درس أزمة الثلاثينات الاقتصادية – بكالوريا آداب
أسباب الأزمة: أزمة أمريكيّة:
أزمة القطاع الفلاحي والصّناعي: وفرة الإنتاج وتراجع الاستهلاك:
إفراط في الإنتاج الفلاحي:
تواصل تعسير القطاع الفلاحي ممّا ساهم في ارتفاع الإنتاجيّة والإنتاج بالولايات المتّحدة الأمريكيّة مع استعادة أوروبا مستوى إنتاجها وبروز منافسين في السّوق العالميّة. وقد ساهم ذلك في تفوّق العرض على الطّلب وبالتّالي صعوبة التّرويج وتراجع مداخيل الفلّاحين.
قصور الاستهلاك في المجال الصّناعي.
تميّزت فترة العشرينات بنضج الثّورة الصّناعيّة الثّانية وبروز مجتمع الاستهلاك. حيث تمّ تنظيم العمل باعتماد أساليب جديدة (التّيلرة، الفورديّة، المعايرة) ممّا ساهم في ارتفاع الإنتاجيّة (43%) والتّركّز الرّأس مالي. كما سُجل ارتفاع الإنتاج الأمريكي واستعادت أوروبا نسق إنتاجها سنة 1925 وتباطأ نسق نموّ الأجور بـ16% ممّا أدّى إلى تقلّص القدرة الاستهلاكية وصعوبة التّرويج وتراكم وتضخّم المخزونات. ولتدارك قصور الاستهلاك تمّ الاعتماد على الإشهار والتّقسيط والقروض البنكيّة كمنشّطات اصطناعية للاستهلاك.
الأزمة الماليّة والنّقديّة:
المضاربة في البورصة:
شكّلت موردا أساسيّا للدّخل لجلّ الأمريكيين ووفّرت السّيولة النّقديّة وسهولة الحصول على القروض البنكيّة بفوائض متدنّية ومن الوسائل الملائمة لشراء الأسهم والمضاربة في البورصة. وانتهت المضاربة المفرطة بالبورصة إلى بلوغ أسعار الأسهم مستوى فاق قيمتها الفعليّة مقارنة بالوضع الحقيقي للمؤسّسات لذلك حصل خلل بين قيمة السّهم ومرابيح المؤسّسات الاقتصادية.
تدعيم العملة:
قرّر البنك الفدرالي في أوت 1929 التّرفيع في نسبة إعادة الأقساط بهدف تدعيم العملة والإبقاء على رؤوس الأموال داخل الحدود.
لكنّ تواصل التّهافت على القروض والمضاربة في البورصة ممّا أدى إلى ارتفاع نسبة الفائض البنكي إلى 9% بينما لم تعد نسبة ربح السّهم تتجاوز 2% فأدّى ذلك إلى الرّغبة في التّخلّص من الأسهم لتفادي الخسارة.
مظاهر الأزمة وآليات انتشارها: من الأزمة الأمريكيّة إلى الأزمة العالميّة:
مظاهر الأزمة بالولايات المتّحدة الأمريكيّة:
مظاهر الأزمة الماليّة:
برزت الأزمة من خلال انهيار البورصة وإفلاس البنوك فضلا عن انهيار قيمة الأسهم في بورصة وول ستريت بنيويورك حيث تهافت المضاربون على التّخلّص من الأسهم وانهيار أسعار هذه الأخيرة حيث تمّ عرض 13 مليون سهم للبيع يوم 24 أكتوبر 1929 وقدّرت الخسائر ما بين 40% و60% من قيمتها وبسبب عجز المضاربين عن تسديد ديونهم وسحب الحرفاء لإيداعاتهم أعلنت أغلب البنوك إفلاسها.
مظاهر الأزمة الاقتصادية:
إفلاس المؤسّسات وتضخّم البطالة وانهيار أسعار المنتجات الفلاحيّة حيث فقدت ثلثي قيمتها وانهيار الإنتاج الصّناعي وانهيار أسعار المواد الأوّليّة والصّناعيّة ما بين الثّلث والنّصف ممّا ساهم في تقلّص المرابيح وإفلاس المؤسّسات وتدهور قيمة المبادلات بما يزيد عن الثلثين بسبب انخفاض الفحم الحجري والأسعار (سياسة حمائيّة أمريكيّة) وتراجع وارداتها من 4.3 إلى 1.3 مليار دولار كما تراجعت المداخيل حيث تراجع النّاتج الدّاخلي الخام إلى النّصف ومؤشّر مجموع الأجور وتقهقر الاستثمار ممّا ساهم في تعمّق الأزمة.
اجتماعيا:
تفاقمت البطالة التي ارتفعت من 1.5 مليون عاطل إلى 12.6 مليون عاطل بين 1929 و1931 أي عُشر مجموع سكّان الولايات المتّحدة وغذّت البطالة قصور الاستهلاك.
آليات انتشار الأزمة ومظاهرها في بقيّة أنحاء العالم:
آليات انتشار الأزمة:
باستثناء الإتحاد السوفياتي شملت الأزمة بقيّة العالم لأهميّة الوزن الاقتصادي العالمي للولايات المتّحدّة الأمريكيّة. حيث تم سحب الأموال الأمريكيّة ممّا أدّى إلى إفلاس العديد من البنوك. فيما اتبعت سياسة حمائيّة أمريكيّة منذ 1930 ساهمت في تراجع وارداتها وبالتّالي تراجع صادرات بقيّة العالم. كما تراجعت الأسعار وانهارت مما أثّر سلبا على الأسعار على المستوى العالمي.
مظاهر انتشارها في أوروبا وبقيّة أنحاء العالم:
أوروبا
النّمسا شهدت إفلاس بنكيّ.
تراجع الصّادرات بألمانيا والإنتاج الصّناعي وإفلاس أهم البنوك.
انقلترا: تراجع الإنتاج الصّناعي وارتفاع العجز التّجاري.
فرنسا: تراجع الصّادرات والإنتاج الصّناعي وارتفاع عدد العاطلين عن العمل.
العالم
تراجع الصّادرات في اليابان وفصل اليان عن الذّهب والتضخّم المالي.
أما البلدان الجديدة خاصّة التي تعتمد تصدير مواد أوّليّة شهدت تراجع قيمة الصّادرات وصعوبة الترّويج. أما في المستعمرات فقد تراجعت الصّادرات من المواد الأوّليّة لارتباط اقتصادها وعملاتها بالدّول الاستعمارية.
سياسات متباينة للخروج من الأزمة:
فشل الحلول الليبرالية التّقليديّة: سياسة الانكماش النّقدي:
للحد من هذه الأزمة، تم إتباع سياسة الانكماش النقدي القائمة على التّقليص من النّفقات العموميّة والانتظار باعتبارها أزمة عابرة فضلا عن تدعيم العملة وتخفيض نسبة إعادة الإسقاط للإبقاء على رؤوس الأموال وزيادة الصّادرات لتوازن الميزان التّجاري والضّغط على الأجور للحد من كلفة الإنتاج وتشجيع الاستثمار لدفع التّشغيل.
وقد طبّقها الرّئيس الأمريكي هوفر كما طبّقت في ألمانيا وفرنسا إلّا أنّها ساهمت في تعميق الأزمة الاجتماعية فتدعّم الغضب الاجتماعي ضدّ الحكومات العاجزة مما أدّى إلى انتخاب روزفلت كرئيس في الولايات المتّحدّة والنّازي هتلر في ألمانيا والجبهة الاشتراكية في فرنسا.
بروز الليبرالية الجديدة: (سياسة التّضخّم المالي وتدخّل الدّولة):
الحلول الكاينيسية
التّضحية بالنّقد لإنقاض الإقتصاد وتحقيق التّوازنات فالأزمة حسب كاينس هي أزمة قسور إستهلاك، ضرورة تدعيم المقدرة الشّرائيّة، تخفيض قيمة العملة لتحسين القدرة التّنافسيّة للصّادرات (تضخّم مالي لدفع الإستهلاك وعودة الإنتاج والتّشغيل).
