تاريخية الشعر الحماسي – بكالوريا آداب
لئن كانت أحداث القصيدة الشعرية مستمدة من التاريخ العربي القديم خاصة خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة، والذي يبرز ذلك من خلال أسماء الشخصيات وأسماء الأماكن والأسلحة وغيرها، إلا أنه لا يمكن اعتبار الشعر مصدرا لتسجيل الأحداث التاريخية. فكلما زادت الصور الشعرية كثافة، وكلما ازدادت الاستعارات والكنايات والتشابيه، وكلما زادت المبالغة والغلو في نقل الحدث، كلما انحدر الشعر عن تاريخيته، فيتحول بذلك الشعر إلى مصدر تزوير للأحداث التاريخية المختلفة ولعل أبرز ذلك تحويل الهزائم إلى انتصارات.
فلئن انفتح الشعر على التاريخ فإنه ليس مجرد استنساخ لما وقع بل لعل الأحداث والوقائع مجرد منطلق للقول وقادح له…. ألم يقل الناقدون عن شعر المتنبي: “ليس وصف حروب بقدر ما هو حروب وصف”. ولعل ذروة ذلك أن تنطلق القصيدة بعكس ما يرويه التاريخ كما ذكرنا سابقا وهو أن تحول الهزيمة نصرا فيما قاله المتنبي مخففا عن سيف الدولة:
الدهر معتذر والسيف منتظر – وأرضهم لك مصطاف ومرتبع.
فالتاريخ وهو حاضر في النص الحماسي، يتزين بألوان تسطره وتخرجه من التجريبي إلى النموذجي الخالد في شكله الفني دون اعتباره منهجا أو مصدرا للتأريخ.
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني