ضجيج وجلبة وصراخ، صوت خطوات أقدام ترحل بهدوء ثم سكينة موحشة، كتلك التي كانت ترافقني في الطابق الرابع، إعتدت نور سيجارتي كل ليلة يرقص بين أصابعي في حضرة الظلام لكن السيجارة غابت هذه المرة وحضر الظلام بهيبته المعتادة وكسى كل ما حولي .
لم أعرف التوقيت حينها فلا هاتفي قربي ولا ساعتي اليدوية في معصمي، لا أدري أين أوقعتها، أما هاجس الإنتحار فقد فارقني وللمرة الأولى فإبتسمت كالمنتصر على تلك الفكرة الشيطانية فقد إستطعت إخراجها من رأسي، أغمضت جفوني المتعبة للمرة الأولى وإستسلمت للنوم لكن صوت خربشات في السقف إيقظني، حاولت النهوض فإرتطم رأسي بالسقف، ما الذي يحدث؟ هل السقف إقترب؟ أم أنا من إزدت طولا فجأة؟
إنه صوت نحيب، الصوت ليس بغريب. إنها أمي « لماذا هجرتني؟ من لي بعدك يسند ظهري؟ مزقتني يا ولدي ورحلت، إنهض وستتحسن الأمور أخرج أرجوك » مابالها تنحب؟ لما كل هذه اللوعة؟ ليست المرة الأولى التي أغلق باب غرفتي وأرفض الخروج
حاولت النهوض مرة أخرة لكنني فشلت، والسقف قريب والجدران تحاصرني، ما بال هذه الغرفة اللعينة أصبحت ضيقة، هي تبكي في الخارج وأنا أصارع هذا الرباط والغطاء الذي يشل حركتي، فجأة سكن صوتها ورحلت … « أمي …! هل مازلت هنا؟ .. أمي لا تتركيني، أمي عودي أرجوكي، أخرجيني … أمي …»
صرخت كثيرا لكن الصوت لم يتجاوز حنجرتي وعلمت أن الفكرة الشيطانية هزمتني وأنني هزمت مخاوفي في الفشل وإستسلمت للموت وأيقنت أن ما يحيطني قبر وليس غرفتي …
بقلم: وصال عباسي – ﻃﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﺴﻮﺳﺔ