في هذه الصفحة، نعرض عليكم نص التدريب، على أن تجدوا الاصلاح في هذه الصفحة (اضغط هنا).
للحصول على المنهجية: اضغط هنا
للحصول على كيفية نقد نص التوحيدي: اضغط هنا
للحصول على كل ما يخص التوحيدي من شرح نصوص وملخصات ومقدمات: اضغط هنا
النص:
عنوان النص: غريبة أيام الفتن
قال: (الوزير ذات ليلة)… فهل سمعت في أيام الفتنة (1) بغريبة؟
قلت: كل ما كنا
فيه كان غريبا بديعا، عجيبا شنيعا، حصل لنا من العيّارين (2) قوّاد، وأشهرهم ابن
كبرويه، وأبو الدّود، وأبو الذباب، وأسود الزّبد، وأبو الأرضة، وأبو النوابح،
وشنّت الغارة، واتصل النهب، وتوالى الحريق حتى لم يصل إلينا الماء من دجلة، أعني
الكرخ (3). فمن غريب ما جرى أن أسود الزّبد كان عبدا يأوي إلى قنطرة الزّبد ويلتقط
النوى ويستطعم من حضر ذلك المكان بلهو ولعب، وهو عريان لا يتوارى إلا بخرقة، ولا
يُؤبه به، ولا يُبالى به، ومضى على هذا دهرا، فلما حلّت النفرة أعني لما وقعت
الفتنة، وفشا الهرج والمرج، ورأى هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف وأعلمه،
فطلب سيفا وشحذه، ونهب وأغار وسلب، وظهر منه شيطان في مسك (4) الانسان، وصُبح
وجهه، وعذُب لفظه، وحسُن جسمه، وعَشَقَ وعُشِقَ، والأيام تأتي بالغرائب والعجائب،
وكان الحسن البصري يقول في مواعظه: » المعتبَر كثير، والمعتبِرُ قليل ».
فلما دُعي قائدا وأطاعه رجال وأعطاهم وفرّق فيهم، وطلب الرئاسة عليه صار جانبه لا
يُرام، وحماه لا يُضام.
فمما ظهر، من حسن خلقه – مع شره ولعنته، وسفكه للدم، وهتكه للحرمة، وركوبه للفاحشة، وتمرده على ربه القدار، ومالكه القاهر – أنه اشترى جارية كانت في النخاسين عند الموصلي بألف دينار، وكانت حسناء جميلة، فلما حصلت عنده حاول منها حاجته، فامتنعت عليه، فقال لها: ما تكرهين مني؟ قالت: أكرهك كما أنت. فقال لها: فما تحبين؟ قالت: أن تبيعني، قال لها: أو خير من ذلك أعتقك وأهب لك ألف دينار؟ قالت: نعم، فأعتقها وأعطاها ألف دينار بحضرة القاضي ابن الدقاق عن مسجد ابن رغبان فعجب الناس من نفسه وهمته وسماحته، ومن صبره على كلامها، وترك مكافأتها على كراهتها، فلو قتلها ما كان أتى ما ليس من فعله في مثلها. قال الوزير: هذا والله طريف،…. فكيف سلمت؟ قلت: ومتى سلمت؟ جاءت النهابة الى بين السورين وشنوا الغارة واكتسحوا ما وجدوا في منزلي من ذهب وثياب وأثاث، وما كنت ذخرته من تراث العمر وجرّدوا السكاكاين على الجارية في الدار يطالبونها بالمال، فانشقت مرارتها، ودفنت في يومها، وأمسيت وما أملك مع الشيطان فجرة، ولا مع الغراب نقرة.
أيها الشيخ – وفقك الله في جميع أحوالك، وكان لك في كل مقالك وفعالك – إنما نثرت بالقلم ما لاق به، فأما الحديث الذي كان يجري بيني وبين الوزير فكان على قدر الحال والوقت والواجب، والاتساع يتبع القلم ما لا يتبع اللسان والروية تتبع الخط ما لا تتبع العبارة، ولما كان قصدي فيما أعرضه عليك، وألقيه إليك، أن يبقى الحديث بعدي وبعدك، لم أجد بدا من تنميث يزدان به الحديث، وإصلاح يحسن معه المغزى، وتلكف يبلغ بالمراد الغاية، فيلقم العذر عندك على هذا الوصف، حتى يزول العتب، ويستحق الحمد والشكر.
أبو حيان التوحيدي – الامتاع والمؤانسة – الليلة الثامنة والثلاثون…
الشرح اللفظي:
1- الفتنة: فتنة بغداد سنة 362 هجري.
2- العيارون: فتيان الاحياء يتولون قطع الطرقات وسلب الناس ونهب البيوت.
3- الكرخ: منطقة فلاحية في أحواز بغداد.
4- مسك إنسان: ثوب الانسان.
الاسئلة: حلل النص تحليلا مسترسلا، مستعينا بالاسئلة التالية:
– قطع النس خارجا وداخليا مستفيا من أطراف المسامرة ومن القصص المضمن.
– ما الذي ميز أسلوب التوحيدي ولغته داخل النص؟ وهل ترى ذلك محققا للامتاع والمؤانسة؟
– أي مواقف يتبناها التوحيدي من الفتن؟ ما الذي يبرر التشنيع بصورة أسود الزبد؟
– يستفيد التوحيدي من حركات نصه بين المشافهة والتدوين. تبين أثار هذا الوعي على بنية النص ووظائفه ومقاصد تدوينه.