إلى روح جدي – بقلم: آمنة طليق

كل التفاصيل من حولي تذكرني بك ..أبكيك سرا وعلنا..أبكيك صمتا .. أبكيك على باب شرفتي و فوق وسادتي ..أبكيك عندما أذكر ليالي السمر و ماحكيته لي عن النجوم و القمر ..

أبكيك عندما أنام و تتردد رنات تصبحين على خير بصوتك و جمال دعواتك .. أبكيك حين أسمع صوت الأذان كل يوم إذ أذكر كم مرة سألتني فيها ما إن حان وقت صلاة المغرب ..أبكيك وانا أحزم أمتعتي لأتوجه للدراسة وأذكر أنك كنت تخشى أن يأتي موعد عودتي وأن أتركك وقد كنت أمضي ساعات كثيرة من يومي بجانبك .. لم أكن أدري حينها ان ذهابك الأبدي سيسبق ذهابي المؤقت !

أبكيك إذ يتردد في أذناي صدى صوتك و انت تحدثني عن التاريخ و الحروب و يوم قطعت مسافة ما يعادل اليوم خمس ساعات بوسيلة نقل ،مترجلا .. ! أبكيك إذ أنظر إلى قائمة الأرقام في هاتفي فأفتقد رقمك بل أبكيك حين ما أذكر حديثنا عن الهواتف الذكية و التكنولوجيا المتقدمة قبل أيام من رحيلك…

أبكيك حينما أشتاق وحينما أحن و حينما أتذكر تفاصيل آخر زيارة لي لبيتك و آخر ليلة جمعتنا قبل رحيلك بلا عودة .. أبكيك حينما أقوم بطبخ آكلة نالت اعجابك يوم قدمتها لك على وجبة الغداء!

نعم أبكيك بكل هذه التفاصيل الصغيرة…
أبكيك بضعف ..بوهن ..بابتسامة.. !أبكيك بفخر..أبكيك بدموع حفيدة نالت شرف أن تكون حفيدتك.. أبكيك إذ أذكر سؤالك ما إن كنت بخير ؟ والآن وما إن غاب السؤال حتى تغيرت الإجابة فأنت لم تعد معي وانا لست بخير ..و خيالك سيرتسم في زوايا البيت إلى الأبد .. لا عودة لك ولا عودة لنا بعدك ..

أنت البداية و انت النهاية وإذ أبكيك فإني أبكي رجلا ليس ككل رجال الدنيا في قلبي .. فوالله إني أشتاق إليك ..

بقلم: آمنة طليق – المعهد العالي للانسانيات بالمهدية