النّيوديل: التّضخّم المالي وبروز “دولة الرّعاية”
إجراءات ماليّة ونقديّة: تزويد البنوك بالسّيولة لإنقاضها من الإفلاس، فصل الدّولار عن الذّهب والتّخفيض من قيمة 41% سنة1934.
إجراءات اقتصادية: منح للفلّاحين وبذلك بعد تجميد الأراضي والتّحكّم في الإنتاج، دعم الأسعار وتحسين المداخيل أمّا في الصّناعة : التّرفيع في الأجور وتخفيض ساعات العمل لزيادة التّشغيل.
إجراءات اجتماعية: التّشغيل وبعث الضّمان الاجتماعي ومنح للعاطلين، عقود مشتركة بين الأجرّاء والأعراف.
وقد حقّقت هذه الإجراءات انتعاشة اقتصادية حيث ارتفع الإنتاج وتراجع عدد العاطلين عن العمل فيما سجل ارتفاع في الأجور. لكن تدهورت الأوضاع من جديد سنة 1937 فتدخّلت الدّولة للحدّ من الأزمة.
الأنظمة الكليانيّة في مواجهة الأزمة: سياسة الاكتفاء الذّاتي والتّسلّح:
تعاني هذه الدّول من ضعف رصيدها الذّهبي ومواردها الأوّليّة والمستعمرات فتعتمد إذا على سياسة الاكتفاء الذّاتي داخليّا والمقايضة خارجيّا. حيث تم اللّجوء إلى التّسلّح للتّشغيل وتحقيق المجال الحيوي لتحقيق الانتعاش الداخليّ مقابل تهديد الأمن والسّلم والأمن في العالم.
نتائج الأزمة وانعكاساتها على العلاقات الدّوليّة:
النّتائج الاجتماعية: تضخّم البطالة واحتداد التّناقضات الاجتماعية:
أكثر من 30 مليون عاطل عن العمل في جميع أصناف المهن والوظائف سنة 1932.
تفشّي مظاهر البؤس (أكلات شعبيّة – ملاجئ ليليّة…).
انتشار مسيرات الجوع والاحتجاج ومشاهد البؤس في وقت تلقت فيه المحاصيل للمحافظة على مستوى الأسعار.
النّتائج الاقتصادية: القوميّة الاقتصادية والحرب التّجاريّة والنقديّة:
الحرب التجارية
تنامي النّزعة الحمائيّة منذ 1930 بإنقلترا وسنة 1932 بفرنسا وانغلاق بألمانيا. كما انتشرت القوميّة الاقتصادية التي أدّت إلى انهيار قيمة التّجارة العالميّة بالثلث والحجم كذلك بين 1920 و1932.
الحرب النقدية
فشل ندوة لندن سنة 1933 للإصرار على التّخفيض في قيمة العملة وتفكّك النّظام النّقدي العالمي وبروز مناطق نقديّة منفصلة ومتنافسة.
النّتائج السّياسيّة: أزمة الأنظمة الليبرالية وتوتّر العلاقات الدّوليّة:
دعّمت الأحزاب السّياسيّة المتطرّفة يمينيّة ويساريّة واستقطبت جموع الغاضبين على الأنظمة الليبرالية العاجزة وتوفّرت أرضيّة ملائمة لوصول النّازيين إلى السّلطة في ألمانيا وتكتّل اليسار في فرنسا وتدعّم الصّراع بين الفاشيّة والدّيمقراطيّة عبر العالم فسلكت الأنظمة الكليانيّة سياسة التّحدّي والتوسّع فسارت بالعالم نحو الحرب.
إقرأ أيضا: المفاهيم والمصطلحات والتعريف بالأعلام في درس أزمة الثلاثينات الاقتصادية – بكالوريا آداب
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني