القلق مشوه الجميل – بقلم: سهيل داعوثي

بعد يوم شاق متعب دخلت غرفتي رميت محفظتي على الطاولة التي لطالما سهرت معي و حملت كتبي و أوراقي المبعثرة و تحمل أحيانا رأسي الذي يفاجئها بسقوطه عليها بعد إنهيار بسبب تفكير عميق في أفكار عابرة لكن بعضها يحلو لها تعكير مزاجي فتتملكني و تجبرني على التذكر


تذكر تلك اللحظات المخزية و خيبات الأمل القاتلة التي لم تقتلني بعد لكنها تكاد تقتل بعض الخلايا فتجعل مني رجل لا يأبه لا عمل للقلب في جسده سوى وظيفته الوحيدة ألا و هي ضخ الدماء، ‏
تجبرني على تذكر تلك الأماني و تلك الأحلام و هل ستتحقق و مالذي يتوجب عليا فعله للوصول ،
بعد أن ألقي المحفظة على طاولتي السند ، أتجه إلى السرير و تطول المسافة فأفكر في كل ربع خطوة في أربعين موضوع و ما هي إلا خمس خوات لأجد نفسي قد وصلت إلى سريري و قد أتممت التفكير في ألف و ثماني مئة موضوع
أسلم أمري للجاذبية و أترك جسدي ليسقط على السرير بنفسه أبقى ممدا على تلك الحالة لبضع لحظات ثم أتقلب على جانبي الأيمن يقابلني سرير أخي فأبتسم فأنا على الأقل لست بمفردي
أستلقي على ظهري ثم أسحب هاتفي من جيبي أدخل لأكمل قرائة كتاب نسيت حتى إسم الكاتب لكن إسم الكتاب إبق قويا 365 يوما أتصفح إلى أن تعترضني جملة تقول « القلق لا يخلي الغد من الأسى بل يخلي اليوم من قوته » لكوري تين بووم
شكرا أخ كوري أنا لا أعرف من تكون حتى لكن مقولتك جائت و طرقت بابي في الوقت المناسب ‏
القلق ‏
كلمة كبيرة في تفسير القلق يقولون أن القلق هو شعور بالخوف من شيء لكن بشرط أن يكون هذا الشيء أي الحدث في المستقبل . ‏
إسئل نفسك سؤال (ما دخلي أنا بالمستقبل )‏
و في هذه المقولة عدة معاني فالقلق من المستقبل لن يخلي الغد من الأسى لأن ما تتوقعه سيحدث بإذن الله سواء خيرا أم شرا فلك ما تتوقع و القلق لا يخلي اليوم من الضعف بل يخليه من قوته ستضعف و تهن أثناء هدر كل طاقتك في التفكير في الغد و الذعر و الخوف منه
كل ما علينا أن نؤكده على أنفسنا هو أننا لا قدرة و لا سلطة لنا على التحكم في الأمور التي هي فائقة على طاقتنا فتسيير الأمور و تدبير الشؤون هي من قدرات الخالق سبحانه عز و جل ‏
فبدلا من هذا حاول أن تقوم ببعض الأمور العملية للإحتياط
مثلا أنت لن تقرر أنه في يوم الإثنين في الأسبوع المقبل ستهطل أمطارا غزيرة لكن إذا كان بمقدورك إشتر مظلة لتكون مستعدا في صورة ما نزلت أمطار
القلق لا يخلي الغد من الأسى بل يخلي اليوم من قوته ‏
و إذا خلى اليوم من قوته سيخلى من الطاقة و البركة و السعادة و ستجد نفسك حزين كئيب محبط من ماضي قد مضى و قلق بشأن مستقبل مازال لم يرى ‏‎
في كتابنا المقدس القرآن الكريم
يقول لنا الله « و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين » آل عمران 139‏
و يقول عز و جل « إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون » فصلت 30 ‏‎
‏‎ ‎يعطي الله في هذين الآيتين سر السعادة شرطين واضحين *الأول ((إن كنتم مؤمنين)) و *الثاني ((قالو ربنا الله ثم إستقاموا))
الإيمان ثم الإستقامة
يحتاج كل منا للنظر في كل إسم من أسماء الله
فننسى أحيانا أن من أسمائه الرافع ،
رافع كل الهموم و كاشفها و مفرجها
فنحزن
و ننسى أن بيده الخير و أن الغد و ما بعده عنده و عنده علمهما و علم ما يليهما من أيام أخرى فنقلق ‏
و ننسى أن لو إجتمع الناس على ضرك فلن يضروك إلا بما يقدر الله ‏
و ننسى أن حسن ظننا بالناس سيجعلنا نلتقي بأشخاص عند حسن ظننا ‏
و إذا أكثرنا من ذم الخلق و توقع السيء منهم و كثرة الشك فمن الطبيعي أن تكون تلك النتيجة ‏‎:(‎‏
فلنعطي بعض الأمور نظرة إيجابية و كفانا ظن سيئ بالله و بعباده
فليس الكل كما يظهر ربما هو هو أرقى منك لو تكلمت معه و ربما أفقه منك في أمور عدة والله أعلم بالقلوب
و ليس الملاكي بمتشدد و ليس المحجبة بمعقدة و ليس الأسود حزينا و ليست كل الأمور كما تران أعيننا …
تجنبوا القلق بشأن المستقبل و بشأن الناس و بشأن تصرفاتهم كله بيد الله
المستقبل بيد الله و قلوب الناس هو مقلبها و تقولهم هو مصلحها و الهموم هو رافعها و السيئات هو دافعها و مكفرها و الخير هو باعثه في الأرض و بعث الشر لتميزوا بينهما
و كل هذا آيات لأولوا الألباب

بقلم: سهيل داعوثي – IHEC Sousse