درس القديس أوغسطينوس – تاريخ / أولى ثانوي

درس القديس أوغسطينوس – تاريخ / أولى ثانوي

لم يقتصر ازدهار ولاية افريقيا البروقنصلية على العمران والاقتصاد بل شمل كذلك الحياة الفكرية والثقافية وقد زخرت قرطاج بعديد الشخصيات البارزة في عديد المجالات ومن بينها شخصية القديس اوغسطينوس. فمن هو اوغسطينوس. وأي عوامل مؤثرة ساهمت في تكوين شخصيته وما هي ّأبرز اسهاماته الفكرية؟

I- العوامل المؤثرة في تكوين شخصية اوغسطينوس:

1- النشأة والظروف العامة:

ينتمي اوغسطينوس إلى أصول نوميدية وقد ولد في تاغست، سوق أهراس حاليا من أب وثني وأم مسيحية وعاش بين 345م و430م حيث مات بهيبونا عنابة حاليا وقد عاش في فترة تميزت بتأزم أوضاع الامبراطورية الرومانية:

أ- على المستوى الداخلي:

افضى الصراع على السلطة إلى تقسيم الامبراطورية الى جزئين شرقي وغربي منذ سنة 395 ميلادي جزء غربي عاصمته روما وجزء شرقي عاصمته قسطنطينية.

وقد اصبحت الديانة المسيحية ديانة رسمية منذ سنة 380م في عهد الامبراطور تيودورس.

وقد انقسم المسيحيون الى فرق متناحرة.

ب- على المستوى الخارجي:

كانت الامبراطورية الرومانية تتعرض إلى هجمات الشعوب البرابرة، القوطية والسلافية التي أسفرت عن سقوط روما سنة 410 ميلادي.

2- تكوين اوغسطينوس الفكري والاجتماعي:

درس اوغسطينوس وولد بتاغست وبمادوروس ثم بجامعة قرطاج وقد تشبع اوغسطينوس بالآداب اللاتينية كالخطابة والمسرح وبفلسفة افلاطون وافلوطين وهم فلاسفة يونانيون ودرّس الآداب والبلاغة ببلاط الامبراطور في ميلانو كأستاذ للآداب واللغات. أين تعرف على الاسقف أمبرزيوس واعتنق المسيحية ويعتبر ذلك أهم تحول في حياته حيث شغل منصب أسقف هيبونا حتى وفاته سنة 430م.

ساهم التكوين الفلسفي لاوغسطينوس في بناءه لفلسفة مسيحية أثرت في كامل التفكير الغربي حتى الازمة الحديثة.

3-أهم مؤلفاته:

ترك اوغسطينوس 252 كتابا في 92 مجلدا وقد هيمن على هذه المؤلفات الفكر الديني مثل الاعترافات وتعلم المسيحية والمعلم ومدينة الله.

II- بعض ملامح فكر اوغسطينوس:

1- في المجال الديني:

كان اوغسطينوس مسيحيا كاثوليكيا متمسكا بأصول الدين المسيحي وقد حارب الكفر والضلال من خلال مقاومته للوثنية وللفرق المسيحية المنشقة وفي مقدمتها الدوناتية وهي فرقة مسيحية منشقة عن الكنيسة الكاثوليكية وقد عرفت هذه الفرقة بشددها وتعصبها.

وقد دافع عن وحدانية الله ونزهه عن التجسيد وركز على الجانب الروحي للإيمان الذي اعتبره الهاما داخليا.

التأثر بالأفلاطونيين الجدد وخاصة مؤلفات أفلوطين وهو فيلسوف يوناني اتجه نحو التصوف.

2- في المجال الاجتماعي والسياسي:

دعا اوغسطينوس الى التسامح والوفاق والتآخي بين الافراد والشعوب لأنها عناصر بقاء وتطور المجتمع واعتبر العدالة ركيزة أساسية يقوم عليها الوفاق الاجتماعي لأنها تحقق الوفاق حول القانون واعتبر السلم قاعدة عامة لكل المجتمعات واعتبر الحرب ليست غاية الا في ذاتها انما هي مرحلة تكوين ضرورية في بعض الاحيان لاستعادة السلم.

تميز اوغسطينوس بتفكير الانساني وبمنظومته الاجتماعية التي تعد النشأة الأولى للحداثة ونجد صدى هذا التفكير لدى فلاسفة العصر الحديث خاصة ديكارت.

3- في المجال التعليمي:

اعتبر القديس اوغسطينوس الاقناع الواعي طريقة ناجعة لاكتشاف الحقيقة واكد ان اصلاح الاخطاء هي طريقة مثلى للتعلم واكد على ضرورة التواصل بين المعلم والمتعلم عبر القول « انظر مثلث المعرفة عند القديس اوغسطينوس في الكتاب المدرسي ص81 » ويعتبر القديس اوغسطينوس أن الحيرة وجدية التفكير هي الطريقة المثلى للتعلم والوصول الى الحقيقة الاكثر وضوحا.

خاتمة:

ضل القديس اوغسطينوس نموذجا لاشعاع المثقفين الأفارقة في الفترة الرومانية ومرجعا لعديد المفكرين المسيحيين في العصور الوسطى والحديثة.