سلام… لقد نسيتك يا ظريفة، في مجرد شرود بائس لم يتجاوز جزءا من الثانية، لوهلة نجحت في إقناعي أني نسيتك وإنتهى الأمر وقد إبتسمت لاإراديا لأني أخيرا سأنال نصيبا من الراحة والمفرح في كل الأمر أنني سأحضى بالخروج من هذا الوهم والعدم الذي أنا فيه وحدي منذ أشهر بالنسبة لك، لكنها كانت سنوات ضوئية بالنسبة لي، كنت أضع علامة مع أنتهاء كل يوم يمر ولا أراسلك فيه لكن المؤلم أني أحس في كل يوم أن بين العلامة والتي تليها مسافة ملايين العقود رغم أن الأمر كله بسيط ينحصر في محض خمسة وعشرين ساعة لا أكثر بتوقيت عالمي، الساعة الإضافية تلك أسميتها على إسمك، ساعة يجتمع فيها أصدقائي أمام بيتي الخشبي، الإكتئاب والاختناق والحزن والألم والبكاء الصامت والموت دون مفارقة الحياة، القائمة طويلة لن أذكر الكل، يجتمعون كلهم أمام منزلي ليقدموا لي التعازي والمواسات إحتفالا بمرور يوم آخر كالذي سبقه دون رسائل تتراقص بيننا كما تشرفت مسبقا، كل هذه الأمور حصلت في جزء الثانية ذاك وقد توهمت أني تخلصت منك ونفيتك من مخيلتي إلى الأبد، لكن عبثا ما كنت أفعله يا ظرفية فقد تبين أني غبي إلى حد التقيء، لأني لا أختار في كل مرة الخيار الصائب، لا أستطيع حصر الأمر فأنا مشوش بين عدة إحتمالات، إما أنني أبله يدعي الغباء أم أنني أحمق يتظاهر أنه مجنون ويحاول جعل الكل يصدق أنه بخير رغم أنه يئن طول اليوم بليله ونهاره، ورغم ذلك مازال يحاول إقناع الخلق أنه بخير، والأدهى من هذا أنه كلما سأله أحدهم ذاك السؤال التافه « كيف حالك » يجيب أنه بخير بكل ثقة وجرأة رغم أنه مازال يئن، نعرف الحمد لله على كل حال تقال دائما لسنا حمقى إلى تلك الدرجة، لكن إذا أردت إقناع أحدهم بشيئ فتعلم أساليب الإقناع والكلام وإجعل كل شيئ منطقي كفاك بلاهة، ببساطة لقد هربت، وأعرف أنني جبان لا داعي لتمتمة ذاك بينك وبين نفسك، هربت من الواقع لأنك موجودة فيه رفقة ذاك الفيلم الذي جمعنا، لقد أتقنا لعب دورنا إلى حد أن المخرج نجى من الجلطة الأولى بمعجزة ليجد نفسه وجها لوجه أمام سقطة قلبية رمته في الفراغ الأسود، لقد أبهرناه يا قصيرة. هربت من الواقع إلى عالم الوهم والخيال، هربت منك إلى عالم الكتابة المدهش، لكن أسفا تبين أن كلمة مدهش مصنفة ضمن أولى المعاني لأسمك، تركت كل شيئ تعلمته في الواقع وهاجرت صفحة بيضاء لا يوجد فيها شيئ غير رقم الورقة، لا لم يكن واحدا بل كانت صفرا بكل ثقة، خلقت عالمي الخاص وخلدت فيه، كنت لاجئا في عالمي، كنت حالة إستثنائية أشفق الكل عليها وحاولوا مساعدتها بكل الطرق لكن لم يقل لها أحد يوما كيف حالك بصدق، هذا السؤال محرم في عالمي لأن الذي يصل إلى هنا حاله قد مات ونسي منذ زمن.
بقلم : أسامة مسعودي معهد الوفاء بالحمامات