هجران بقلم: مريم كريمي

هجران

كان يعني لي الكثير يشاركني أحلامي، آهاتي وجولاتي .. قبيل جولتنا الأخيرة هجرني دون إستئذان ولا سابق إنذار رغم أن فراقنا كان محال فهو ابن خالتي !

تسامرني ليلا وترافقني نهارا تشاطرني أحلامها وتستودعني أسرارها هي  » زميلة المقاعد الدراسية  » التي رحلت دون عودة يوم فرقتنا الثانوية ..

فيه بُنيَتْ أحلامي وخُطت أولى أهدافي .. أحفظ كل أركانه وملامح جدرانه فيما يحفظ بدوره ذكرياتنا وهمساتنا .. لم أشأ يوما مغادرة بيتنا لكنّ قدرا ما جعلنا نرحل دون رجعة ..
وحده من صارحني بحقيقة الأمر.. وحده من أخبرني أن اللقاء ليس إلا بداية لفراق .. وحده من أعلمني أنه مفارقني لامحالة .. رحم الله جدي الذي رحل هو الآخر دون سابق إنذار


تفاصيل

تقول :
هو يكبرني بسنة يطلب مني إلحاحا أن أستفسره إن إستعصى علي الدرس .. أتظاهر كل مرة بالبلاهة لأستمتع بطريقة شرحه رغم إستيعابي الجيد للدرس ..

حفظ عن ظهر قلب كل المأكولات التي أجيد طبخها ويظل في كل مرة يسألني فيها عن مهاراتي في الطبخ يتفاجأ فكلها أكلاته المفضلة ..

أظل أسأله كل مرة عن قواعد ترتيل سورة ما ليرسل لي تسجيلا صوتيا كم كنت بحاجته للإسترخاء أو النوم ..

ما يكف البتة عن التعبير بإعجابه بجنود القسام ورغبته في الجهاد ليستمتع بمحاولاتي الجاهدة لإقناعة أن الجهاد لا يكون سوى بالحرب أو الإستشهاد ويختم حوارنا كل مرة بسؤاله الأبله  » هل تخشين موتي ؟ « 

الحب أرقى من أن ينحصر في كلام غزليّ ..

بقلم: مريم كريمي – معهد منزل جميل بنزرت