تدريب عدد 2 في شرح نص للتوحيدي – بكالوريا آداب (النص)
النص: المفاضلة بين النظم والنثر – التوحيدي – الامتاع والمؤانسة
للحصول على المنهجية: اضغط هنا
للحصول على كيفية نقد نص التوحيدي: اضغط هنا
وقال – ادام الله دولته – ليلة: » أحب أن أسمع كلاما في مراتب النظم والنثر، والى أي حد ينتهيان، وعلى أي شكل يتفقان، وأيهما أجمع للفائدة، وارجع بالعائدة، وأدخل في الصناعة، وأولى بالبراعة؟ »
فكان الجواب: » إن الكلام على الكلام صعب… قال: ولِمَ؟ قلت: » لان الكلام على الامور التي تنقسم بين المعقول وبين ما يكون بالحس ممكن. فأما الكلام على الكلام فإنه يدور بعضه ببعضه، ولهذا شق النحو وما أشبه بالنحو من المنطق، وكذلك النثر والشعر وعلى ذلك. وقد نال الناس في هذين الفنين ضروبا من القول لم يبعدوا فيها عن الوصف الحسن والانصاف المحمود والتنافس المقبول… وأقول ما وعيته عن أرباب هذا الشأن، والمنتمين لهذا الفن.
سمعت أبا حامد
الكرخي صالح بن علي يقول: النثر أصل الكلام والنظم فرعه، والاصل أشرف من الفرع،
والفرع أنقص من الأصل، لكن لكل واحد منهما زائنات (1) وشائنات. قال: ومن شرفه أن
الكتب القديمة والحديثة النازلة من السماء على ألسنة الرسل بالتأييد الإلاهي مع
اختلاف اللغات، كلها منثورة مبسوطة. قال: ألا ترى ان الانسان لا ينطق في أول حاله،
من لدن طفوليته الى زمان مديد إلا بالمنثور المتبدد والميسور المتردد، ولا يلهم
إلا ذلك ولا يناغى إلا بذلك وليس كذلك المنظوم لأنه صناعي.
وأما ما يفضل النظم به على النثر فأشياء سمعناها من هؤلاء العلماء الذين كانت سماء علمهم درورا (2) وبحر أدبهم متلاطما وروض فصلهم مزدهرا وشمس حكمتهم طالعة وأنا آتي على ما يحضرني من ذلك منسوبا إليهم. قال السلامي من فضائل النظم أنه صار لنا صناعة برأسها، تكلم الناس في قوافيها وتصرفوا في بحورها وقال أيضا: والغنا معروف الشرف، عجيب الأثر، عزيز القدر، ظاهر النفع، في معاينة الروح ومناغاة العقل وتنبيه النفس واجتلاب الطرب وتفريج الكرب.
وقال ابن نباتة: من فضل النظم أن الشواهد لا توجد إلا فيه، والحجج لا تؤخذ إلا منه، أعني أن العلماء والحكماء والفقهاء والنحويين واللغويين يقولون: قال الشاعر: » وهذا كثير في الشعر » و »الشعر قد أتى به ».
وفي الجملة أحسن الكلام ما رقّ لفظه، ولطف معناه، وتلألأ رونقه، وقامت صورته بين نظم كأنه النثر ونثر كأنه نظم، يُطمع مشهوده بالسمع، ويمتنع مقصوده على الطبع، حتى إذا رامه مريغ (3) حلّق (4)، وإذا حلق أسفَّ، أعني يبعد عن المحاول بعنف، ويقرب من المتناول بطلف.
قال – أدام الله دولته، وكبت أعداءه -: قدم هذا الباب فقد على ما أظن أنه يؤتى عليه ويُهتدى إليه _إن شئت_ وانصرفت.
أبو حيان التوحيدي – الامتاع والمؤانسة – الليلة 25 ج 02.
الشرح اللفظي:
1- زائنات: ما زان الكلام أي جمّله.
2- الدرور: الخصيبة المعطاء.
3- المريغ: هو الطالب.
4- حلّق: علا وطار.
الاسئلة: حلل النص تحليلا أدبيا مسترسلا معتمدا على الاسئلة التالية:
– تبين خطة النص الخارجية في المسامرة والداخلية في المحاججة وادرس دورهما في الاقناع بالموقف.
– ما الذي تكشفه المفاضلتان المتقابلتان من ملامح الحياة الادبية في عصر التوحيدي؟.
– تبين موقف التوحيدي من المفاضة وادرس أثره على اختيار الحجج وترتيب المواقف؟
– ما الذي يستند إليه التوحيدي من رؤى نقدية أدبية في إجمال القول نهاية المحاججة؟ حدد علاقته بتعريف الشعر عن المعري بعد. هل تبدو لك مقاييس التوحيدي قابلة للتحقق في الكلام؟