رسالة الى والدي المتوفي .
اهلا ابي ، اشتقت اليك..
اليوم ابلغ من العمر الواحدة بعد الخمسين .
هل تذكر؟
لقد انجبتني في العام السابع و الستين من القرن الماضي.
ابتي، اتذكر هذه السنة التي صنعتني فيها؟
انها سنة هزيمة .
في هذه السنة ، انهزم العرب جميعا امام جيش الاسرائليين.
هل تذكر؟
لا بد انك تذكر تلك الهزيمة ، الهزيمة لا تنسى ابدا،
اليس كذلك؟
الهزيمة بشعة ، قاتلة للروح و للوجدان و للنفس.
اليس كذلك؟
طبعا هو كذلك.
اذن اسالك ، وعفوا ابتي اني أسأت الادب –
كيف لرجل منهزم ان يضاجع امراة، ان يمارس الحب و هو مقتول، ان
يتمتع بالجنس وهو مهزوم ، مكسور؟
هل كنت تمارس الجنس طوال ليالي هزيمتك؟
هل كان الجنس وسيلة لاثبات هزيمتك؟
ابتي، العرب قديما كانوا اذا خسروا حربا ، يعتزلون النساء حتى
ينتصروا . و انت ؟
انت قررت ان تضاجع النساء حتى تنهزم اكثر و اكثر.
قلي، كيف ضاجعتها تلك الليلة؟
اي ليلة؟
ليلة صنعتني من هزيمتك .
هل استمتعت حتى النشوة ؟
هل كنت انت من دعاها لفراشك ام هي من دعتك؟
وهي ، كيف كانت؟
هل تجملت لك؟
هل و ضعت السواك في فاهها ؟ و كحلت عينيها بمرودها؟
و سرحت شعرها بمشطها ؟
هل ذهبت « للحمام » و رجعت منه فائحة الرائحة،
مرتبكة ، خجلة ان يتفطن احد الابناء الكبار الى ما ترنو اليه تلك
الليلة ؟
كيف كنت معها ؟
هل عانقتها عشقا ؟
ام كنت باردا لامباليا ، بعد ما فعلته فيك كميات الخمرة التي
ابتلعتها؟
وهي ، هل احبتك ؟
هل اصدرت اصواتا متاوهة من شدة التلذذ ؟
ام كانت كعادتها، تحاول ارضاء رغبتك في الجماع؟
قلي ، كم عاهرة جامعت قبل ان تصل اليها ؟
و هي ، هل تفطنت لذلك ؟
تفطنت لكن لم تصرح باي شيء .
انها كعادتها ، يابى عليها كبريائها ان تساوي بينها و بين
عاهراتك . ترى في ذلك استنقاصا من انوثتها .
و انت ، هل كنت سعيدا بموقفها ؟
الم تكن تراه استنقاصا من رجولتك ؟
انها تابى ان تبدي غيرتها عليك .
انها امراة شغوفة بذاتها ، لا تراك موضعا لتنافس عليك احدى-
او كل عاهراتك؟
كان يؤلمك ذلك؟
اليس كذلك؟
الم تكن تضاجعها انتقاما لكبريائك من كبريائها؟
وهي ، الم تكن ترفض مضاجعتك انتقاما لكبريائها من
كبريائك؟
و تلك الليلة ، لماذا ضاجعتك اذن ؟
اكانت تريد التمتع برجل مهزوم ؟
و كيف لرجل مهزوم ان يمتع بانوثة امراة ؟
ام ان هزيمتك كانت فرصة لها ، لهزيمتك مرة اخرى .
هزيمة ، بيديها هي ، بسلاحها هي .
ليس بيد الاسرائيلي و سلاحه ؟
هل نجحت ؟
هل هزمتك تلك الليلة ؟
ام هل هزمت نفسها بك ؟ و هزمت نفسك بها ؟
هل كانت مضاجعتكما لبعضكما البعض ليلة لممارسة
الهزيمة ؟ ممارسة هزيمة الحرب بهزيمة النفس ؟
هزمتك لتهزمها و هزمتها لتهزمك .
وكنت انا ، هزيمة من الهزيمة .
انكسارا من الانكسار .
و موتا من بين الاموات ……
الامضاء
ابنتك -دجلة-
نجلاء نصائرية – المعهد الاعلى للعلوم الانسانية و الاجتماعية بتونس