أنماط الكتابة في أدب أبي حيّان التوحيدي – بكالوريا آداب
تجليات المنزع القلي في أدب التوحيدي في جانبه الفني: أنماط الكتابة وأساليبها:
أنماط الكتابة: بنية الخطاب العقلي:
النمط الحجاجي:
يسمى أيضا منهج العرض وهو ذو بنية ثلاثية تقوم على عرض الأطروحة المستبعدة مع حجج دحضها ثم تأسيس الاطروحة البديلة وتقديم حجج لدعمها لينتهي إلى قسم الاستنتاج والمثال في ذلك نص « الراعي والرعية ».
النمط القياسي:
ويكون فيها
بناء التشبيه بدل المماثلة وضرب الحكاية المثلية من مجرد الحجج
النطقية إلى جعله مقوم حجاجي منهجي يعرض المبحث المثار مثل ما عمد
إليه التوحيدي في المقابسة الأولى إلى كونه
ماثل على لسان
أبي سليمان المنطقي بين الجسد والإناء فكلما كان الإناء قذرا كلما عفته
ونفرت منه ليصل بالجسد إلى كونه وعاء الروح فكلما تجرد من شهواته انتهت الروح
إلى كمالها وطهارتها يقول التوحيدي: » وكما
تنظف الأنية من
وسخ ما جاورها ولابسها ووضر ما خالطها ودنسها لتشرب فيها أو لتنظر إليها
وتستصحبها… ومتى لم تجدها كذلك عفتها وكرهتها ونفرت منها… فاعلم أنك لا تصل
إلى سعادة نفسك وكمال حقيقتك إلا بتنقيتها من درن بدنك ». فهو قياس شيء على
شيء.
نمط المقارنة:
والذي يطرح فيه التوحيدي لمسألتين ويقارن بينها كمسألة الجدلية بين الشريعة والفلسفة وبيّن الفروق بين صاحب كل فنٍّ منهما « صاحب الشريعة مبعوث وصاحب الفلسفة مبعوث إليه وأحدهما مخصوص بالوحي والاخر مخصوص ببحثه والاول مكفي والثاني كادح » ويرى أن هذه العلاقة الجدلية تحمل منحى إيجابي لا سلبي فهو جمع لا تفرقة.
النمط الوعظ التعليمي:
يقوم هذا النمط على النصح والدعوة والإرشاد نحو مجموعة من القيم من ذلك نصح التوحيدي الوزير في الامتاع والمؤانسة قائلا: » أيها الوزير مر بالصدقات… واه جر الشراب وأدم النظر في المصحف ».
النمط الحواري السجالي: (قائم على المحاورة والمسائلة):
ويقوم على نقل
حوار بين طرفين مختلفين في الرأي لكل مهما أطروحته
التي يدافع عنها بحجج مختلفة فيكون الخطاب
قائما على رد
موقف بموقف على طريقة المساجلة كما هو الشأن في نص « بين النحو والمنطق »
أو قائم على جدلية السؤال والجواب أو نقل خطاب دار في إحدى المجالس كحديث
التوحيدي مع الوزير كالمقابسة التي انطلقت بسؤال التوحيدي لابن بكر الفوميسي وكان
كبيرا في علم الأوائل « بأي معنى بكون هذا الزمان أشرف من هذا الزمان وهذا
المكان أفضل من هذا المكان وهذا الانسان أشرف من هذا الإنسان » وقد مثلت
المقابسة 91 ترجمانا لهذا النمط عن بيان دور المسائلة في بلورة الأطروحات القائمة بأسرها
على السؤال والجواب يقال:
ما حد
الكلام…؟ يقال: ما
الشعر…؟ يقال: ما الغناء…؟ يقال: ما الفساد…؟ يقال: ما الإقناع…؟.
النمط الاستقرائي:
الذي يقوم على الانطلاق من الجزئيات لصوغ قاعدة عامة ليصل إلى الكليات من أمثلة ذلك نص « فضيلة الاختلاف » الذي انطلق فيه من موضوع خاص وهو الاختلاف بين المذاهب ليصل فيه إلى قاعدة عامة وهي ضرورة الاختلاف حتميا انبنى عليها نظام الكون… وأيضا خطورة التعصب لرأي ما. كبيانه أن « المذاهب فروع من الأديان فإن جاز الاختلاف بين الأديان جاز الاختلاف بين المذاهب ».
النمط الاستنباطي:
حيث أن هذا النمط على غرار النمط الاستقرائي) الذي ينطلق من الخاص إلى العام) فهو ينطلق من الكليات إلى أن يجعله منطبقا على الجزئيات أي من العام إلى الخاصّ كقوله « أن الطبيعة فوق الصناعة وأن الصناعة تتشبه بالطبيعة ولا نكمل… » في إحدى المسامرات المتعلقة بالكيمياء ليصل إلى جزئيات هذا الطرح مشيرا إلى المعادن.
النمط الوصفي التحليلي أو ما يسمّى التسجيلي:
يقوم على نقل تجربة واقعية نقلا قائما على التسجيل أي سرد جملة من الأحداث الواقعية لدفت المتقبل إلى استخلاص العبرة من الحدث المنقول ومثال ذلك نص « كما تكونون يولى عليكم » أو نقله لثورة العيارين وهي تدعم موقفه كحجج واقعية منطقية.
نمط المقابسة:
التي تقوم غالبا على بنية تفسيرية أساسها التدرج من الإجمال إلى التفصيل فيكون المنطلق عرض المسألة المراد الخوض فيها سواء علمية دينية طبيعية… ويشرع بعد ذلك بشرحها وتفسيرها وعرض أمثلة للإقناع مثل نص « لم خلا علم النجوم من الفائدة ».