ملخص الشحاذ: التقديم – بكالوريا آداب
يقدم لكم “موقع موسوعة سكوول” ملخص رواية الشحاذ للكاتب المصري نجيب محفوظ. ويمثل هذا المحتوى، الجزء الأول من التلخيص، على أن تجدوا بقيته تباعا، في موقعنا الالكتروني.
من هو نجيب محفوظ؟
ولد نجيب محفوظ سنة 1912 وتثقف ثقافة عربية وانجليزية بالأساس وعاش أحداث ثورة 1919 وهو ابن السابعة من عمره مما جعله يشب مهتما بقضايا الحرية والعدالة. كما عاصر الأحداث السياسية في بلاده والتحولات الاجتماعية زمن الباشوات والاستعمار الإنجليزي. وتخرج سنة 1934 مجازا في الفلسفة.
وقد نُشرت رواية الشحاذ سنة 1965 ضمن مرحلة الكتابات الفلسفية التي نشرها محفوظ بين 1961 و1967 ونجد فيها أيضا “ثرثرة فوق النيل” التي نشرت سنة 1966 و”اللص والكلاب” سنة 1961.
وتصوّر هذه الروايات مأساة أبطال بل يمكن اعتبارهم نماذج روائية تعبر بشكل أو بآخر عن الحيرة والتمزق التي زادتها حنقا، قلقلة التحولات الاجتماعية التي تعيشها. بحيث كانت هذه الروايات رحلة الشخصية وهي تصارع لإيجاد معنى للحياة من خلال الخلل الذي يتحكم في الكون على الصعيدين الاجتماعي والميتافيزيقي وفق ما ذكرته الدكتورة لطيفة الزيات.
وقد قال نجيب محفوظ حول هذه الروايات التي صدرت بين 1961 و1967: “كنت في الماضي أهتم بالناس وبالأشياء، ولكن الاشياء فقد أهميتها بالنسبة لي، وحلت محلها الافكار والمعاني. أصبحت أهتم اليوم بما وراء الواقع”. ويقصد نجيب محفوظ بـ”الماضي” الفترة التي سبقت سنة 1959، أما “اليوم” فيقصد بها بداية من 1961.
رواية الشحاذ
صدرت سنة 1965 ودارت أحداثها في الفترة التاريخية الواقعة بين 1954 و1955. ويتمثل موضوعها الأساسي في فقدان محام في الخامسة والأربعين من عمره شيئا فشيئا رؤية الظواهر، وكفه عن التعلق بالجاه والمال والعمل، وارتفاع “مدائحه” بحثا عن الحقيقة ونشوة اليقين. وفي هذه الرواية، خُلق عمر الحمزاوي ليكون بطلا له.
ما معنى الشحاذ؟
الشحاذ لغة هو اسم مبالغة من “شحذ يشحذ الناس أي يسألهم ملحا. والشحاذ أيضا المتسول أي المستعطي.
ما علاقة “الشحاذ” بـ”عمر الحمزاوي”؟
عمر الحمزاوي المحامي الثري السعيد في الظاهر، البورجوازي المتوسط بعد ثورة 1952، صاحب الجاه الكبير والمال الوفير، ماذا يتسول وماذا يطلب؟
يبدو أن وضعه الاجتماعي قد أحرجه، واكتناز لحمه وشحمه قد ضايقه، فاختلق لنفسه مرضا، وجد أعراضه في ارتخاء وخمود رانا عليه وأفقداه رغبة العمل فزار صديقه القديم الطبيب حامد صبري، فنصحه أن “يقوم” في إجازة… ولكن هذا لم يكن إلا تمهيدا لظهور أعراض مرض آخر أشد خطرا وأبلغ أثرا، مرض داخلي، يتأزم البطل من أجله لأنه يجد في الخلل الاجتماعي وفي البحث الميتافيزيقي نسغه الذي يقويه. فماذا يبتغي الشحاذ إذن؟
إن هذا الشحاذ ليس أعمى وليس متسولا كما يقول محمود أمين العالم، ولكنه عبر الرؤية يفقد شيئا فشيئا رؤية الظواهر، ويكف عن التعلق بالجاه والعمل وترتفع مدائحه شيئا فشيئا بحثا عن الحقيقة ونشوة اليقين… إنه يبحث عن الإجابة عن سؤال كبير، عن معنى الحياة، عن ما هو الله.
إنه يستجدي المعنى، معنًا ضائعا مفقودا…. وإذا هو يتسول… ألم يقل لصاحبه مصطفى يوما:
“عمر: لعل سر شقائي أنني أبحث عن معادلة بلا تأهيل علمي؟
محمود: ولأنه لا يوجد وحي في عصرنا، فلم يبق لك إلا التسول.
عمر: التسول في الليل والنهار… في القراءة المجدبة والشعر العقيم، في الصلوات الوثنية، في باحات الملاهي الليلية، في تحريك القلب الأصل بأشواك المغامرات الجهنمية.”
وعلى هذا النحو، وفي ذلك الموقع، يتضح معنى الشحاذ: التسول طلبا للمعنى المفقود. وللتسول معنى السؤال، كما يقول الأستاذ توفيق بكار، أي الاستنطاق الذي يبدو منذ الفصل الأول في حوار عمر الحمزاوي مع صديقه الطبيب حامد صبري، فيتجلى من هذا الاستنطاق أن هناك أسئلة لا طبيب لها أي لا دواء لها.
“عمر: ألم يخطر لك يوما أن تتساءل عن معنا حياتك؟
الطبيب: لا وقت عندي لذلك. وما دامت أؤدي خدمة كل ساعة لإنسان هو في حاجة ماسة إليها، فما يكون معنى السؤال؟.”
ولا يغادر الشحاذ عيادة الطبيب إلا وفي ذهنه أسئلة عديدة، حتى عن معنى لوحة جدارية معلقة. تأملها مستنتجا أن “ثمة أسئلة بلا جواب فأين طبيبها؟”.
ويتواصل الاستنطاق في كامل الرواية: سؤال وجواب أو سؤال ولا جواب. على لسان عمر الشحاذ وعلى لسان بقية الشخصيات:
“أأنت سعيد؟ هل تؤمن بالله؟
ترى هل تموت الأسئلة إذا قامت دولة الملايين؟
نشوة الفجر شيء أم لا شيء؟ وهل تكمن حقيقة كل شيء في اللاشيء؟ ومتى ينتهي العذاب؟””
إذا هذا تفسير معنى “الشحاذ” عنوان رواية نجيب محفوظ في مرحلة حاسمة من طور الواقعية الجديدة: الشحاذ الذي يظهر في موقف يبحث فيه ويطلب ويستنطق الناس والكون عن سر الوجود…. يقول نبيل راغب في كتابه “قضية الشكل الفني عند نجيب محفوظ””:إنه يتسول النشوة التي ربما غيرت مجرى حياته… لأنه لا عزاء له فيما بلغه من ثراء أو نجاح”.
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني