شخصيات المسرحية:
الحكواتي:
يعتبر الحكواتي مظهرا من مظاهر التراث الشعبي الذي دأب عليه المجتمع الشرقي؛ ويعتبر قالب فني متواتر في المجتمعات العربية؛ وهي شخصية تقص وتحكي القصص التاريخية والشعبية، ولعل ما يجذب إليها المتفرج ما تتضمنه هذه الظاهرة من استحضار البطولات التاريخية الغائبة في الواقع المرير والراهن الذي فقد تلك المواصفات فهو يلهب المشاعر والأحاسيس عند المتفرج ويوقظها وهذا ما قصده سعد الله ونوس. شخصية تجذب السامع والمتفرج إليها ومتوازنة ورصينة، رجل تجاوز الخمسين من عمره، موسوعة سكوول محنّك ذو خبرة، صفاته تتناسب مع دوره الذي يجب أن يكون محايدا حتى تتحقق وظيفة التغريب لا أن يمليَ الأفكار والمواقفالجاهزة على الجمهور والزبائن بالتالي هو آلية من آليات كسر الإيهام ويخدم فكرة التغريب؛ يقول ونوس: “إن الحكواتي يمكن أن يحقق الاتصال الفوري بين الخشبة والصالة أي الزبائن والممثلين”.
هذه الشخصية عبر اسمهما “العم مؤنس” أنيس الجميع وواضع المتفرج في واقع مثيل له عبر كسر خاطر الزبائن في الحديث عن ظاهرةبيبرس وحرصه على احترام الترتيب الزمني قصد تجذير المتفرج في الواقع الراهن الذي يعيشه عبر صورة شبية لهذه المجتمع الضعيف في القرن 20م، موسوعة سكوول هو صورة عتيقة أصيلة تمثلت في السامر والراوي والمداح كما ذكر ذلك الأستاذ الأزهر بنرحومة … الحكواتي يضطلع بوظائف اهمها السرد فيسكر بذلك خطية الحديث بتدخلاته وباختصاره عن الحكاية وجزئياتها مثل قوله “وكان جابر يقطع الفيافي والقفار يتحسس رأسه”.
يعتبر الحكواتي قالب فني عربي، وكذلك خرقا صارخا للمسرح الأرسطي.
المملوك جابر:
يعتبر المملوك جابر بطابعه مقوما من المسرح البريشتي، لا الأرسطي ليس بطلا من النبلاء بل هو مملوك، يقول الحكواتي: “كان عند الوزير العبدلي مملوك يقال له جابر ولد ذكي وذكاؤه وقاد أينما حلّ يحل مه اللهو والمجون وكان كأهل بغداد آخر من يعنيه ما يجري بين الخليفة وسيده الوزير”. شهواني ودنيء الأخلاق “لو أستطيع أن ألمس هاتين الشفتين النديتين” حيث لم يتخلى ونوس عن البطل الملحمي فقد ظلّ وفيّا للمسرح الملحمي كما جعله سعد الله ونوس شخصية هزلية كوميدية “يفرك مؤخرته بباطن كفه وكأنه يساط فعلا” موسوعة سكوول مما يجعل من شخصيته تستعطف الزبائن في المقهى معه دلالة على انسياق الزبائن معه وفقدانهم للوعي مما يشتركان الطرفان في ظاهرة التغريب.
إن شخصية المملوك جابر طموحية ونفّاحة تراهن على حلم زائف إلا أنه في الحقيقة يقود بنفسه إلى الهلاك بفقد العقلانية التي يجب أن تكون من سمته وسمة المجتمع لا النهاية التراجيدية التي وصل إليها لذلك طرح ونوس من خلاله خصّيصا مسألة العلاقة بين العقل والعاطفة من جملة القضايا التي أثارها من خلال مسرحية “رأس المملوك جابر”. حيث لم يكن رمزا للعاطفة والعقل فقط بل كان رمز السذاجة والخبث، موسوعة سكوول صفتان نجدها من خلال شخصية جابر، بين صفاء نيته وخبثه للوصول لما يريد دون تفكير.حيث لم يكن رمزا للتجاذب والتقابل بين العقل والعاطفة فقط بل رمزا للسذاجة والخبث والخيانة الذي لا يمكن أن يجتمعا في آن، إذ أنهما يؤديان بصاحبه إلى ما لا يحمد عقباه
شخصية تمثلت في كونه مملوك وغارق في اللهو، إنه مظهر من مظاهر الاغتراب. إنها شخصية تراجيدية وليدة الحماقة والطيش والتهور.
الحوار المسرحي:
لا يمكن القول بأن المسرح يستقيم دون حوار فهذا بديهي. ومن مميزات المسرح عند ونوس أنه متعدد الاطراف ويتم بين طبقات مختلفة للمجتمع بين راع رعية / حاكم ومحكوم، موسوعة سكوول وكل هذه الاطراف تعبر عن قضايا ومواقف متعددة. وقد تراوحت مواضيع الحوار بين ما هو اجتماعي من قضية الغذاء والأمان وسياسية من سلطة ونفوذ وأخرى نفسية تناول فيها شهوانية جابر والشهرة وحبّ الظهور.
أطراف الحوار:
تنوعت أطراف الحوار فنجدها موزعة على الركح الاول: بين الحكواتي والزبائن؛ والركح الثاني بين المملثلين (المماليك / اهل بغداد / زمرد / الوزير / الخليفة / الجلاد). موسوعة سكوول هذه الأطراف المتنوعة والمتعددة بعثت موجهات على الحوار متنوعة من موجات نفسية ثقافية عاطفية اجتماعية …
بناء الحوار:
تراوح الحوار بين الطول والقصر والتوسط في المسرحية، وذلك حسب ما يقتضيه طبيعة الحوار وموضوعه، فنجد الطول غالبا ما يحضر في الحوار الحجاجي القائم على الإقناع، موسوعة سكوول وقد يقصر عند المواقف الصعبة او الانفعالات بين الممثلين أو بين أطراف الحوار. علاوة على ذلك فإن بناء الحوار قد كان تارة متصاعدا في القسم الأول وتارة تنازلي في القسم الثاني.
أنواع الحوار:
يمكن للحوار أن يكون ثنائيا أوجماعيّ وقد يرد فرديا في الحوار الغير مباشر إنما يكون مناجاة ويظهر هذا النوع الأخير أي الحوار الغير مباشر والمتمثل في المناجاة عند الذروة أو الأحداث الانفعالية “جابر: يتكلم بلا ضابط ..الخوف والذهول يموجان في عينه ويختلجان في صوته”.
أصناف الحوار:
حوار توافقي:
حيث لا نجد في الحوار تشنج أو تضاد أو اختلاف، فتكون لشخصيات متلائمة؛ مثل حديث الزبائن في أول المسرحية:
زبون2: سيرة الظاهر، نفد صبرنا ونحن ننتظر.
زبون1: إي والله صار أوان سيرة الظاهر بيبرس.
زبون3: يا عيني على أيّام الظاهر.
حوار خلافي:
يكون هذا الحوار غير توافقي بين الشخوص حيث نجد الانفعالات النفسية حاضرة ومختلفة وفيها تتقابل الشخصيات من حيث علاقاتها فيما بينها لتبرز الاختلافات في المواقف والآراء؛ موسوعة سكوول ويجسّد الحوار الخلافي خاصة “حوار الزبون الرابع مع بقيّة الزبائن” والحوار الذي دار بين جابر ومنصور وغير ذلك.
أساليب الحوار:
الحوار الحجاجي:
حيث ورد الحجاج بين الحجاج التعليمي في الحوار الصادؤر من الحكةاتي الموجه إلى الزبائن لعلها ترشدهم وتثير انتباههم ونجد في الحوار الحجاجي الحوار الجدلي الذي يسعى أحد أطرافه إلى إقناع الطرف الآخر (الرجل الرابع والبقية / الوزير وعبد اللطيف) أو يكون حوارا حجاجي سجاليّ كالحوار الذي وقع بين (جابر ومنصور أو بين الوزير وجابر).
الحوار التقريري:
الذي نجده في الحوارات العادية كالحوار السياسي أو حوار الرجل الرابع وغيره.
وظائف الحوار:
يضطلع الحوار بعدة وظائف أبرزها:
دفع الحركة الدّراميّة:
يبرز ذلك من خلال بناء الحوار الانفعالي الذي يأخذ بالأحداث نحو التّقدّم والذروة فيكون صراعيا دراميا بالأساس، لذلك غالبا ما يطرأ على الحوار الانفالات والتوتر بين الشخصيات في الحوار اليذي يطور الحبكة المسرحية.
الكشف عن الشخصيات:
وذلك من خلال الحوار الحجاجي أو الانفعالات يظهر الموقف متباينا بين الشخوص وتتبين الآراء والسلوكيات المتنوعة والمختلفة مثل موقف الزبائن الذي أظهر الخلفية الاجتماعية والثقافية ، موسوعة سكوول علاوة عن كشف طبيعة العلاقات بين الشخصيات كالتقابل بين منصور وجابر، أو التقابل بين الرجل الرابع وبقية الزبائن، أو طبيعة العلاقة القائمة بين الحاكم والمحكوم كالحوار القائم بين جابر والوزير والحلاق: يقو الحلاق “سمعا وطاعة”.
لغة الحوار:
هي لغة عربية فصيحة معظم الأحوال إلا أنها يتخللها بعض الألفاظ العامية، والتي تتحرك ضمن مرجعية تراثية، حيث يرى أن اللغة يجب أن تكون لغة مسرحية بامتياز فلا يمثل ذلك إشكال بين العامية والفصحى من حيث التوظيف، إذ يرى ونوس أن تكون اللغة الحوارية في النص لغةً حيّة وديناميكية قادرة على تطوير الحوار والمواقف التي يقصد من خلالها إيصال المقصد والغاية للجمهور حتى لا يجد الجمهور حاجزا لفهم الواقع، موسوعة سكوول ولغة المسرح ترتبط بشكل مباشر بالواقع إذ يرى أن اللغة الفصحى قد لا تعبر عن الواقع بقدر كاف في إيصاله للمتفرج في القرن 20 الذي قد ضيّع اللغة العربية الصحى إذ العي ليس في العربية الفصحى تحديدا وإنما لتباين الفهم بين الجمهور.
المراجع:
المختصر في العربية – قسم الأدب الحديث – للأستاذ الأزهر بنرحومة
مغامرة رأس المملوك جابر (سعد الله ونوس) دراسة نقدية – الأستاذ عماد الحاج ساسي
جذاذات العربية (تلاخيص) إعداد محمد الهاشمي الطرابلسي.
المسرح العربي من خلال مغامرة رأس المملوك جابر و شهرزاد – دار كنوز للنشر والتوزيع
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني