شرح نص: نشوة / نشوء الصحراء – الشحاذ – بكالوريا آداب
الموضوع:
عزم الحمزاوي على الرحيل واستنكار المادة سبيلا الى المعنى واستقبال ضياء الفجر سبيل الى الولادة.
التقسيم:
من س 1 الى 26: السرد.
البقية: الحوار الذاتي.
التحليل:
المقطع الاول:
اقتطف النص من الفصل 13 بعد حوار اجراه الحمزاوي مع وردة يسألها فيه عن الحياة والموت والايمان والله واليقين.
“لماذا تعيشين؟” “الله ما هو موقفك منه؟” “من أين جاء اليقين؟”
أركان الرواية:
هو سرد نفسي قائم على الوصف تعلق الوصف فيه بالمكان وقد تنوع حظوره في هذا المطلع. المكان حدد في “الملهى” (هو مكان الانفصال ليصبح مكانا جديدا هو الطريق الصحراوي مكان الاتصال).
يخضع المكان لتداعيات البطل (تداعيات الخواطر) ويكشف عن تغير احواله النفسية.
بنية المكان قائمة على التحول التدريجي من الانغلاق (الملهى) الى الانفتاح (الطريق الصحراوي).
كشف المكان في تحوله عن رغبة البطل في تجاوز قيود الواقع واستعادة اطار النمو والحياة.
في تحول المكان وتقابله كشف لوقوف البطل على اطلال تجربة واطلاله على تجربة جديدة.
لا يحمل المكان وجودا حياديا أو موضوعيا بل هو مفعم بالدلالة والرمز فهو ان كان عادة “ما يتخذ دلالته التاريخية والسياسية والاجتماعية من خلال الافعال وتشابك العلاقات” فانه في رواية الشحاذ يتخذ دلالته الحقيقية من خلال علاقته بالشخصية المركزية قد يصبح المكان شخصية من شخصيات الرواية بما يحمله من دلالات.
خصائص المكان الجديد:فضاء مقفر تعمه ظلمة شاملة حد الغرابة لا أثر فيه لانسان: هو مكان يعبر من خلال الوصف عن الامتداد والاتساع والوحشية وهي معاد وإحاءات تعبر لمعاني الاطلاق والتحرر.
هو فضاء صالح للهروب من الضيق ولطلب ملئ الذات وتوسيع الكيان ينقسم المكان في حلته بحركة الشخصية من اتجاهين الى بينهما.
اتجاه افقي: يرصد الاتساع والامتداد.
اتجاه عمودي: النظر الى القبة في السماء ونجومها.
ما بينهما: التحام العالمين وتوحد أجزاء الكون.
هكذا يتضح ان المكان لا يوجد لذاته ولا يحمل بعدا موضوعيا وانما يحمل دلالة نفسية تتصل بشخصية الحمزاوي لانه في هذا النص عنصر مفتوح على افق الانتشاء يوحي مرة اخرى بامكانية الانفراج لذلك يتفائل في النص حتى القيام:” اختفت الارض”. بمعنى انه سينتقل من وجوده الموضوعي الى وجوده الغيبي.
رقص القلب / اجتاح السرور مخاوفه: يحظر السكان عاملا من عوامل النشوة وتعكس حالة الانسجام فيه حالة التي تعيشها الشخصية بل يعمق المكان (الصحراء ومكوناتها بجلاله ورحابته وامتداده معاني الانطلاق نحو المطلق والالتحام به في ما يسمى بوحدة الكون ووحدة الوجود كما عدد المتصوفين.
الزمان:
كان لحظة فاتنة: ينفتح وصف المكان على ذكر الزمان وهو في الحقيقة زمانين:
زمن تاريخي واقعي مؤطر للاحداث.
إطار ليلي يفصل بين الليل والنهار.
وزمن عام مطلق انكتمت فيه همسات اجيال واجيال يتصل به الماضي بالحاضر وهو في اي زمن منفتح على المستقبل متطلع الى المجهول راغب في المطلق.
ان تدخل الازمنة ماضيا وحاضرا ومستقبلا يدل على توحد المكان بالزمان والتحام الشخصية بالاطار ما يحوله في النص زمنا رمزي موحيا هو أشبه بالزمن الصوفي الروحي.
رمزية الليل: فيه علامة على العتمة والتيه والضياع في مقابل الفجر زمن الولادة والمنشود هو زمن المغامرة الوجودية الجديدة التي صار اليقين مطلبها.
لعل من أسباب ازمة الحمزاوي سابقا، فقدانه الجانب الروحي واغراقه في المادة جنسا وشهوة لذلك طلب نشوة اليقين على شاكلة المتصوفة عله يضخر بلحظة انسجام مع الذات والوجود.
