شرح نص: أريد أن أرى – الشحاذ – بكالوريا آداب
الموضوع:
طلب البطل للنشوة المطلقة من خلال استعراضه لرؤى متنوعة لتاريخ الانسان ومعاناته حول التاريخ.
التقسيم:
من البداية إلى ‘النجوم: التمهيد للرؤية: المعاناة والتوسل المطلق.
البقية: الحلم ومراحله: التوقي في مراتب الحلم.
التحليل:
النهاية وفشل الحلم: يؤطر النص بواسطة البطل السارد في شكل سرد نفسي قائم على التعاقب السريع، توتر الجمل الفعلية التي تتدرج من وصف الاطار المكاني الى تصوير الاثر النفسي.
(تبدو الرؤية ذاتية دالة على الوحدة (سهرت / لم يكن معي في الظلام شيء).
يضلطع السرد الذاتي بوظيفة تأطيرية تقدم المكان الطبيعي والاطار الزماني (الحديقة) في دلالتها احاء وتجل والليل اطار للحلم والرؤيا.
كلاهما اطارر رمزي يوحي بالرغبة في التولد على عناصر الكون.
التدرج الى سرد الاقوال لا على شاكلة السرد التقليدي لان الاقوال تحولت ضربا من الهمس حين انتفت الاصوات في العالم الخارجي (الموضوعي) وانكفتت الشخصية الى الداخل في مناجات باطنية تتجلى في ضميرين (أنا وهو) مع استعمال معجم حجاجي دال على ابعاد ذهنية وحيرة فلسفية تغلب عليها المسائلة (سألتها متى…) بحثا عن المطلق والخروج من زمن التاريخ الى زمن الحلم (الغيب المطلق) (اللازمان واللامكان) وهو ما يجسد خروجا على مستوى النظام من الاستغراق الى الاستباق من الواقع الى الرؤيا حول الحلم. وهذا ينسجم مع استبطان الرغبة الذاتية وافصاح عن هم الانا في البحث عن الزمن الضائع.
يكشف هذا المنطق السردي عن ضرب من المعاناة في ما يشبه المجاهدة الصوفية التي عاكستها فنيا ومعجميا حدة الايقاع والافعال: (صرخت / اضطربت / عاتبت) و تجلى ذلك من خلال بيان تفاعل عناصر الطبيعة وتشخيصها (اضطربت لصراخي خلايا السرور) واضفاء حركية عليها لتصبح مرآة ترسم لتخطي المعاناة الذاتية والتأزم الذهنية تفصح الافعال عن رغبة البطل في الهروب والاتحاد بالمطلق من خلال افعال التأمل (رنوت الى نجم ومن خلال ثنائية الظلمة والنور وثنائية الوجود واللاوجود شيء ولا شيء) رمزا المطلق.
ينحو المعجم منحا صوفيا دالا على اشارة نورانية تظيء كالبرق وتغري بالوصل (الالتحام بالذات الالهية) وهي سمات تذكر ببعض اوجاع الصوفيين.
هكذا يفصح البطل في المقطع السردي عن رغبة في أن يذوب في عالم نوراني وأن ينقطع عن الدنيا وينفصل عن أوجاع الحاضر ليعانق الحلم والرؤيا التي تنتفي فيها الحدود بين الانسان والعالم في ما يشبه المجاهدة الصوفية.
لحظة المجاهدة الصوفية:
تمثل هذه اللحظة حوارا باطنيا متخيلا ينشأ بين البطل السائل الذي يشحذ الحقيقة وبين شخصية من عالم الارواح (شخصية ملائكية تؤكد تواصل البطل مع عالم الغيب عن طريق الرؤيا والكشف الباطني (أريد / أنظر) ويتم اكتشاف الحجب امام البصيرة وتصبح الافعال ادوات دالة على الادراك والتبصر الروحي فتنطلق تردجا من زمن المعاناة الى زمن الرؤية.
يتحول القول همسا ويخفت صوت الواقع ليعلق صوت الحلم ونرحل الى عالم الشخصية النخبي لتأخذنا الى عالمنا الصوفي من خصائصها:
مكان الرؤيا: الفراغ: هو العدم قبل الوجود معه يبدأ الحلم رحلة في تاريخ الانسان يمر فيها عمر بمراحل من الادراك والكشف والتحليل لكن هذا الحلم لن يمثل مطلوب الشحاذ ومنشوده فيتعدى اليه بالرفض والاستدراك والنفي المطلق “لكن ليس هذا ما اتوق الى رؤية وجهه”.
تتواتر على إثر ذلك الجمل الدالة على الطلب “أريد أن أرى” والاستجابة “أنظر” لتضفي على النص بعدا اقاعيا شعريا يكون وسيلة لتدرج البطل السارد من حلم الى اخر ومن رحلة تاريخية الى اخرى من خلال رابط سببي “فانحصرت، فانجابت فرأيت” إلى ان ينتهي الى شيء من ضباية الرؤيا “لم أرى شيء او الامر لكني شعرت”.
بني النص سرديا على راو جديد اضطلع باستبطان عالم الشخصية النخبي هو الحمزاوي ذاته لانه الراوي التقليدي لم يعد قادرا على كشف عالم الشخصية النفسي.
النص عبارة عن محاورة بين ضميرين انا وهو الذين يمثلان شخصية الشحاذ ذاته فالحمزاوي يحاوره ضله لما اشتدت به العزلة في الحديقة ذات الاصوات.
يتداخل الحلم بالواقع ويتشكل في صورة خيالية جديدة تتبع مسيرة الانسان في الوجود بدأ بلحظة العدم ووصولا الى اعلى مراحل التفكير لينتهي الى شيء من الجنون والعبث كشفا لمعاناة الانسان عبر التاريخ وتأكيدا لمسيرته الوجودية المستعصية.
تعود ملكية هذا العمل للأستاذ رفيق الطبوبي
في حالة وجود أخطاء الرجاء الابلاغ عنها عبر البريد الالكتروني ليتم اصلاحها: contact@mawsoaschool.net
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني