ملخص محور الخصوصية والكونية للبكالوريا شعب علمية
كيف يمكن للثقافة أن تضمن المحافظة على خصوصيتها وهويتها دون أن تواجه تناقضا بين ماضيها وحاضرها؟ بأي معنى يمكن لثقافة ما أن تتواصل مع ثقافة أخرى دون أن يسبب ذلك فقدان خصوصيتها أو اختراق هويتها؟ على أي نحو يمكن التواصل بين الثقافات مثمرا وبناءا وليس مهددا محطما؟
معنى الهوية الثقافية:
الهوية تتحدد وفق جدلية الماضي والحاضر من خلال الانتماء الى تراث ثقافي يجسم أصالة وبالإعلان عن موقف حداثي يلاقي الثقافات الأخرى. وكل هوية تجسم خصوصية تتحدد بناء على أنظمة تواصل ورموز أو وسائط مثل اللغة والدين والاسطورة والصورة… وهو ما تشترك فيه جميع الثقافات: تنوع الثقافات داخل وحدة الإنسانية: وحدة الكثرة: وحدة الثقافة الإنسانية وكثرة الثقافات وتنوعها. الهوية هي ما يحدد موقع الثقافة وموقفها الحامل للقيم والأفكار والمشاعر ومختلف الابداعات. فالهوية ذات طابع مركب يشتمل على ما هو محلي خاص وما هو كوني.
تستمد كل ثقافة خصوصيتها من لغتها ودينها ورموزها.
اللغة: نظام رمزي تلتقي فيه جميع الابداعات الثقافية مما يسمح لها بأن تكون مصدر خصوصية تحمل مخزون تجارب المجتمع، ومتى هيمنت لغة أخرى يتسبب ذلك في طمس اللغة الأصلية وبالتالي الهوية مما ينجم عنه غزو ثقافي على نحو ما تمارسه اليوم مثلا العولمة عبر ادعاء ان الإنجليزية هي لغة العلم.
المقدس: ذو صبغة رمزية يرتبط بما هو متعالي ومفارق فيتقابل مع الدنيوي والمرئي. هو أحد السمات المميزة للهوية الثقافية يستمد منه المجتمع وحدته وتماسكه ويستمد منه الانسان شعوره بالانتماء الذي يجعله مرتبطا بالآخر.
الصورة: أساس وسائطي يضمن التواصل وتعد الوسيط الأكبر للثقافة الراهنة، مما بوّأها مكانة أرفع من اللغة ومما جعل الفرجة (مجتمع الفرجة أو المشهد) اليوم تعوض الحوار.
توظيف الصورة ثقافيا تحت توجيه منطق غزو السوق أو الغزو الثقافي بموجب الثورة الرقمية وتكنولوجيا الاتصالات، تسبب في تفاوت على مستوى الإمكانيات، فمن يهيمن على مصادر الصورة وتقنيات انتاجها وترويجها استغل ذلك من أجل السيطرة على الاخرين وترويج قيم ثقافية أحادية، نمطية، تمثل ثقافة التماثل والتشابه التي تهدد الخصوصيات الثقافية كما تهدد الكونية الثقافية.
الاخطار
المهددة للخصوصية
الثقافية:
من ينغلق حول هويته فيرفض التنوع والحوار بدافع تعصبه لانتمائه يسبب موتا للثقافة.
من ينفتح على الثقافات المختلفة ويتبادل معها تأثرا وتأثرا على أساس الحوار.
من يعتقد في أفضليته ويسعى الى الهيمنة على الخر – صدام الحضارات وصراعها (المركزية الثقافية).
أشكال العلاقة بين الثقافات:
انغلاق الثقافة على نفسها يقودها إلى العزلة مما يمنعها من تطوير مقوماتها ومن الاسهام في بناء صرح كوني.
اعتقاد الثقافة في افضليتها وادعاء مركزيتها بمقتضى تفوقها العلمي والتقني يتسبب في الاستعلاء على الغير والعمل على اخضاعه وطمس هويته.
صراع بين الثقافات يفرز واقعا صداميا يمنع من اللقاء والحوار بين الثقافات فيعمق الفوارق ويغذي فكرة كونية مزعومة تكون على طراز الثقافة المركزية مثل الثقافة الغربية اليوم.
الايمان بوحدة الثقافة الإنسانية المراهنة على الكونية يتوقف على الاعتراف المتبادل بين سائر الثقافات ببضعها البعض والعمل على الواصل عبر اختلافها بما يرسي دعائم الحوار الذي يسمع بالتلاقح الثقافي.
اعتبرت الثقافة الغربية القيم التي انتجتها في مرحلة تنويها وحداثتها الفكرية بمثابة القيم العالمية، فاتجهت نحو تسويقها وتعميمها بشكل يهدد الخصوصيات الثقافية، وهو ما يتراءى إما من خلال السعي نحو دمج ثقافة الاخر بالقوة مما يؤدي الى موت الثقافة، وإما عبر ادعاء عالميتها والترويج لفكرة كونيتها مما يقود إلى إذابة الخصوصية مثل ما تمارسه اليوم العولمة الثقافية. فالكونية مهددة بالهلاك من جراء العولمة.
العولمة وهيمنة النموذج:
العولمة اليوم ظاهرة بارزة في حياة كل شعوب العالم دون استثناء بمقتضى ما تعنيه من دلالة تقوم بالأساس على اختراق كل الحدود التي تفصل مناطق العالم عن بعضها البعض على ضوء ما تحقق من لدن الثورة المعلوماتية وتكنولوجيات الاتصال، وكذلك بناء على تحويل العالم الى قرية تكون أقرب الى سوق المبادلات. أصبحنا قادرين اليوم على ان نرى مشهدا واحدا هو الذي تنقله إلينا الحضارة المستأثرة بوسائل الاعلام والهيمنة على صناعة القرار في جميع المجالات، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، خلف العولمة الثقافية تتوارى نزعات عنصرية مآرب إثنية تغذي التفوق العرقي وتدافع عن تراتبية في العالم وتفاضل في العوالم (عالم متقدم وآخر متخلف وغيرهما همجي أو بدائي أو غير ذلك من التسميات المحقرة للإنسان…).
الكونية المنشودة:
مشاهد إيجابية
اقترنت بظاهرة العولمة ولايمكن التغاضي عنها أو انكارها، من قبل ما تحقق على مستوى
التواصل من تقارب بين
الشعوب، علاوة على ما أنجزته ثورة الاتصالات من نتائج لطالما تطلع الانسان الى تحقيقها
في ظل قهر المكان والزمان. فمجرد ما تمكن الانسان اليوم من تخطي العصوبات المرتبطة
بالمكان والزمان حتى توصل الاقتراب أكثر من الغير والاحاطة بتراث إنساني كوني
كان يجه مداه واتساعه وابعاده. يتعين أن نشيد ما أطلق عليه البعض « عولمة مضادة »
تسمح ببزوغ أمل الانسان في قيم العدل والتسامح والسلم بما هي قيم كونية
لا تحتاج الى من يبرهن على احقيتها أو يدافع عن ضرورة انتشارها في مختلف أرجاء
المعمورة.