شخص لا يكف عن التحديق بي دون سبب يدعوه لذلك، إيمانه قد تلاشى فور معرفة حقيقتي وها قد حولني إلى مجرد فكرة قابلة للتعويض في أي لحظة من الآن.
لما أبتليت بهذا السواد الذي يتملكني، أقسم أني لست من يتحكم بعقلي، أفكار شيطانية قد تجعل عدوا ما يتوسل من أجل رحمة شخص دون مصير أو قدر ليحكمه.
وسوسات لا تكف عن التوقف إلا بتحقيق مبتغاها الذي لن تقدر شفتي على الإفصاح به. لم أعد قادرا على تجاوز الأمر كأنه حدث كغيره من الأحداث، كأنه موجة من الصراعات التي لن تؤدي بي إلى غير مكان. موضعي في هذا العالم خاطئ، لست الشخص الذي أدعي أنني عليه، أستحق أن أقيد بغلائل وسط زنزانة من خيبات الأمل التي ستعذبني كلما شاء القدر ذلك.
أليست مؤلمة تلك الإبتسامة التي تعلوا وجوهنا كل يوم، كأننا نحاول أن نكون سعداء دون سبب يدعونا لذلك، كأن العالم يأمرنا بالسعادة، كأنها قاعدة من القواعد التي وضعها بينما أنشأ الكون، أو ربما فريضة ليرى كم أننا بائسون لدرجة إختراع وهم أسميناه مشاعر وأحاسيس.
سرعان ما بدأت أنسى لحظات كانت تعني لي الكثير، أناس لعبوا أدوارا في حياتي وحولوها إلى جحيم بعد أن فروا بكثير من المعاني، بعد أن قضو على مشاعر خلتني محظوظا بإمتلاكها، لن أتغاضى على ساعة كنت قضيتها دون جدوى لمعرفة من أكون، لم أعد أنتظر الكثير، لم أعد أهدي قطعة مني لكل من أعترض طريقه سائر يبحث عن المجهول، يبحث عن حكاية ليعيشها، متوسلا أحداثا لم تتح له الفرصة بمشاركته، و لربما كان يتوسل لرحمة القدر.
كان يرجو أم يتغاضى على أفعال أراد أن يحققها حتى ولو كسر قوانين الحياة ، حتى ولم يجد روحا إنكسر جناحها من كثرة الأوهام، كانت تعتبر أنها جزء من عالم ظنى مهووس ما أنه المنشود.
حقا لم أعد أحتمل ضربة تفقدني كل ما أملك من وعي من أجل شيء لا يستحق التقدير، من أجل نصيب لا حق لي فيه، لم أعد أنتظر سوى ملك موتكم الذي وعد بإنتزاع كل ما أملك من حياة، الذي وعد بتخليصي من عذاب لم أتوقع أنه موجود من الأساس.
لم ترغمني على صنع إبتسامة كادت تقتل كل ما أملك من وعي، لما تجرني إلى عالم منحنا الحرية بإلتزام الصمت، منحنا قيودا خذلتنا كلما ضاق بنا الحال.
بقلم : بهاء الدين العوادي – معهد رأس جبل ببنزرت