الإنسان بين الغيب والشهادة – بكالوريا آداب
معاني الغيب والشهادة:
الغيب:
يُطلق على الجزء الذي لا يمكن إدراكه حسيّا ولا يمكن تجربته أو قيسه ولا تطوير المعرفة به.
الشهادة:
تسمية تطلق على الجزء المادي من العالم أي الجزء الواقع تحت الإدراكين الحسي والعقلي للإنسان وهو ما يمكن تجربته وتفسيره وقيسه. قال تعالى:” ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالَمِ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون” الجمعة 08.
أنواع الغيب:
غيب مطلق أي غيب حقيقي:
هو الغيب الذي استأثر الله بعلمه وليس ليأخذ من خلقه معرفة لا نبي مرسلا ولا ملكا لقوله تعالى:” وَعِنْدَهُ مَفَاتِحَ الغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا هُوَ” الأنعام 59. مثل الروح والساعة والموت. فما أظهره الله تعالى من غيب مطلق على يد بعض الأنبياء ليس كسبا منهم بل هو من مقتضيات التّكليف يمدّ به الله كدليل على صدق نبوَّته ورسالته.
غيب إضافي أي غيب نسبي:
هو الذي يعلمه بعض الخلق دون البعض لأسباب وتتفاوت بإمكانيّة الاطلاع عليه بحسب الظروف والأفراد والزمان والإمكانيّات كتحديد نوع الجنين والتّكهّن بالطّقس وغير ذلك.
موقع الغيب من الإيمان:
الإيمان بالغيب مقوّم أساسي من مقوّمات الدين والإيمان به واجب لقوله تعالى:” الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” البقرة 1 – 5.
يمدح الله المتّقين وهم الذين يؤمنون بالغيب ويعتبرهم من المفلحين. فالإيمان بالغيب يتم بطريقتين، الأولى من خلال التّفكير والتّأمّل والنّظر والاستدلال العقلي الذي يتكبّد فيه الإنسان المشقّة والعناء لإدراك صنف من الغيب كصفات الله، الآخرة …. والثانية من خلال التّسليم بما جاء به الغيب كمعرفة ذات الله تعالى مثلا. حيث لم يكشف الغيب لنا شيئا منها سوى أنه عرّفنا على أسماء الخالق وصفاته وألزمنا بها ونهانا عن التّفكير خارج حدودها. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” تفكّروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق إنّكم لا تقدرون قدره”.
العلاقة بين الغيب والشهادة:
إنكار عالم الشهادة:
يؤدي إلى تعطيل قدرات الإنسان الإبداعيّة وفاعليّته وتعطيل عمل العقل والعجز عن فهم حقائق الحس فضلا عن عزل القرآن عن الواقع.
إنكار عالم الغيب:
يؤدي الى الوقوع في الضلالة والتبعية وإلقاء الإنسان في دنس المادة والعجز عن فهم حقائق التكليف والإيمان.
فعلاقة الترابط والتلازم والتفاعل والتكامل بين العالمين تؤدي إلى معرفة يقينيّة وشاملة وضمان إيمان صحيح موافق للعقل. كما أن التفكير في الغيب من طبيعة الإنسان حيث يوجد داخل كل إنسان رغبة في معرفة الغيب واكتشاف المجهول. فهو أمر فطري مستمر في طبيعة الإنسان لأنه “كلما اتسع نطاق المعلوم اتسع نطاق المجهول” التهامي نقرة.
في التنجيم وادعاء معرفة الغيب مخالفة للتوحيد لقوله صلى الله عليه وسلم: ” من أتى كاهنا فصدّقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم” رواه في الصحيح.
العقيدة الإسلامية لا تعطّل العقل وإنما تدعوا إلى بذل أقصى الجهد في استخلاص الحجج في التصديق بالغيب.
العقل في ميزان الغيب:
صنف مدرك: عالم الشهادة:
يقع تحت إدراكنا عن طريق العقل والحواس كشف فيه الإنسان العديد من الأسرار كقوانين الطبيعة ومراحل تكون الجنين وتوصل إلى معارف يقينية علمية دقيقة وثابتة. هذه المعارف جعلته يدرك جزءا من الغيب ألا وهو وجود الله وعظمته وقدرته. ومصدر المعرفة في هذا العلم هو العقل.
صنف فوق إدراكنا: عالم الغيب:
هو أوسع نطاقا من إدراكنا لأنه كم طور غير طور العقل فنتائج العقل في هذا المجال ذهنية غير يقينية ولا علمية فيما يمثل النقل أو الوحي مصدر المعرفة في هذا العالم.
فالمعرفة في الإسلام تقوم على العقل والنقل المتكاملين. فالعقل مجاله البحث في المحسوسات والنقل مجاله البحث في الغيبيات.
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني