درس التوحيد وتحرير الانسان – بكالوريا آداب
تحليل المفاهيم:
مفهوم التوحيد:
هو العلم والاعتراف الجازم واليقيني بتفرّد الله بصفات الكمال وإفراده وحده بالعبادة ونفي معاني التّعدد عن الله تعالى في:
ذاته: قال تعالى:” لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ” – سورة الإخلاص.
صفاته: قال تعالى: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرْ” – سورة الشورى.
أفعاله: قال تعالى: “لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَة إِلَّا اللهِ لَفَسَدَتَا” – سورة الأنبياء.
مفهوم الحرية:
هي استقلال الإرادة وعدم الخضوع لا لسلطان هوى النّفس ونوازع الشّر (كالأنانية والخمول والسّلبية) ولا لسلطان الغير (ملك، رئيس..) فلا يستعبدك شيء ولا تستذلك عادة أو شهوة. فالعبوديّة لله وحده تحرّر الإنسان من كلّ عبوديّة لغير الله والإخلاص لله يصرف عن كل ذلّة أو تبعيّة. كما أن الحرية هي حالة إنسانيّة يكون فيها الإنسان خالصا من كل القيود والمعيقات وبما ينطلق فكره وسلوكه وإبداعه الحضاري وإنتاجه العلمي في شرط أساسي لكل انجاز في الكون.
أصالة الحرية في الإسلام:
الحرية هي الأصل الذي يولد عليه الإنسان والاستعباد من غير الله تعالى هو الاستثناء. قال عمر ابن الخطاب: ” متى استعبدّتم الناس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارا”.
الإنسان خليفة الله في الأرض صاحب حق وحرية بما أنه إنسان التكليف والمسؤولية. قال تعالى: ” وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا” – سورة الشمس.
من مظاهر تحرر الإنسان:
الاستخلاف في الأرض ليحقّق عبوديّته لله وسيادته على الأرض.
التمتع بمؤهّلات متنوّعة كالقدرة العلمية والجسدية والإرادة الحرة.
عموم التحرير لكل الناس.
عقيدة التوحيد: تحرير شامل:
تحرير التوحيد للعقل البشري:
دعا الإسلام إلى تحرير العقل من كل ما يعوقه إلى الاهتداء إلى الحق والخير.
العقل قبل أن يحرره التوحيد: خرافات وأوهام ومعتقدات باطلة – ظن وتخمين – الخوف من الطبيعة – التمسك بالمعتقدات والتقليد – الخمول والجمود والسلبية.
العقل بعد تحرير التوحيد له: معتقدات صحيحة من الكتاب والسنة تضمن اليقين الذي يمثل البرهان العقلي والشرعي والنظر العقلي للطبيعة واستثمارها والتجديد والانفتاح والاجتهاد الصالح والتفكير من خلال المبادرة والايجابية.
قال تعالى: ” وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ” – البقرة 170
تكرّرت في القرآن الكريم العبارات الدّالة على وجوب استخدام العقل (أفلا ينظرون، ألم ترى، يعقلون، يتدبرون)
الإسلام منح العقل البشري حرية البحث والمبادرة فأطلق له عنان النّظر في ملكوت الله لاستنتاج المجهول واكتشاف ما كان يخفى.
تحرير التوحيد للمجتمعات:
من أسس تحرير التوحيد للمجتمعات والأمم:
الحرية الفردية فلا حرية للمجتمع دون حرية كل أفراده.
إزالة التفاوت الطبقي وتحرير المرأة.
تفعيل إرادة الإنسان وتحرير المبادة وهو عكس الخمول والكسل واليأس والاستسلام والتشاؤم. قال تعالى: ” يَا أيُّهَا الإنسَانُ إنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهْ – الانشقاق 6.
ترك الأنانيّة والفرديّة والتكبّر وكلّ ما يتنافى مع الأخوة الإنسانيّة كالتعصّب والعرقيّة القبليّة والعنصريّة.
تحقيق العدل في كل المجالات: قال ابن خلدون: الظّلم مؤذن بخراب العمران.
الحريّة حقيقة ملازمة للوجود الإنساني وشرط لكلّ انجاز في الكون.
ضوابط الحرية وقيودها:
للحرية مزايا في تطوير قوى الإنسان وتنمية مواهبه لكن يشترط الالتزام بجملة من القيود:
التفريط في الحرية: القمع والاستبداد والاستعباد.
الإفراط في الحرية: الفوضى والعبثيّة واللامبالاة.
الحرية الوسط: حرية مسؤولة عن حق الله تعالى وحق النفس وحق الآخر.
الحرية في الإسلام قائمة على:
التّوازن بين حق الفرد وحق المجتمع أي بين المصلحة الخاصّة والمصلحة العامة وبين الحق والواجب.
قيود يقيّد بها الشخص نفسه من خلال ما يبرمه من عقود والتزامات مع غيره.
القوانين والتّشريعات التي يجب أن يلتزم بها الإنسان ليخرج من العشوائيّة إلى الحريّة ويحقق التّوازن في المجتمع.
الحرية بهذا المعنى ممارستها عبادة وخلق ومنزع اجتماعي وأنساني فهي حرية ملتزمة ومسؤولة.
أنقد وأبني موقف:
الأفعال الحرّة هي الأفعال المعقولة التي تستند لمبرّرات وتهدف لغايات وتربط الشخصية بحاضرها ومستقبلها.
الإنسان الحرّ هو القادر على التّحكم في العوامل الدّاخلية (النّفس والغرائز) والخارجيّة (الطّبيعة) وبقدر معرفته بها واكتشافه لأسرارها وتحكمه فيها يتجاوز ضعفه ويزيل جميع العوائق أمامه. يقول انجلس:” كلّما اكتشف الإنسان قانونا كلّما خطى خطوة نحو الحريّة”.
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني