رسمت على وجهها تلك الابتسامة الطفولبة البريئة وحملت حقيبتها لتغادر، ستذهب الى وجهتها مثل كل صباح تأمل في الخير، من يدري لعل يومها سيكون أفضل من الأمس،
ستذهب الى معهدها الثانوي انها في طريقها تمشي بخطا حازمة وعازمة وكأنها في فرقة عسكرية جندت للتو في مهمة دولية لعلها كذلك فالدراسة تتطلب ذلك الجهد الذي لا بد منه، عزيمتها صلبة، نظراتها الحازمة تكاد تفقدها ابتسامتها التي ارتسمت فوق براءتها، ساذجة هي حين ظنت أن هذا سيسلكها عاما واحدا كما سلكت غيره ثم ترحل لكن لم يكن حدسها صادقا هذه المرة نعم لقد الفت الطريق كما الفت وجهتها معهد ثانوي تألفه ويألفها.
هاقد وصلت هنا محطة ذكرياتها الحالية والماضية لا زالت تعد ما بقي لها من الأعوام كي ترحل من هنا عامان لقد أخطأت العد مجددا، عام واحد و ينتهي كل شي سنة واحدة و تأتي التصفية فأما أن تنجح وتثابر كي تحقق حلمها و أما أن تبقى في لهوها ولعبها تنتظر فشلها أما هي فقد كانت من النوع المثابر أقول كانت لأنها تغيرت فعلا هذه الأيام يبدو ان أزمة التعليم قد رمت بظلالها عليها فأسكنتها في ضبابية وفي سنة يمكن أن تتبخر أحلامها أو يطول بها الانتظار عامين اخرين اذا ما صارت لا قدر الله سنة بيضاء نعم سنة بيضاء تلك المأساة التي تطاردها بعد كل هذا الجهد والعناء أن تعيد العام مجددا سيكون تعيسا و شيء مؤسفا بالنسبة اليها،
يا للمسكينة ظنت لوهلة أن أحلامها لن تمتد لتحقيقها الا قرن أخر، فماذا حصل الأن هل انقلبت الموازين هل سبقها الفشل لينال مبتغاه ذلك الفشل الذي يحطم أحلامها يفرغها من حماستها يسكن في ظلمة يأسها، تدخل المعهد الثانوي بخطاها الواثقة وكأنها تنتظر أحدا ربما صديقة مقربة أو رفقة محببة يليها بعد تشتت افكارها هذا الصباح
حانت منها التفاتة الى الخلف لتجد صديقتها أمل على وشك المناداة باسمها.
أمل ما أجمل ان يبثه فيها أحد ما هذه الكلمة الرائعة هذا الصباح، تأملتها في ابتسامة صباحية مشرقة نادتها باسمها لوهلة ظنت ان ذات الاسم هو نفسه ما تبحث عنه الامل هو الشي الذي فقدته طيلة اضطراب هذه الفترة تعالت امامها كلمة الامل ناطقة بالفجر الساطع لا مرية لديها من أن وراء الضباب سيشرق النور ولكن متى؟
هي لا تعلم ولا الوزير يعلم ولا النقابة تعلم بقيت مطرقة تفكر في حيرتها تلك الى أن قاطعتها تحية العلم نعم تود ان تمسك علم تلك البلاد مثل كل مرة حماستها كبيرة قد فاقت الحدود
ثم سكنت سكون الليل لتسمع الدرس درس تعلم انه لن يكون الاول و لا الاخير و لكنه مهم في النهاية هكذا يقولون دائما سئمت من طول الدروس.
انها تود طريقة جديدة بلا كتب ولا كراسات بالعمل تود الاكتشاف بنفسها ان ترى هباءة او ذرة بمنظار كان امرا غريبا بالنسبة لها و كان ما تدرسه لا يعدو ان يكون وهما او خيالا لكن من تحسب نفسها لوهلة تخيلت انها في احدى الجامعات الالمانية تدرس الهندسة يا لجمال ما تخيلته سبورة رقمية اضواء جميلة كراسي مريحة على الاقل سترتاح من تلك الكراسي الخشبية التي تسبب لها وجع الظهر فلتحلم ولتنعم بحلمها الجميل ذلك مادامت في وقت الراحة ستعود الى الدرس بعد قليل هي ايضا لا تعلم متاكدة من ان اضراب التلاميذ سيطول اما ان لهم الوقوف وقفة رجل واحد و المطالبة بمحقوقهم التي داستها الاقدام نعم كفا بالاخرين سخرية و تلاعب بهم مستقبلهم قد صار على المحك امالهم بامكانها التبخر في اي لحظة بسبب اللامبالاة بسبب المفاوضات الفاشلة والنقاشات الحادة المحتدمة التي لم توصل الى اي حل،
ان بهم الاوان ان يتكلموا اليست هذه هي الحرية حرية التعبير كلمة مدنية تعني الكثير لعقلها المتزن ستخرج معهم لن ترضى بنفسها دمية تتلاعب بها المسامير و المزامير مسقبلها ليس ساحة للعب هكذا اكدت على كلمها لتعود بعد برهة الى الواقع مأساة في التعليم لكل حقوقه التي يجب مراعاتها و مصلحة التلميذ خط احمر لا يجب المساس به تدرك هذا في قريرة نفسها تدرك معنى هاته الكلمات جيدا لكن مأن اغمضت عينيها حتى تذكرت كل استاذ درسها كان جديرين بالتقدير معظمهم كانوا رائعين
اما ان للجميع ان يتفاوضوا بجدية قبل فوات الأوان ايام تفصلنا عن العطلة التي بامكانها ان تكون كارثية ان تصير عطلة مفتوحة فيتبخر هذا العام كسراب عابر خادع للبصر فليتراجعوا عن كل شي ان كان الامر متعلقا بالضحية وان كان ضحيتنا هنا هو التلميذ، تلميذ يعيش في دوامة الضياع في تشتت الافكار، مستقبل ضبابي سراب يحوم حوله فما العمل اين الحل لا تزال هناك ايام تفصلنا عن العطلة لازالت هذه الفتاة مثل غيرها تمني نفسها بأمال تقتنصها قبل الضياع فأين أصحاب القرار؟،
هلم بنا لنصنع الأمل فمستقبل التعليم في خطر ولم يفت الأوان بعد فلنتدارك هذا الوضع ولنكمل ما بدأناه وسميناه أملا التعليم أن التعليم هو ما يستقيم عليه العمران ويبنى فيه النجاح فلنتعلم من اخطاءنا ولننير طريقا جديدا مشرقا لازلنا في الانتظار الوقت يمضي يا صناع القرار رنت دقات الساعة برأس الفتاة كما ترن صواعق الموت لدى المحتضر ولكن فجأة تهادى الى مسمعها صوت استاذتها بنبرة فرحة تنم عن السرور وهي تقول لقد وجدوا حلا لأزمة التعليم نجحت المفاوضات …
قبل ان يغلق العام المظلوم أبوابه و كأنها بشائر النصر و النجاح التفت حول افكارها فبددت الامل و ادخلت العزيمة و سعت ليتحيل الخوف في عقلها طمئنينة ألقت نظرة على الانترنت فوجدت من الأخبار ما يفرحها ومن القرارات ما يطربها ستستأنف الدروس و الامتحانات سيتواصل العام من جديد وكانه أفق وليد يأتي بالنور السعيد تعالت الابتسامات والضحكات ممن حولها كيف لا و قد كاد انتظاراتهم تقتللهم وتبددت امالهم وتركوا في اليأس من أقدارهم، عادت تلك الفتاة لتعقد العزم على العمل من جديد كما كانت في سابق عهدها من الدراسة هاهي الان ستكمل سعيها وتواصل ما بدأته ما أجمل ان تكلل المفاوضات بالنجاح .
بقلم: فاطمة الهمامي – المعهد الثانوي العهد الجديد