الزمن في القرآن – بكالوريا آداب
مفهوم الزمن والدهر:
مفهوم الزمن:
هو مدّة قابلة للقسمة يطلق على الكثير والقليل.
دلالة الحضور في الزمن
في الغيب:
السّرمد، الأبد، الخلد: زمن مطلق يختصّ الله بعلمه ويعجز العقل عن إدراكه.
في الشّهادة:
اليوم، الوقت، الحين، الشّهر، السّنة…
زمن نسبيّ: زمن طبيعيّ يقدّر العقل على الإحاطة به.
الدهر:
ينقسم الدهر إلى قسمين. الأول هو الدّهر البسيط أو الإضافيّ أو الشّرطيّ وهو اسم لمدّة العالم من مبدئ وجوده إلى انقضاءه وهو كل مدّة طويلة وكثيرة إذ يمثل الزمن. حيث قال تعالى: “هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا” الانسان 1. أما الثاني فهو الدّهر المطلق وهو الذّات الّتي هي أقدم الذّوات على الإطلاق وأتمها وهذه الذات الإلهية. حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” قال الله:” يسب بنو آدم الدّهر وأنا الدّهر بيدي اللّيل والنّهار” – أخرجه البخاري في كتاب التّوحيد.
الزّمن في القرآن الكريم:
أعطى القرآن الكريم أهميّة بالغة للزّمن بأجزائه وتبرز هذه الأهمية من خلال القسم، حيث أقسم الله بالزمن وبمكوناته كالفجر والضّحى والعصر واللّيل… فالزّمن من القضايا المقدّسة في الحياة لذا وجب النّظر إليه نظرة واعية متفهّمة. حيث قال تعالى:” والفجر وليال عشر”.
كما قال:” والضحى والليل إذا سجى”. وقد ارتبطت معظم العبادات في التّشريع الإسلامي بمواعيد زمنيّة محدّدة وثابتة كالصّلاة والصّيام والحجّ. بحيث أن آدائها لا يتحقّق إلا عن طريق الالتزام بأوقاتها حسب اليوم والشّهر والسّنة. فالزّمن شرط لصحّة العبادات. إذ قال تعالى:” يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ” البقرة 189.
يقوم الدّين بمصالح النّاس لذلك حرّم الله القتال في أربعة أشهر (ذو القعدة – ذو الحجة – محرم – رجب) وجعلها أشهر سلم بين النّاس. حيث قال تعالى:” إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ” التوبة 36.
القرآن ووعي الزمان:
الدلالة الإنسانيّة للزّمان دلالة حضاريّة فعمر الإنسان لا يحدّد بالزّمن الّذي عاشه بل بنوع العمل الّذي أدّاه. فالقيمة بالنّتائج الّتي تتركها الأحداث والأفعال والإنجازات البشريّة. قال صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له”. الصحيح.
اختلاف اللّيل والنّهار له أثاره في أجسامنا وعلى عقولنا فلا بدّ من الاستفادة منه بالكدّ والفعل ابتغاء فضل الله وباكتشاف ما وراءه من الحقائق والأسرار الكونيّة ممّا يبعث الحيويّة والتّجدّد في حياة الإنسان. قال تعالى:” يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ” النور 44.
المفهوم الإسلامي للزّمن يجعل منه باعثا للأمل والثّقة والوعي في الإنسان ليصبح مسؤولا عن زمانه محدّدا لمعالمه وخصائصه مؤكّدا عبره وجود الله ووحدانيته لذلك تجده حركيّ، فاعل، لا معنى للجمود عنده. تأكيدا لقوله تعالى:” يا أيّها الإنسان إنّك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه”.
على الإنسان أن يتجاوز ويزيل كل المعوقات والعراقيل التي تتحكم في حركته وتمنعه من السّعي الحثيث لتوظيف الزّمن أكمل توظيف.
الإنسان مدعوّ إلى التّفكر لكشف وفهم أسرار الكون والزّمن واستثمارها لصالحه لقوله تعالى:” إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآيات لأولي الألباب” آل عمران 190.
ومن مظاهر تحقّق ذلك ما توصّل إليه الإنسان من نتائج عمليّة تؤكّد فاعليّته في الكون وتتوافق مع منهج القرآن في الاستدلال من ذلك إثبات عمر الأرض وعمر الحياة عليها كدليل على وجود الخالق. فإن كان للكون بداية ونهاية فهو مخلوق وحادث ولا بدّ له من محدث خالق وهو الله. لقوله تعالى:” قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ “. العنكبوت 20.
فالإنسان في صراع دائم بين الآجال والأعمال فمن لم يستثمر الزّمن لإصلاح العمل فهو مخلّ بالأمانة الّتي كلّف بها وهي عمارة الأرض ومجانيّة الإفساد فيها
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني