ملخص حكاية كتاب: رسالة الغفران – العربية – بكالوريا آداب
قسم الدّيباجة:
اِنطلقت الرسالة ببناء تقليدي مألوف وهو قسم الدّيباجة التي يكون فيها الرّدّ المباشر يردّ فيه المعري على رسالة ابن القارح مقدما له التحيّة ويمدح فيها رسالته آخذا ظاهرها الجد، لكن من وراء القول وباطنه نجد استجلاء السخرية منها. ولئن اعتبرنا قسم الرحلة خروجا عما يقتضيه الرد على رسالة ابن القارح و استطرادا مطولا قد أخل ببناء رسالة الغفران وأخرجها من جنس الترسل فإن استقراء السياقات التي تسبق الرحلة بقسمها الأول للرسالة مباشرة يثبت أن أبا العلاء أحكم الانتقال من الرد إلى الرحلة من ذلك أن المعجم اللغوي السابق للرحلة يتميز باحتوائه أفعالا توحي بالانتقال من الأرض إلى السماء (رفع شفع قرب عرج …) موسوعة سكوول ولم يكن التمهيد للانتقال والرفع بهذه الأفعال وحدها بل نجد توظيف النص القرآني من خلال آيتين أولاهما تتضمن معنى صعود الكلم الطيب والثانية تتضمن تشبيه رسالة ابن القارح بالكلمة الطيبة التي تمنح صاحبها شجرة طيبة في الجنة وبهذه الآية كان الانتقال إلى الحديث عن الشجر الذي غرس لابن القارح في الجنة. موسوعة سكوول يمكن أن نستدل أيضا بقصة المعراج فيكون بذلك صعود ابن القارح شبيها بصعود الرسول (ص) إلى السماء إذن إن الرحلة ليست نشازا بالنسبة إلى الرسالة.
قسم الرّحلة:
الجنة:
بداية وصف الجنة:
تنطلق الرحلة في رسالة الغفران من الفردوس إذ يصف لنا وصفا مفصلا للجنة وهدوءها قبل دخول ابن القارح عليها فيذكر لنا أشجرها وأنهارها المتنوعة من لبن وعسل وخمر. ولعله سبحانه قد نصب لسطورها المنجية من اللّهب معاريج من الفضّة والذّهب تعرج بها الملائكة من الأرض الرّاكدة إلى السّماء وتكشف سجوف الظّلماء بدليل الآية “إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصالح يرفعه” فيكون ابن القارح في الجنّة.
مجلس المنادمة الأوّل:
ليصنع له المعري مجلس خمري فيه الندماء والأدباء في مشهد المنادمة الأول فجمع بين الشعراء واللغويين فإذا هم متصافون ويذكرون ما هم فيه من النعيم ينشد فيه قول الأعشى فيتمنّى حضوره فيحضر فيسأله ” أخبرني كيف كان خلاصك من النّاروسلامتك من قبيح الشنار؟” موسوعة سكوول فبذلك تولد وتخلق قصة جديدة وبها يظهر أسلوب التوليد والتضمين من ذلك قصة دخول الأعشى للجنة مضمنة داخل قصة النزهة. ثمّ ينظر ابن القارح لقصرين في رياض الجنّة فإذا هما لزهيّر بن أبي سلمى المزني ولعبيد بن الأبرص الأسدي وهما شخصيّتان من الفترة الجاهليّة فيطرح السّؤال لزهير بن أبي سلمى “بما غفر لك ولقد كنت في زمن الفترة والناس همل لا يحن منهم العمل؟” فيجيبه أنّ دخوله الجنّة كان عن طريق أمره لأولاده بالإيمان من بعده لمن يدعوهم إلى عبادة اللّه وطاعته. موسوعة سكوول وقد سبقه عبيد قبل أن يطرح عليه سؤاله “لعلك تريد أن تسألني بما غفر لي؟” وقد كان عبيد في الهاوية وخفّف عنه لقول شعري حتى شفع له، فيطمع ابن القارح في أن تشمل المغفرة غيره فيسأل عبيد بن الأبرص عن عديّ بن زيد العبادي فيشير إلى بيته فيزوره فيه ليسأله ابن القارح “كيف كانت سلامتك على الصّراط ومخلّصك من بعد الإفراط؟” وقد كان نصرانيّا قبل الإسلام فلم يسجد للأصنام ولا بأس عليه فيسأله عن أبيات قالها ويتحاور معه في أقواله في الإثبات والحذف والتّحقيق فيها.
رحلة القنص مع عديّ بن زيد:
ومن ثمّ يدعوه زيد إلى الصّيد أي القنص وفي مشوار القنص يلتقي ابن القارح بالحمار الوحشي فيخاطبه ثم ينصرف عنه. وفي نزهته يلتقي بأبي ذؤيب الهذلي يحتلب ناقته ويتحاور معه ومن ثمّ يلتقي بشابين يتحدّثان كل واحد على باب قصر من الدّرّ وهما النّابغتان، موسوعة سكوول النّابغة بن ذبيان وقد أُدخِل الجنّة بسبب حجّه البيت في الجاهليّة ولم يدرك النّبي، والآخر النّابغة بني جعدة وقد كان على الحنفيّة.
مجلس المنادمة الثاني:
ومن حديثه مع الذّبياني ينشأ مجلس المنادمة الثاني: موسوعة سكوول فيحضر فيهأبا سوادة وأبا أمامة وأبا ليلى وأبا بصير … وتدور محاورة حول الإعراب فيحضر الرّواة بينهم ويتحاور النّابغتان ويتدخّل أعشى قيس ويمر أمام المجلس رف من الإوز ينقلبن جواري يرقصن ويطربن ويغنين، وبينما هم كذلك يمر عليه أي على ابن القارح لبيد بن أبي ربيعة بن كلاب فيسأله في شعره ويخطر له من بعد ذلك أن يطربن القيان بميميّة المخبل السعدي ملحّنة قوله. موسوعة سكوول ويوجّه النّابغة الجّعدي الكلام إلى أبي بصير حول كلمة الرّباب فينشأ من ذلك خلاف بينهما حول مقاييس الشّعر كمّا أم كيفا فيتخاصمان فيتدخّل ابن القارح لفضّ النّزاع وينبّه ويحذّر من رفع الحديث إلى الجبّار الأعظم فيقارن أحدهم نزول آدم من الجنّة بذنب حقير فما بالهم بحالهم وهم يتخاصمون فيها ومن ثمّ يمر حسّان بن ثابت على مجلسهم فيسأله أحدهم عن قوله في الخمر وهو مدّاح لنبي الإسلام محمد (ص) فلا يستوي المقام فيه.
الطّواف في الجنة:
ويفترق أهل ذلك المجلس”يفترق أهل ذلك المجلس بعد أن أقاموا فيه كعمر الدنيا أضعافا كثيرة” فيطوف ابن القارح في الجنّة وإثر طوافه يلتقي عوران قيس الخمسة “وقد صاروا أجمل أهل الجنة عيونا وهم تميم بن مقبل العجلاني وعمرو بن أحمر الباهلي والشماخ ومعقل بن ضرار أحد بني ثعلبة بن سعد الذبيان وراعي الإبل عبيد بن الحصين النميري وحميد بن ثور الهلالي” ويلتفت إلى أحدهم وهو الشّماخ بن ضرار فيسأله عن شعره فإذا به قد أخذه النّسيان لما أشغله النّعيم عنه فينسى شعره مطلقا متنكّرا له جاعلا إيّاه من منكرات الدّنيا فينشد له ابن القارح من أقواله، موسوعة سكوول فيسأل بعد حديثه معه عن عمر بن أحمر أحد عوران قيس فيسأله في شعره ويتكلّمان بأسئلة من ابن القارح من ثمّ يسأل ابن القارح عن تميم بن أبي الذي دخل الجنّة بعد أن حوسب حسابا شديدا فيقول لابن القارح “وإن حفظك لمبقي عليك؟ موسوعة سكوول كأنّك لم تشهد أهوال الحساب ومنادي الحشر يقول أين فلان ابن فلان؟” فيسرد بذلك ابن القارح قصّة موقفه بالحشر فمروره الصّراط ثم دخوله الجنّة “أنا أقصّ عليك قصّتي: لمّا نهضت أنتفض من الرّيم وحضرت حرصات القيامة والحرصات مثل العرصات أبدلت الحاء بالعين”.
موقف الحشر:
قصّة ابن القارح: موقف بالحشر ودخوله الجنّة:
وكانت قصته قائمة على منطق التعاقب في دخوله الجنة التعاقب بين الأمل والخيبة فبالسّؤال الذي بادره به أنشأ قصة جديدة بأحداثها وأطرها وشخوصها وهي قصة حشر ابن القارح ودخوله الجنّة وهي طريقة إيراد اللّواحق تسمّى من خصائص السّرد والزّمن وظفها المعري ليعود بنا إلى قصته [ التي ذكرنا محورها في التلاخيص ] موسوعة سكوول وقد شملت هذه القصة على عناصر القص ولما فيهه من تشويق ملئها الإضحاك والسخرية والاستطرادات. موسوعة سكوول فيصف لنا شدة ذلك اليوم وطوله وموقفه الخائب فيه لقلة حسناته فيتّجه إلى وسائل للخلاص من هذا الموقف. فيبادر إلى نظم أبيات في خازن الجنان رضوان حتى يستدرجه ويتقرب إليه عله يساعده في دخول الجنّة إلا أن خازن الجنان رضوان لم يفهم ما قاله ابن القارح من الأشعار “ولا ظننته فهم ما أقول / قال رضوان:وما الأشعار؟” فبذلك يخيب أمله لينصرف إلى غيره من خزنة الجنان وهو زفر مستعيدا أمله، فإذا به يخاطب “ركودا صماء” فكانت الخيبة أيضا معه فسأله من أيّ أمّة أنت ليجيبه من أمّة محمّد (ص) ليشير الخازن إلى عترة البيت، موسوعة سكوول ومن بعده يلتحق بحمزة بن عبد المطلب فجعل له شعرا لعله يتقرب إليه ويساعده في الخروج من موقف الحشر ليصده حمزة بن عبد المطلب قائلا “ويحك .. أفي في هذا الموطن تجيئني بالمديح؟” فأرشده إلى عليّ رضي اللّه عنه وقصّ قصّته عليه ليطلب منه صكّ توبته وإثر إتيانه به له، يتحدّث مع حشد من بينهم عليّ الفارسي فيضيع صكّ التّوبة ليستدعي من بعد ذلك قاض حلب عبد المنعم بن عبد الكريم شاهدا على توبته الذي هلع وفزع من غيابه في الحشر مما أفزعه وأربكه ومن ثمّ يجيب عند النداء المتتالي للمنادي في المحشر. يتّجه من بعد ذلك ابن القارح نحو عترة الرّسول ليلتمس منهم عونا وشفاعة ومن ذلك فاطمة الزّهراء عليها السلام التي قالت لأخيها ابراهيم: دونك الرّجل فقال لي تعلّق بركابي موسوعة سكوول وجعلت تلك الخيل تخلل النّاس وتنكشف لهم الأمم والأجيال فلا عظم الزّحام طارت في الهواء / وأنا متعلّق بالركاب” فوقف عند محمّد حينها فسأله من هذا الأتاوي فأوردوا له عن طلبه للشّفاعة وأنّه ختم قوله في الدّار العاجلة بالصّلاة والتّسليم على محمّد النّبي ومن ثمّ تعلّق بركاب إبراهيم وخلّصه من الزّحام ليوصله إلى فم الصّراط ليعبره وفي ذلك الموقف يعجز ابن القارح على المرور فوق الصّراط فتهبه فاطمة الزهراء جارية من جواريها تحمله فوق الصراط “زقفونة” ليمنعه خازن الجنان بالدّخول إلا بجواز ولما رآه ابراهيم هكذا “التفت إبراهيم فرآني وقد تخلّفت عنه فرجع إليّ فجذبني جذبة حصّلني بها في الجنّة” لتنغلق هنا قصّة دخول الجنّة لابن القارح فيعود إلى الحديث عن الجنة.
العودة إلى الجنّة:
ويسأل من بعد سرده قصّته عن راعي الإبل أحد عوران قيس ويسأله في شعره فينصرف إلى حميد بن ثور فيسأله هو أيضا في قوله من الشعر وحينها يعرض عليهم لبيد بن ربيعة يدعوهم إلى منزله بالقيسيّة.
مأدبة في الجنان:
فيخطر له أي ابن القارح أن يصنع مأدبة في الجنان يجمع بها شعراء الخضرمة والإسلام والذين أصّلوا كلام العرب “وبدا له أيّد الله مجده بالتأييد أن يصنع مأدبة في الجنان يجمع فيها ما أمكن من شعراء الخضرمة والإسلام والذين أصّلوا كلام العرب وجعلوه محفوظا في الكتب وغيرهم ممن يتأنس بقليل الأدب فيخطر له أن تكون كمآدب الدّار العاجلة” موسوعة سكوول فتحضر الحور في المأدبة واللّحوم بشتّى أنواعها فيدعو الطّهاة والغلمان من هناك يحضرون المدعوّين من شعراء الخضرمة والإسلام وكل صاحبي علم وأدب فيأكلون ما طاب لهم فتجئ السّقاة إليهم والمغنّون ويتشوّق ابن القارح وهو في مجلسهم للنظر إلى سحابة فينشئها الله ويلتفت فإذا هو بجيران العود النميري يأمر أحد القيان أن تنشد قول أحدهم مغنية إيّاه فإذا هو قول أم عمرو ويتحاور الحضور عن الأشعار وشيء من النّحو والتّصريف والإعراب، موسوعة سكوول وبينما هم كذلك يتمنّى أحدهم طاووسا مصوصا وآخرون إوزّ شواء ويغضب بعضهم إثر الحوار… ويفترق أهل ذلك المجلس وهم ناعمون.
ومن بعد يختلي الشّيخ ابن القارح بحورتين جميلتين ناصعتا البياض فإذا بهن حمدونة الحلبية التي طلّقها زوجها لرائحة فمها الكريه وتوفيق السّوداء من أبشع النّساء فيمرّ عليه ملك فيسأله عن الحور العين فيقول له هنّ على ضريبين ضرب دنياوي نقل من حاله إلى الحور وآخر خلقه اللّه في الجنّة. ويأخذ سفرجلة أو رمّانة أو تفاحة فيكسرها فتخرج منها جارية حوراء حسناء ويسجد في ذلك الموقف ويخطر له أن يسترق النّظر إليها وهو ساجد.
الطريق نحو الجحيم:
ويبدو له أن يطلع إلى أهل النّار “أن يطلع على أهل النار فينظر إلى ما هم فيه ليعظم شكره على النعم فيركب بعض دواب الجنة ويسير”وقد جاء ذكر الجحيم في 17 مشهدا يقدّم لنا في كل مشهد شاعرا ممن أدخلوا النار(بشار بن برد – امرؤ القيس بن حجر – عنترة العبسي- علقمة بن عبيدة – عمرو بن كلثوم – الحارث اليشكري- طرفة بن العبد – أوس بن حجر – أبو كبير الهذلي- الأخطل التغلبي – مهلهل التغلبي – المرقش الأكبر- المرقش الأصغر- الشنفري الأزدي- تأبط شرّا – رؤبة – العجاج).
جنّة العفاريت:
فيركب بعض دوابّ الجنة وهو في طريقه إلى جهنّم إذ يجد نفسه في مدائن ليست كمدائن أهل الجنّة ولا عليها النور الشعشعاني وهي ذات أدحال وغماميل، إنّها جنّة العفاريت الذين آمنوا بمحمد، ويلتقي فيها بشيخ الجنّ الخيثعور بن الشيصبان المكنى بأبي هدرش ويسأله عن أشعار الجنّ (التي أوردها المزرابي) موسوعة سكوول الذي قال فيها افتراء فيتحاور معه عن اختلاف الجنّ والإنس في طبيعتها وفي الأدب وينشده ما طاب له من الشعر المطوّل فيكره الإطالة في ذلك.
أسد القاصر وذئب الأسلمي:
ينصرف ابن القارح عن جنّة العفاريت فيلاقي أسد القاصرة يفترس من صيران الجنّة أي البقر وحسيلها ويحاوره ومن ثمّ يلاقي ذئبا يلتهم ضباء وهو ذئب الأسلمي “الذي كلم الأسلمي” في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم.
أقصى الجنّة:
فينصرف عنه فإذا به في أقصى الجنّة أمام كوخ أو بيت كأنّه خفش أمة راعية فإذا بالبيت الحطيئة العباسي فيسأله “بما وصلت إلى الشفاعة؟” فيجيبه بالصّدّ في القول فيتجاوزه فإذا هو بالخنساء السّلميّة في أقصى الجنّة قريب من المطّلع على النّار تنظر إلى أخاها صخر والنّار تضرم أعلى رأسه وقد زعم فيه قولها.
الجحيم:
فيطلع في النّار فإذا به يرى إبليس فيشتمه ابن القارح فيردّ عليه إبليس بالبأس على أمثاله وصنيعته ليحاوره بحوار قصير اتّسم بالحدة آخذا طابعا أدبيا وغيبي الذي عجز فيه على الرّدّ عليه وعلى مواقفه التي طرحها إبليس والتي كانت مواقف غامضة وجريئة منها تحليل اللواط في الجنة قياسا على الخمر فما كان ردّه إلا شتما. وينظر فإذا هو برجل يغمض عينيه حتى لا يرى ما نزل به من العذاب والزّبانية تفتحها من كلاليب من النار وهو بشار بن برد فيسأله عن شيء من شعره رغم الموقف الذي فيه فيردّ عليه. موسوعة سكوول ومن ثم يسأل ابن القارح عن امرؤ القيس بن حجر فيشار عليه فيسأله في شعره ويحاوره مطّولا معه الكلام عن صحّة الرّواية عنه والإعراب. موسوعة سكوول وينظر من بعد ذلك فإذا هو بعنترة العبسي متلددا في السّعير فيسأله في شعره كما فعل مع السّابقين رغم ما هم فيه من العذاب. وينظر فإذا هو بعلقمة بن عبيدة ويسأله شيئان قصيدته التي على الباء ويتمنى حضور عمرو بن كلثوم فيقول “أفليت شعري ما فعل عمرو بن موسوعة سكوول كلثوم” فإذا هو تحته يحضر فيسأله أيضا عن قوله أن ينشده إيّاه فيردّ عليه “إنّك لقرير العين لا تشعر بما نحن فيه” وينظر من جهة أخرى فيجد الحارث اليشكري فيطرح عليه تفسير الرّواة في أحد أقواله ومن ثمّ يعمد ابن القارح إلى طرفة بن العبد فيسأله هو أيضا عن بعض من قوله هل تنسب صحّتها له أم لعدي بن زيد وما اختلف النّحاة فيه أمثال سيبويه الذي لطالما ذكره ابن القارح في المحاورات التي سبقت في الرّسم والنّحو عند نقاشه ومحاورته للشّعراء. ثمّ يلتفت ابن القارح متأمّلا فإذا به يجد أوس بن حجر فيسأله قائلا “يا أوس إن أصحابك لا يجيبون السائل هل لي عندك من جواب؟ فإني أريد أن أسألك عن هذا البيت –وفارقت وهي لم تجرب وباع لها* * *من الفصافص بالنمى سفسير-…” موسوعة سكوول فيجيبه بأن يلتفت إلى النابغة الذبياني فهو أجدر بأن يعي هذه الأشياء التي طرحها ابن القارح في حواره مع أوس بن حجر فلقد أذهب الشّقاء والعذاب ما كان عليه إذ أنّ ابن القارح أرد أن يفتخر بتلك الأبيات لأوس بن حجر على أهل الجنّة عند عودته “فأتحف بها أهل الجنة فأقول: قال لي أوس —-“. موسوعة سكوول ويرى رجلا شقيّا فيسأله “من أنت أيها الشّقيّ؟” فإذا به أبو كبير الهذلي فيسأله شعره فيعرض عنه لموقفه بالنّار وما اشتغل فيه من العذاب. موسوعة سكوول وإذا هو برجل يتضور وهو الأخطل التغلبي وقد بلغ الإسلام ولم يدخل فيه وعاشر بن يزيد بن معاوية كان له أمينا وفيا متحسرا على أيامه معه “آه على أيام يزيد…” موسوعة سكوول فيلعنه ابن القارح بقوله “عليك البهلة؟” فيسمع الحوار إبليس فيتعجّب منه “ما رأيت أعجز منكم إخوان مالك” فيتمنى في قوله ” فلو فيكم صاحب نحيرة قويّة لوثب وثبة حتّى يلحق به فيجذبه إلى سقر” فيسمع ابن القارح ما قاله إبليس عليه فيأخذ في لعنه وشتمه.
ويرجع فيسأل الأخطل عن قوله فيملّ من خطاب أهل النّار فينصرف إلى قصره المشيد فإذا بلغ ميلا أو ميلين تذكّر أنّه لم يسأل عن مهلهل التغلبي ولا عن المرقشين … عن الشنفري وتأبط شرّا فيرجع على أدراجه فيقف بذلك الموقف ينادي “أين عدي بن ربيعة … فيقال: “زد في البيان” فيستشهد بأقوال النحويّين على قول عدي بن ربيعة فتسأله خزنة النّار وما النحويون؟ فإذا هو يسمعه وحواره فيسأله على مثل العادة في قوله أي في شعره. موسوعة سكوول ومن ثم يسأل على المرقش الأكبر فإذا هو في أطباق العذاب فيسأله عن أبياته في الشّعر فينصرف إلى المرقش الأصغر فيسأله عن قوله في شأنه مع بنت المنذر وبنت عجلان فيجده غير عليم وغير خبير فيتركه ليسأل عن الشنفري الأزدي فيجده وله قرين وهو تأبط شرّا فيسأله في شعره فلا يجيبه بعدها. موسوعة سكوول فيرى ابن القارح قلّة الفوائد لديهم فينصرف إلى الجنان تاركا إيّاهم في “الشقاء السّرمدي” .
العودة إلى الجنّة: تحديدا الفردوس:
وفي طريق عودته يلتقي ابن القارح بآدم عليه السّلام فيسأله عمّا روي عنه من الشّعر فينكر آدم ذلك بحجج “كذبتم على خالقكم وربكم ثمّ على آدم أبيكم ثمّ على حوّاء أمكم”. موسوعة سكوول وبعد حديثه مع آدم يجد ابن القارح روضة مؤنقة بها حيات يلعبن ويتماقلن فيتعجّب فينطقها فتقول:” أما سمعت بحيّة الصفاء الوافية لصاحب ما وفى؟” فيخاطبها مخادعا لها فتجدها كاشفة لدهائه فتعرض عنه وتنطق حيّة أخرى وهي التي كانت تسكن دار الحسن البصري فيتلوَ القرآن الكريم ليلا فتسمعه حتّى تلقّته عنه فلماّ مات انتقلت إلى دار آخر يجيد القراءة مع اختلاف في بعض ألفاظه فيسألها عن أوجه القراءة وضربا من الإعراب ويحاججها بقول النّحاة أمثال سيبويه وتزعم أن توقعه فتكون له أحسن غواني الجنة فيذهب مهرولا في الجنة هاربا منها وهي تلاحقه. موسوعة سكوول وعند هروبه من الحيّة العالمة بالقراءات تعترض ابن القارح الجارية الخارجة من الثّمرة وينشئ له الله ما كان في قول امرؤ القيس من حور عين يتماقلن في نهر من أنهار الجنّة. موسوعة سكوول ويمرّ بعد بأبيات ليس لها سموق أبيات الجنّة فإذا هي جنة الرّجز مِنْ مَنْ غفر الله لهم أمثال أغلب بني عجل والعجاج ورؤبة وأبو النجم وحميد الأرقط وغذافر بن أوس وأبو نخيلة، ويعرض له رؤبة فيقول له عن اختلاف قوافيه وتنوع رويّه فيعترض عنه بقوله أن الخليل قد أخذ عنه ذلك ليزيد الإعراض فيقول له “أجئت لخصامنا في هذا المنزل؟ فامض لطيّتك” فطال الخطاب بينهما ليسمع العجاج المخاطبة فيسأل على المسالمة.
بعد هذه الجولة ينصرف ابن القارح إلى متّكئه على مفرش من السندس فيأمر الحور العين بحمله وأن يضعوه على سرير من سرر أهل الجنّة من الزّبرجد والعسجد، والغلمان والجواري يخدمونه فيحلّ على تلك الحال إلى محله المشيد بدار الخلود وتناديه الثّمرات “هل لك يا أبا الحسن هل لك؟” موسوعة سكوول وأهل الجنّة يلقونه بأصناف التّحيّة ليختتم أبي العلاء المعري قصّته الخيالية بقوله: “وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين … لا يزال كذلك أبد سرمدا ناعما في الوقت المتطاول منعما لا تجد الغير فيها مزعما”.
لتنغلق القصّة وهذا الاستطراد المطوّل يقول المعري في نهايته “وقد أطلت في هذا الفصل ونعود الآن إلى الإجابة عن الرسالة” فيعود بذلك المعري إلى قسم الرّدّ المباشر للإجابة عمّا طرحه ابن القارح في رسالته.
العودة إلى قسم الرّدّ المباشر:
يأخذ ضروبا من الشّروحات في الإعراب والإفهام والتّعليم بالأقوال المختلفة والرّوايات المتعددة من قول النّحاة واللّغويّين من مذهب البصرة والكوفة “فأمّا البصريون فقد رووا في هذا البيت … ولا ريب أنّه يحكى ذلك من العلماء الكوفيّين” ويردّ عليه قوله بالفداء والشّوق كأنه صاحبه “يظن أنني من أهل العلم وما أنا بصاحب ولا الخلم وتلك لعمري بليّة تفتقد معها الجليّة” ثمّ يتحدّث المعري عن مقصد ابن القارح أو نقول الشّيخ الحلبي علي بن منصور فإنّه قد أورد كلاما خفيا بعدم فرح حلب به “فلو كانت تعقل لفرحت به فرح الشّمطاء” موسوعة سكوول ثم يعرض له أسماء شخوص حقيقيّين ثمّ يعلّق على فقدانه الأصدقاء ولما فيه من تلميح في رسالته ابن القارح على صحبة المعري إذ يراه أمرا عاديا من سنن الحياة.
لينتقل المعرّي في ردّه عن رسالة أبي الفرج الزهرجي الذي لم يوصلها ابن القارح له فيعلق على شكواه إليه ثمّ الكلام في سيبويه والنّحويين في أسطر قليلة. من ثمّ يعلّق المعرّي عن ما أورده في دين دعبل بن علي وأبي نوّاس وكما تحدّث عن أبي الطّيب كحادثته الّتي أوردها وهي خروج أبو الطّيب ليلا مع رجل واعتراض كلبا لهما بنباحه فقال أنه سيموت ومات الكلب بعد الحادثة ردّا علىهجاءه لأبي الطيب المتنبي فعدّه “من الزنادقة عبدة النجوم” ويطرح أمر القطربلي وابن أبي الأزهر عن تأليفهما لكتاب وعن كتابة أبي الطيب متى هل هي في 303هـ أم 324 هـ. موسوعة سكوول لينصرف عن الحديث عن شاعر يقال له شاتم الدّهر وعن الملاحدة وحال ملوك الفرس وزندقتهم ويفيض الكلام في ذلك ومن ثم عن صالح بن عبد القدوس الذي اشتهر بالزندقة فيكشف خصائص هذه الطبقة التي لعنها المعري ويذكر لنا أعلاما مختلفة من أسماء وأقوال وغير ذلك أمثال الحسن بن منصور والحلاج الأديب فيفصّل حالهم ومن ذلك ابن الرّومي وما كانوا عليه الذي أطال الحديث عنه أي عن ابن الرومي ويذكر أبو تمام بعده ورؤبة فالإفشين المازيار ثم بابك الخرّمي “فاتح باب الطغيان”.
حيث أنّ هذه الشّخوص التي أوردها المعرّي إنّما ردّا على ما جاء في استطراد ابن القارح في رسالته من ذكره شخصيّات عديدة ولم يكن له ثبوت في الرواية والقول عنهم حيث أنه قد بالغ وتطاول نسبيا على أدباء كبار يقول المعري على ابن القارح “واللعنة على الكاذبين” ثم يذكر المعري ابن الراوندي الذي ظلمه ابن القارح أيضا في رسالته ولعلّ ملخّص القول فيهم في قول أبي العلاء المعري أديب المعرّة “كم من أديب شرب وطرب ثمّ تاب وأجاب العتّاب فقد يضلّ الدليل في ضوء القمر ثمّ يهديه اللّه بأحد الأمر وكم استنقذ من اللّجّ غريق فسلم وله تشريق” موسوعة سكوول ثم يذكر لنا المعري شخصيّات دينيّة حتّى يقارن بينهم وبين الأدباء والشّعراء الذين تكلم فيهم ابن القارح، ومن أمثال ذلك أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز والصّحابي عمر ابن الخطّاب الذي كان الأخير على حال القمار والخمر ومن ثم موظّفا لدلائل قرآنيّة ومن السّنة الشّريفة المطهّرة ويضرب الحجج ليهدم رأي ابن القارح ومازال المعري يذكر لنا شخصيات أمثال أبو هذيل الغلاف وأبي الحسن البصري ويعرض لنا أخبار الفرزدق وما أعطي من مائة إبل صدقة ثم يذكر أبو بكر الشبل ومذهب الحلوليّة الذي سلم به في الرسالة.
لينتهي المعري من مجمل الرّسالة خاتما إيّاها بالاعتذار “وأنا أعتذر عن مولاي الشّيخ الجليل من تأخير الإجابة فإنّ عوائق الزّمن منعت من إملاء سوداء … وأنا مستطيع بغيري فإذا غاب الكاتب فلا إملاء ولا ينكر الإطالة علي … وعلى حضرته الجليلة سلام يتبع قرومه إفاله وتلحق بعوذه أطفاله”.
أنجز هذا العمل من قبل:
أشرف البنزرتي
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني