ملخص الخصائص الفنية في شعر الحماسة – بكالوريا آداب
الإيقاع:
الإيقاع الخارجي:
البحر:
يستخدم شعراء الحماسة عادة أوزان البحور الممتدة والفخمة والواسعة ذات النفس الطويل الغنية بالتنغيم والغنية بالثراء الإيقاعي مثل البحر الوافر والطويل والبسيط والكامل وهي بحور مقترنة عادة بالأغراض الكلاسيكية الجادة كالمدح والفخر والرثاء.
الروي:
يميل الشعراء إلى توظيف الأصوات القوية المجهورة ذات الصدع في أصوات الروي كالميم والدال مثل “الجواري المنشآت” لإبن هانئ واللام مثل “يوم أرشق” لأبو تمام والنون والجيم مثل “لهذا اليوم بعد غد أريج” للمتنبي.
التصريع:
وظف الثالوث الحماسي التصريع ويبرز ذلك مثلا في مطلع قصيدة “فتح الفتوح” (الكتب – اللعب).
دلالات الإيقاع الخارجي:
للإيقاع الخارجي دلالات عديدة منه التغني بالنصر وترديد أصداء قوة المواجهة والتي فيها بيان قوة الشعر على تطويع الإيقاع لمشاهد عنيفة مثل أبي تمام في نص “فتح الفتوح” أو معركة الحدث للمتنبي.
الإيقاع الداخلي:
الموازنة الإيقاعية:
يقول ابن هانئ:
فأقل حظ العرب منك سعادة – وأقل حظ الروم منك شقاء.
ويقول المتنبي:
وتعظم في عين الصغير صغارها – وتصغر في عين العظيم العظائم.
ويقول أبو تمام:
فالشمس طالعة من ذا وقد أفلت – والشمس واجبة من ذا ولم تجب.
المقارنة:
يقول أبو تمام:
أبقيت جد بني الإسلام في صعد – والمشركين ودار الشرك في صبب.
الجناس والطباق والاشتقاق:
يقول أبو تمام:
السيف أصدق أنباءا من الكتب – في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف – في متونهن جلاء الشك والريب
يقول المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم – وتأتي على قدر الكرام المكارم.
التكرار والاشتقاق:
يقول أبو تمام:
فتى دهره شطران فيما ينوبه – في بأسه شطر وفي جوده شطر.
الترديد:
يقول المتنبي:
بناها فأعلى والقنا تقرع القنا.
رد الأعجاز على الصدور:
يقول أبو تمام:
بسنة السيف والحناء من دمه – لا سنة الدين والإسلام مختضب.
الترصيع:
يقول المتنبي:
ونحن في جذل والروم في وجل – والبر في شغل والبحر في خجل.
ويقول أبو تمام:
تدبير معتصم بالله منتقم – لله مرتقب في الله مرتغب.
التضعيف:
يقول ابن هانئ:
أرض تفجر كل شيء فوقها – بدمي العدى حتى الصفا والجندل.
الصور الشعرية:
تكمن شعرية القصيدة الحماسية في بناء صورتها وتشكيلها وتوسيع نطاقها أفقيا وعموديا من خلال التشابيه والاستعارات والكناية والتشخيص فقد حقق من خلالها الثالوث صورة النصر والهزيمة المجملة وصور من خلالها أيضا صور هزائم العدو وأسره وصوّر قوة الجيش والقادة.
الاستعارة:
الاستعارة المتصلة بالأسد والتي تمثل المحافظة على التقليد في الصورة. يقول ابن هانئ:
يا ليث كل عرينة يا بدر كل دُجنة – يا شمس كل ضحاء.
التشخيص:
كتشخيص الأرض التي اكتست حلل البهجة احتفاءا بالنصر يقول أبو تمام:
فتح تفتح أبواب السماء له – وتبرز الأرض في أثوابها القشب.
وتغلب على التشبيهات المتعلقة بصورة المحارب الأدوات الحربية اللازمة له. يقول أبو تمام:
همام كنصل السيف كيف هززته – وجدت المنايا منه في كل مضرب.
إن الصورة التي تقوم على التشبيه والاستعارة والكناية حلت محلها صورة البدوي بأسودها وطيورها والجوارح والخيل.
