رســـالة الــغفـران: الموضوع الأوّل مع الاصلاح: ليس المكان في قسم الرّحلة من رسالة الغفران مجرّد إطارًا تجري فيه الأحداث وإنّما هو إلى ذلك وسيلة فنيّة تعبّر عن مشاغل الكاتب ومواقفه. حلّل هذا القول وادعمه بما درست من رسالة الغفران.
وظيفة المكان التّأطيريّة:
يحتضن المكان أحداث حكاية الرّحلة ومن أهمّ الأماكن:
الجنّة: ومن أهمّ الأحداث النّزهة وهي التّنقّل بين رياض
الجنّة والمحاورات مع نزلاء الجنّة والمنادمات (مجالس الخمرة) وإنشاد الشّعر (مجالس أدبيّة) … العربدة… الخصومات…
الحشر: البعث هو الأوّل ثمّ الحساب وطلب الغفران ونيل الشّفاعة وعبور الصّراط.
الجحيم : الإطّلاع على أهل النّار ومحاورة بعض أهلها مثل إبليس…
فقد وُصِفَتِ الأمكنة وصفًا مادّيًّا وخياليًّا في مقاطع مسترسلة أحيانا وفي مقاطع أخرى تتخلّل السّرد وتسند إليها وظيفة إحتواء الأحداث.
وظيفة المكان الرّمزيّة:
إختار المعرّي أمكنة وفضاءات بطريقة معيّنة فهندسة المكان في الغفران إمّا بالتّقابل (الكوخ والقصر) أو التّناظر أو التّماثل (قصرين
في الجنّة) لتعبّر هذه الأمكنة عن مواقفه من قضايا تشغله… فماهي تجلّيات تعبير الأمكنة عن مشاغل الكاتب ومواقفه ؟
الشّواغل الأدبيّة وموقف المعرّي منها : مثل المجالس الأدبيّة وما جرى فيها من محاورات حول الشّعر و موقف الكاتب من غرض المدح وشعر التّكسّب إلى جانب موقفه من طبقات الشّعراء، ففحول الشّعراء هل تكون بالكمّ أم بالكيف؟.
الشّواغل الإجتماعيّة وموقف المعرّي منها : نلاحظ في الجنّة تقابل بين القصور المشيّدة من ذهب وفضّة و الأكواخ الحقيرة (كوخ الحُطَيْئَة) وهذا التّقابل لإثارة التّفاوت الإجتماعيِّ بين الأفراد والطّبقات، كما أثار المعرّي قضيّة الوساطة وخاصّة في عبور الصّراط (عبور الصّراط على ظهر الجارية).
الشّواغل العقائديّة وموقف المعرّي منها :موقفه من عقائد النّاس وتصوّراتهم حول الحساب والعدل الإلاهي والجزاء والخلود في العالم
الأخر…(ضياع صكّ التّوبة) ونقدٍ للمعتقدات الشّعيّة … موقفه من الجنّة ونعيمها والجحيم بعذابه (مادّيّة المُتَعِ وأنواع العذاب)… وموقفه من الحشر (الشّفاعة –الغفران – النّفاق كعلاقة ابن القارح برضوان وزفر…).
الشّواغل السِّياسيّة وموقف المعرّي منها: إثارة قضيّة الظّلم السّياسي وتدخّل الحاشية في السّلطة (تجاوز علي ابن أبي طالب للحكم الإلاهي وهو دخول الأعشى للجحيم .. وموقفه من مصير الظّالمين (وصف الأمراء و الملوك في الجحيم).