صلة الحمزاوي بالتجربة الصوفية:
يلتقي الحمزاوي مع الصوفيين في مراجع اكتساب المعرفة وطرقها:
القلب: وسيلة للكشف في باب الروح وعمق الوجدان فهو محرك الذات وطريق الحقيقة يتلقى في النفس شيئا من النور لا هو من العلم ولا من قيود العقل.
الاعتزال: ترك الدنيا والمادة والاعراض عن كل شيء: بعد اكتشف ان لا شيء يبلغ به الحقيقة.
المجاهدة: وهي أن يروض النفس ويدربها على الصبر والتدرج في مراتب الروح بعد ان يذيب المادة والجسد.
الاشارة النورانية: وتأتي بعد المجاهدة الطويلة وهي ظرب من الاشراف او الكشف او التجلي، لكن أن تبدو تجربة الحمزاوي في عمقها قريبة للتجلي الصوفي تجلي الاله في الكون او في القلب فان ذلك يدفعنا الى مراجعة هذه التجربة وبيان حدودها وذلك لان الدافع في التصوف يكون روحيا. اما دافع عمر الحمزاوي فقد كان متصلا بمعطيات اجتماعية نقية وذهنية.
مجاهدة الحمزاوي نتاج ارادة وميولات نفسية ناتجة عن ارادة الانسان وحده اما مجاهدة الصوفية فهي تنتج عن مزيج من شوق الصوفي الى الله وحنين الله الى الصوفي.
تقوم تجربة المتصوف على مجاهدة تنتهي بالفناء في الله حين يتعطل الاحساس بالذات ويكون الصوفي في حالة من الذوبان قد يكون شبيه لتجربة الحمزاوي في الصحراء لكن يختلف عنه في اركان الرحلة الصوفية وفي السعي عن الحقيقة.
سعى الحمزاوي الى البحث عن معنى الحياة بطرق مختلفة تصل احيانا حتى التناقض بينما تنحصر غاية المتصوفة في نجاة الروح من قيود العقل وادران المادة توقا الى التحام الذات الانسانية.
لا يتبنى الحمزاوي اذا التصوف بل يستلهمه استلهاما للتعبير عن نقد مسألة المعرفة عامة واختلاف الدروب الموصلة اليه.
يرتبط النص بهذا المعنى بجذور عربية اسلامية منفتحة على ما هو انساني عام.
المقطع الثاني:
جمع بين السرد والحوار: كان السرد حدثيا “رجع / دفع / نظر” ميالا الى الوصف لبيان حال الشخصية “بلا حماس بلا فتور كأنه يخاطب شخصا ورائه”.
في الوصف ايذان بانغلاق وتنبؤ بمآلاته كانما يخاطب شخصا امامه فبعد التحامه بالكون واعتقاده في النشوة المستعصية يعود الحمزاوي الى التعدد ويتجلى اتعدد من خلال الحوار.
الحوار المنقول هيمنت عليه شخصية الحمزاوي، تحاور نفسه وتعتقعد في لحظة اليقيني “انفاس المجهول / الا يستحق ان ينبذ كل شيء من اجله”.
ينغلق النص بسؤال ويضل هذا السؤال مفتوحا على تجربة بلا دواء لان الحمزاوي لم يتجاوز بعد عطش اليقين او عطش الحقيقة.
طبيعة الحوار:
بدت جملة قصيرة كان مصطنعا فني نجح من خلاله محفوظ في التأكيد على هشاشة ما توصل اليه الحمزاوي من يقين من خلال تنويع الضمائر وحضور الغائب “ينبذ” ضمير الغائب معاديا لضمير أنا الدال عن الحضور.
هذا التقابل بين الضميرين يكشف مرة اخرى ان الحمزاوي لا يزال شخصية باحثة تتوهم النجاة والاستقرار لكنها سرعان ما تهتم بمراتب الواقع.
التأليف:
مثل النص تحولا جديدا في تجارب الحمزاوي من يقينه ان الجنس اقصر من ان يكون له أثر إلى اعتقاده في اللحظة الفاتنة سبيلا الى الالتحام بالمطلق.
نوع محفوظ بين انماط الكتابة سردا وحوارا ليعبر عن مرحلة التحول النفسي الذي عاشه بطله متنقلا من تجربة الى تجربة جديدة.
حظر المعجم الصوفي تعبيرا عن تجربة الحمزاوي وهو يحاول ان يدرك لحظة اليقين في شيء من المجاهدة والترقي لبلوغ لحظة الفناء او التجلي على شاكلة المتصوف.
تعود ملكية هذا العمل للأستاذ رفيق الطبوبي
في حالة وجود أخطاء الرجاء الابلاغ عنها عبر البريد الالكتروني ليتم اصلاحها: contact@mawsoaschool.net
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني