخضع التوحيدي البحث في المسألة الأدبية الى ثلاث طرق:
محاورة الوزير محاورة توليدية تقدح الاجوبة / الاستناد الى المقولات النقدية الشائعة في عصره وروايتها فتدوينها عن أصحابها من أنصار الصناعتين / الاسهام الذاتي في المسألة باعتبار امتهانه لصناعة النثر.
مراجعة التفكير في النص: طبيعة المسألة ونوعية الحجج يظهران مرجعية نقلية عربية لكن طريقة تنظيم المحاجة واستنباط الاحكام تظهران تأثرا بالفلسفة اليونانية.
غايات المعالجة:
غايات حضارية: باثبات ما يقوم به الادب من دور حضاري في ثقافة العصر وبناء الشخصية.
غايات اجتماعية: ببيان الحاجة الى الصناعتين في بلاط عزف عنهما.
غايات ثقافية: ببيان ما للعصر من ازدهار مناظرات فرية تتنوع مواضيعها وتتفرع لتشمل العقل والادب والاجتماع والسياسة.
البنية المقطعية:
المعيار: النص جزء من مسامرة يحضرها طرفا الخطاب والاديب فيسهمان في انتاج هذا النص لينقسم وفق تدرج ثلاثي:
تحفيز المسامرة: في سؤال الوزير الفاتح: رغبة في تبين مراتب النظم والنثر.
انجاز المسامرة: في جواب التوحيدي حتى قوله « ويقرب من المتناول بلطف » فضائل الصناعتين منفصلتين فمجتمعتين.
التعليق عن المسامرة: بقية النص: استفادة الوزير من المسامرة.
مرحلتا التفكيك والتخطيط: بناء الجوهر تأطير النص وكشف بنيته المقطعية:
تأطير النص: انتماء النص الى مسامرة الليلة الخامسة والعشرين يساعد على طرح قضية من قضايا النقد الادبي في المفاضلة بين الشعر والنثر.
كشف البنية المقطعية: هذا الحضور الفاعلي لطرفي المسامرة يسمح بتوجيه النص من المسامرة وفق تدرج ثلاثي يستهل بإثارة المسامرة في سؤال الوزير طالبا معرفة أدبية راغبا فيها لتنجز هذه االمسامرة في جواب الاديب مستفيضا في عرض هذه المعلومة وإفادته بها ثم يقفل النص بتعليق على المسامرة من الوزير يعلن الاستفادة والاكتفاء. وهكذا تتماسك مراحل النص كشاهد على أدب المجلس الممتع أصلا فالمفيد المثقف فعلا.
المرحلة التحليلة: تحليل مقطع التحفيز على المسامرة:
يظهر الفعل « قال » أن التوحيدي يروي المسامرة لحظة تدوينها لصديقه، حكاية أقوال قد وقعت ويحضر لها فواعلها من وزير يطلب « أحب أن » إلى أديب يستجيب ويؤطر ذلك بظروف المسامرة « قال ليلة ». ويسعى التوحيدي لحظة التدوين الى المحافظة على الاطار الأصل، الإطار الشفوي لنشأة كتابة بالاحالة عليه.
يستعمل التوحيدي في تقديم شخصية وزيره أسلوب الدعاء في الجملة الاعتراضية فيظهر الولاء المتواصل مما يكشف التوحيدي أديب بلاط حريص على الوفاء بشروط الخدمة. أدب التوحيدي أدب مجلسي ومقاييسه في النقد مقاييس المجلس الشائعة في الأدب الرسمي.
يظهر التوحيدي وفاءا للاطار الاصل من خلال الاشارة الى نشأة الخطاب الأولى نشأة شفوية في قول الوزير « أحب أن أسمع » وما طلبه الوزير هذه الليلة يتصل اتصالا وثيقا باختصاص التوحيدي بين مثقفي عصره لكنه يخرج به عن منشئ للكلام إلى ناقد له « أحب أن أسمع كلاما في مراتب النظم والنثر ». ويبدو الوزير متأثرا بنظرة نقدية الفت تفضيل الشعر على النثر من خلال تراتب الذكر ولكنه يقف امام أديب ناثر فهل سيُبقي له هذا التراتب وهو علم النثر في زمانه؟
يفصل الوزير
طلبه أسئلة توجه الاجابة وتحاصرها أسئلة اهتمت بحدود البراعة والصناعة وبمواطن
الاتفاق فمواطن الاختلاف وبمدى النفع منهما. توجه أسئلة الوزير أجوبة التوحيدي
بشكل كبير وتفرّع له المسألة بين وصف ومقارنة فاستنتاج لتحدد مظاهر إعمال العقل
فيها.
تحليل مقطع انجاز المسامرة:
تظهر « من » التبعيضية انتقاءا لبعض الجواب وترتيبا له من مجمل إلى صعب « وهو تعليق يستشعر ثقل المهمة النقدية لسببين، إطار الكلام مسامرة تنقلب مجادلة ينجزها نفس الشخص، ونقد للكلام ينجزه من تعود أن يبدعه. تتأتى صعوبة الاشتغال النقدي الأدبي من تشابه طبيعة المادة الادبية كلاما مع وسيلة النقد الأدبي كلاما آخر.
يحدد التوحيدي هذه الصعوبة في التباس الكلام الناقد بالكلام المنقود التباسا لا يفصل هذا عن ذاك « لأنه كلام يدور بعضه ببعض » صعوبة الاشتغال النقدي تتولد عن خشية السلخ أو خشية الاسقاطات فالموضوعية ليست مضمونة فيه بشكل تام.
يبدى التوحيدي مع ذلك وعيا بالمنقول السابق في هذا المجال « وقد قال الناس في هذين الفنين ضروبا من القول » وهو اطلاع يضع صعوبة ثقافية أخرى. هل من سبيل إلى تجاوز هذا الكثيف والاضافة إليه؟ سينقل هذا الاطلاع التوحيدي الى مستفيد من هذا التراث النقدي يعرضه ويحفظه ويحتج به فينتج نصه من إعادة ترتيب المادة المحفوظة والتعليق عليها.
يستهل التوحيدي التفصيل برواية عن أبي حامد الكرخي لينتج نصا حجاجيا يعض من خلاله حجج الانتصار في المفاضلة للنثر أولا، فحجج الانتصار للنظم ثانيا ثم ينتهي الى التأليف بين الموقفين في المحاججة التي فيها نزعة جدلية من وراء ترتيب عرض المواقف، ووراءها موقف ذاتي فالبدء في المفاضلة كان من النثر وترتيب الطلب عند الوزير قد سبق الشعر.
الوجه الاول للمفاضلة: النثر أفضل من النظم:
يستند التوحيدي حسب خطته الحجاجية الي علم من أعلام صناعة النثر، أبو حامل الكرخي مناصر النثر في زمانه، فيوردها مرتبة من حجة منطقية في مقوله الاول الى حجة تاريخية في مقوله الثاني الى حجة واقعية تجريبية في مقوله الثالث.. رتبت الحجج من أبعدها عن ذهن المتقبل الى اقربها اليه لغاية الافهام.
الحجة المنطقية: تستند الى نظام استدلال ينطلق من مقدمة بديهية مسلمة « النثر أصل الكلام والنظم فرعه » ويضييف مقدمة صغرى مستمدة من المنطق « والاصل أشرف من الفرع » لينتهي الى نتيجة المفاضلة « والفرع أنقص من الاصل » تصاغ من حكم مسكوت عنه. الاستدلال مظهر اعمال عقل في مسألة ادبية يبدي براعة الاستفادة من المنطق لدى الادباء.
يحترز الكرخي في الاستثناء ليبني الحجة على المقارنة بين سلبيات كل صناعة وايجابياتها منتهيا الى تفضيل النثر في ذلك ثانية المقارنة تظهر وعيا نقديا بالصناعتين وتوجيها لحركة النقد نحو مزيد الموضوعية بالخروج عن انفعال المناصرة او المخاصمة الى موضوعية التحليل والتنقيب.
الحجة التاريخية: يتخذها من المقدس الديني المنزل لما لهذا النص من تأثير في أذهان المتقبلين المتدينين. تظهر هذه الحجة مثاقفة دينية موسعة ووعيا باختلاف اللغات في النوع واشتراكها في الصناعة، فصناعة النثر أهم لديها جميعا.
الحجة الواقعية التجريبية: الصياعة الاستفهامية الانكارية تظهر هذه الحجة الاقوى وهي المدخرة لافحام الخصم من معاينة أطوار نمو الانسان بين نمو بدني ونمو ذهني لساني: النثر لغة التلقين ولغة التوحيدي في حجاجه الى وظائف اللغة ومدى تحققها بين الصناعتين للحكم بالافضلية.
الوجه الثاني من المفاضلة: النظم أفضل من النثر:
يشوب التمهيد لعرض الحجج وصف لا يخلو من كشف لتغيّر في الوضع الثقافي من دولة الأدب وغزارة انتاجه ونفاق بضاعته الى انحسار المد وكساد السوق. يمتزج العرض غاليا عند التوحيدي بالشكوى لاتصال موضوعات المجادلة بمعاناته اليومية وأزمة المثقف في عصره.
يحضر في الوصف
المجاز والاستعارة للتجميل الفني « سماء العلم، بحر العلم، روض الفضل، شمس
الحكمة » مما يبدي تأنقا في العبارة من جهة وحنينا من جهة ثانية الى عصر ذهبي
للادب أفل نجمه فزاد ذلك الذات شكاة وتلوعا. يتمثل التوحيدي العصور الادبية في
الحضارة العربية الاسلامية بين ازدهار ماض رعاه البلاط، بلاط خلفاء بني العباس،
واضمحلال حاضر سببه بلاط الامراء البويهيين.
يلتجئ التوحيدي الى مصدر رواية بنطقان بصوت مفاضلة النظم، السلامي وابن نباتة، ويجعلهما حسب ترتيب النص يردان بشكل غير مباشر على ما أقامه الكرخي من مفاضلة نقيضة.
يشتغل السلامي في مقوله على حجج واقعية موزعة بين الانشاء والاستعمال، من صياغة الشعر الى الغناء به. وتظهر هاتان الحجتان الشعر فنا يسترعي الاهتمام من جمهور موسع من الناس دراسة لاصول فنه وتمتعا ببدائع نغمه.
حجة السلامي كمية تتبع تدرج الشعر من طور الانشاء الى طور التواصل والفعل الاجتماعي له. وهذا ما يضعف قيمتها امام حجج الكرخي القوية المرتبة. فهل يكون ذلك تصرفا من التوحيدي يظهر انحيازه الى صناعته لحظة نقل المفاضلة؟
يلتجئ السلامي الى التفصيل في بيان فضائل الشعر المغني « عجيب الاثر في معاينة الروح ومناغاة العقل وتنبيه النفس واجتلاب الطرب وتفرج الكرب ». الاشتغال على الوظائف التأثيرية للغناء تنسي موضوع الشعر قيمته وتبرز موضوعا آخر فكأنما لم يعد النظم يكتسب مكانته من ذاته بل من غيره تكون.
تهتم حجج ابن نباتة بالقيمة الادبية للنظم من خلال ارتباطه بالجدل حجة يستند اليها. فالنثر يستشهد له والشعر يستشهد به والمكتفي بنفسه الدال عليها والمقيم لوجود غيره أفض مما لا يتحقق وجوده إلا بغيره.
اكتسبت حجج مفاضلة الشعر قوتها من المنطق لما ارتفع مجال المناظرة عن لغة التواصل الاجتماعي الى لغة الكتاب الابداعية. فكأنما النثر أقرب الى الواقع والشعر أنسب الى الفن.
التأليف بين الاطروحتين: شروط أفضل الكلام:
يستوفي التوحيدي توزع النص بين جناحي المناظرة ليجمع تياري التنافس في كسب المكانة بالصناعة ضمن مشترك نقدي يضعه اجمالا شروطا لتجويد الكلام في فرعيه الكبيرين. ويحرص التوحيدي على تجاوز الخلاف القائم نحو ائتلاف يثبت مكانة الادباء في عصر تدني المكانة.
يوزع التوحيدي الشروط بين الوظيفة الانشانية للكلام في قوله « أحسن الكلام ما رق لفظه ولطف معناه وتلألأ رونقه وقامت صورته بين نظم كأنه النثر ونثر كأنه نظم » والوظيفة التأثيرية له « يطمع مشهوده بالسمع ويمتنع مقصوده على الطبع حتى اذا رامه مريغ حلق وإذا حلق أسف أعني يبعد عن المحاول بعنف ويقرب من المحاول بلطف » ويتوزع الاهتمام بالكلام توزعا واعيا بالشروط الاساسية لانتاج النص الابداع، حسن الصياغة ودقة التأثير.
الشروط الانشائية: تفصل الموصوفات موطنها بين اللفظ والمعنى والرونق والصورة لتشمل الكتابة من جزئية اللفظ الى تركيب الاسلوب وتركيب الصورة فصناعة المعنى. تحول المبحث الى البحث في سنن البلاغة عند العرب بتحديد وسائلهم في الكلام.
تتولى الموصوفات تحديد الشروط المثلى وابرازها في رقة ولطف ورونق وقيام مخصوص للصورة. وفي هذا التفصيل ما يذكر بوسائل شعرية في صناعة الكلام بعد تحديد مواطنها. يُرسي التوحيدي ما شاع من جمالية عربية للشعر مذكرا ببعض قوانين عمود الشعر عند العرب.
يتم التركيز على تفصيل الصورة الذهنية الحاصلة من أحسن الكلام وتجسد فيما بين النظم والنثر من تمازج ممكن وتكامل مأمول بقوله: » نظم كانه النثر ونثر كأنه نظم ». ويبرز التشبيه مواطن تكامل مأمولة بين الشعراء والبلغاء لنيل نفس المكانة الادبية. ما يقدمه التوحيدي مشروع نقدي يسعى الى المزاوجة بين الشعر والنثر وليد محاولات أدباء عصره في ذلك وخاصة محاولات الهمذاني في صناعة فن يكتب النثر بجمالية الشعر هو فن المقامات.
الشروط التأثيرية: تتولد عن ذلك شروط مرتبطة بطرائق التأثير تنقلها الأفعال المضارعة « يطمع، يمتنع، يبعد، يقرب… » أفعال مبنية على الطباق تكشف وعيا بشروط حسن التقبل في العملية التواصلية للغة، للكلام منظوما او منثورا، ويبرز ذلك في وصف الاثر بـ »المشهود » من شهد العسل: بناء صورة طبيعية لمتصور بلاغي تكسب الكلام حلاوة ونفعا وتمنعا.
أجمل الكلام،
أحلاه وأعذبه وألطفه من العسل من الماء، من أسرار الحرياة وبدائع الخلق وذلك تأكيد
لنظرية البيان الساحر « وإن من البيان لسحرا » على حد قول الرسول (ص).
تحلي مقطع
التعليق على المسامرة:
يظهر الوزير كعادته في ليالي الامتاع الاعجاب بالكلام والاستفادة من المحاورة.
ويفصّل موطن الاعجاب في قدرة الكلام على الاجمال والدقة ليوصف التوحيدي في النص
بالبليغ. ويُدعى التوحيدي الى تقديم هذا الباب احتراما من السائس للبلغاء ولدورهم
الثقافي في دولته.
المرحلة التأليفية:
فنيا: البناء الخارجي للنص يخضع لفن المسامرة من تحفيز عليها وانجاز لها فتعليق
عليها.
البناءالداخلي للنص يخضع الى تدرج حجاجي يعرض وجها أولا للنظرية فوجها ثانيا لها
ليتولى التأليف بين الموقفين.
تتنوع آليات الحجاج وأساليب الاقناع بتنوع الحجج وتغير المواقف فتأخذ من المنطق
والنقل وتستند الى الاخبار كما تحيل على الواقع والتاريخ والتجربة يدقق التوحيدي
الوصف لايضاح الفكرة وبيان الموقف.
دلاليا: يعرض النص مناظرتين بين أنصار النظم وأنصار النثر فيحيل على عصر جدل زاخر.
ويستند كل محاج الى جملة من الحجج اتصلت باصل الكلام وطرائق أدائه ومراحل صياغته
ووظائفه الاجتماعية.
ينفتح الجدل على رؤى جمالية عربية استندت الى ثنائية اللفظ والمعنى وقسمت الكلام
اجزاء بين المفردة والتركيب.
لا يبدو التوحيدي مجرد عارض للمواقف بل يساهم في الجدل بالتعليق والاضافة والتعديل
والتأليف والافاضة.
المرحلة النقدية:
يعرض التوحيدي
قضية أدبية تمس صناعته من قرب ويخدم حجج مناصريه فحجج خصومه. لا يبدو هذا الترتيب
بريئا إذ يوحي بالموقف المؤثر في اختيار الأمثلة وتصنيف الحجج. فالتوحيدي لا يجيب
الوزير عن سؤاله بقدرما يستغل المناظرة لاستعراض محفوظه أمامه وتثبيت وظيفته
وإعلاء صناعته.
يضح التوحيدي شروطا مثلى لأحسن الكلام موزعة بين جماليات الانشاء والتقبل. وضيف
المعري بعده الكثير من هذه الشروط في تعريف الشعر بالوزن والعذوبة والاحتكام في
ذلك الى الحس والعقل وهما معا يشتركان في إرساء مقاييس ذوقية انطباعية قد لا تفيد
النقد بالدقة والموضوعية.
يصف التوحيدي أعذب الكلام بالرقة والعذوبة واللطف والجمالية.
قد تستقيم هذه الصفات في التعامل مع الكلام شكلا، ولفظا أكثر مما تنسحب على
المعنى، والدلالة فهل يدعونا التوحيدي الى روح البيان في اللفظ الجسد والمعنى
الروح أم يدعونا الى بينا قيمته في ظاهرته الصوتية؟
تحرير الخاتمة:
مال التوحيدي في النص الى المحاججة فانتج نصا حجاجيا موضوعه مقاييس الجودة في
النظم والنثر وزاد فربط المسألة بالمبحث اللغوي من خلال نظرية التواصل اللسانية
وما فيها من تركز على الوظائف الاجتماعية للغة. فانتهى الى تأسيس تصور بياني
للكلام يربطه بنصوص مؤسسة ويستمده من أقوال مأثورة فيكرر من خلالها شروطا جمالية
أدبية عربية راسخة في عمود الشعر. لكن هل حافظ على نفس هذه الرؤية النقدية للشعر
والنثر في مقابساته ضمن مجالس العلماء؟
تحرير المقدمة:
مثلت مسامرات التوحيدي لابن سعدان المدونة بعدها لابي الوفاء المهندس مرجعا مهما
في الانفتاح النقدي على مشاغل الثقافة في القرن الرابع ببغداد. وقد تناولها
التوحيدي بعثل باحث مسؤول مجادل كما هو الشأن في مسامرة الليلة الخامسة والعشرين
التي اقتطع منها نص » في مراتب النظم والنثر » نصا حجاجيا يشتغل على
المفاضلة بين الصناعتين مما يسمح بابراز رؤية نقدية لدى أديب ناقد جمع الابداع
بالكتابة والقراءة في نقدها.
فما الذي يميز النص لديه من تماسك في بنيته بين جنس المسامرة ونمط الحجاج؟ وما هي
مقاييسه الادبية ومراجعه الثقافية في تناول الصناعتين بالنقد؟ والى اي مدى خلا هذا
العرض التوثيقي للمفاضلتين من بروز الذاتية ومن الانحياز الى الصناعة؟
هذا التحليل مقتطف من كتاب: « المنهاج الجديد في المقال وتحليل النص – الطريق الى البكالوريا – الجزء الأول – 2010 »