يقول المتنبّي:
سَحابٌ مِنَ العِقبانِ يزْحَفُ تحتَها – سحابٌ إذا استَسقتْ سقتها صَوارِمُهْ.
يقول أبو تمام:
أَسْرى بنُو الإسلامِ فيه وأَدْلَجُوا- بقلوبِ أُسدٍ في صدور رجالِ.
شيخ يرى الصلوات الخمس نافلة – ويستحل دم الحجاج في الحرم.
فقد أضحَى أبا الغَمراتِ يُكنى – كأنّ أبا العَشائِرِ غيرُ فَاشِ.
المبالغة والتهويل:
الغلو في التصوير من خلال المبالغة في وصف امتداد الجيش واحتلاله الأرض بل الكون أفقيا وعموديا. يقول المتنبي:
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه – وفي أذن الجوزاء منه زمازم.
يقول ابن الهانئ:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار – أُحكم فأنت الواحد القهار.
صور شعرية قائمة على التهويل من خلال تشخيص الآمال والجمع بين المجرد والمحسوس.
يقول أبو تمام:
توفيت الآمال بعد محمد – /
يقول ابن هانئ:
فمدينة من بعد أخرى تستبى – وطريقة من بعد أخرى تعتفى.
حتى لقد رجفت ديار ربيعة – وتزلزلت أرض العراق تخوفا.
وفي الأبيات عمل ابن هانئ على تهويل صورة الواقع مما يعكس هول الفاجعة وهو يؤكد تعجب الشاعر واستغرابه مما يحدث في المشرق العربي.
تجميل التقبيح:
في مشهد حرق عمورية.
يقول أبو تمام:
حتى كأن جلابيب الدجى رغبت – عن لونها وكأن الشمس لم تغب.
ضوء من النار والظلماء عاكفة – وظلمة من دخان في ضحى شحب.
فالشمس طالعة من ذا وقد أفلت – والشمس واجبة من ذا ولم تجب.
أو تجميل الدماء التي حولها المتنبي إلى الماء في واقعة “الحدث الحمراء”. إذ يقول:
سقتها الغمام الغر قبل نزوله – فلما دنا منها سقتها الجماجم.
الوصف:
وصف تسجيلي للأحداث والوقائع يستقصي الموضوع ويحدد الأماكن (عمورية – الحدث الحمراء – قسطنطينية…) ويعيّن الأبطال والأعداء (أبو سعيد الثغري، المعتصم، سيف الدولة، المعز، أبو شجاع فاتك، بابك الخرمي…) فتنزع الصورة إلى المطابقة.
كما عمل الوصف والشعر عن نقل جملة من الوقائع والأحداث التي عاشها الشاعر من ذلك أن أبا تمام قد روى غزوة المعتصم لعمورية فقال:
يا يوم وقعة عمورية انصرفت – منك المنى حفلا معسولة الحلب.
كما روى حادثة قبض الأفشين على بابك الخرمي والتمثيل به ووصفها إذ يقول:
مازال مغلول العزيمة سادرا – حتى غدا في القيد والأغلال.
وظيفة الصور الشعرية:
تتعدد وظائف الصورة الشعرية وتتلون بالغرض الذي فيه ويمكن إجمالها في الآتي:
حسن إخراج المعنى وتجويده المتمثل أساسا في مدح البطل.
وظيفة تأثيرية تتوزع بين ترهيب الأعداء من قوة الممدوح وتجاوزها الحد الممكن تصوره فيركن إلى الاستسلام والتسليم بها وترغيب جمهور المسلمين في الإقدام عليها بتحويل قبحها جمالا يستهوي القلوب ويدعو إليها وبما في ذلك من اشكال التهييج والتحريض على الحرب مما يدعم تصادم الحضارات والتشريع المباشر للعنف وتهديد السلم.
مصادر الصور الشعرية:
تعددت مصادر الصور الشعرية وتنوعت حسب وظيفتها في القصيدة. فمنها ما هو ذو مصدر طبيعي كما هو بيّن خاصة في شعر ابن الهانئ تحديدا في قصيدته الجواري المنشآت. ففي هذه القصيدة نجد الطبيعة مصدرا للصورة الشعرية فيما نجد النص القرآني مصدرا لها خاصة في قوله “الجواري المنشآت”. كما تستمد الصورة الشعرية صلاحيتها من الطبيعة الجاهلية في شعر كل من أبي تمام والمتنبي وتحديدا الفتوة الجاهلية التي رسمت عالم الأبطال الممدوحين في مختلف القصائد الشعرية ولعل هذه المصادر تتلخص أساسا في الشجاعة والفتوة والقوة وخاصة الفروسية.
البنية السردية للقصيدة:
إنّ البنية السرديّة تتجلى من خلال هيمنة الأفعال الدالة على الحركة وتعاقبها تعاقبا تنظّمه المؤشرات الزمنية أو المنطقية. والنظام الذي يخضعها إليه الشاعر يؤدي عادة دلالة تنامي الأحداث ومرورها بأطوار متعاقبة من الاستعداد إلى الحرب إلى الاستجابة لندائها وخوض غمارها فإلى سرد التلاحم بين الجيشين ومظاهر التقتيل والتدمير لتتوّج القصة بالنهاية المظفّرة.
هذه الأفعال غالبا ما تسند إلى البطل القائد العسكري على هيئات متنوعة لكنها تلتقي في الدلالة على فاعليته التي تستقطبها ذات البطل استقطابا بموجبه يتحوّل الجيش والفرسان وسائر عناصر المعركة امتدادا لذاته المتفردة. وأمام ذلك تنهض المقابلة بتعميق تلك الدلالات فلا يستأثر العدو من الأفعال إلا ما به يتأكّد عجزه عن المطاولة وافتقاره إلى الشجاعة العسكرية ومستلزماتها القيمة والفعليّة.
ولا تقتصر هذه المقاطع القصصية على سرد الأحداث، بل كثيرا ما تنفتح على الوصف الذي يخصّ به الشاعر جملة متنوعة من الموصوفات. ومن تلك المراوحة تنشأ اللوحات المتكاملة العناصر ويغذى الطابع الملحميّ وتمثّل وقائع الحرب في الأذهان. ولذلك قال بن الأثير عن المتنبّي «أنّه إذا خاض في وصف معركة كان لسانه أمضى من نصالها، وأشجع من أبطالها، وقامت أقواله للسامع مقام أفعالها، حتى تظن الفريقين قد تقابلا، والسلاحين قد تواصلا… «.
المعاجم:
تنوعت المعاجم التي وظفها شعراء الحماسة في قصائدهم، فنجد من هذه المعاجم معجم الحرب الذي أثث أغلب القصائد الحماسية. ويبزر ذلك بالأساس من خلال أسماء السيوف والرماح (المشرقية، القنا…) يقول المتنبي في “الحدث الحمراء”:
ومن طلب الفتح الجليل فإنما – مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم. أو قوله: بناها فأعلى والقنا تقرع القنا.
وأسماء التجهيزات الحربية (الجواري المنشآت، قباب، بارقات، حرقات، قادحات…) مثل قول ابن هانئ:
أما والجواري المنشآت التي جرت – لقد ظاهرتها عدة وعديد
وهي أسماء لتجهيزات حربية تستعمل في الحروب البحرية أساسا. ولم يكتفي الثالوث بهذا المعجم فقط، بل وظفوا أيضا معجم الدين الذي يبزر أساسا من خلال قولهم (الشرك، الخليفة، الخلافة، الدين، الإسلام، النصارى، العلوج…) إذ يقول المتنبي:
رمى بك الله برجيها فهدمها – ولو رمى بك غير الله لم يُصب.
/- وبين أيام بدر أقرب النسب.
أو قول أبو تمام:
أمسى بك الإسلام بدرا بعدما – محقت بشاشته محاق هلال.
فيما وظف أبو تمام في شعره تحديدا في قصيدة “يوم أرشق” معجم الغزل يبرز ذلك أساسا في قوله (هجر – الغواية – المغرم – الوصال – الحياء…) إذ يقول:
خلط الشجاعة بالحياء فأصبحا – كالحسن شيب لمغرم بدلال.
ووظف ابن هانئ في جملة قصائده معجم الطبيعة (الجبال – الراسيات – الرياح – النجوم – الرعود – الصدود….) ولعل ذلك خدمة لبناء عالم المعز لدين الله الفاطمي إذ يقول:
وأن الرياح الذاريات كتائب – وأن النجوم الطالعات سعود.
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني