محور الاخلاق: في السعادة اليوم – جون بودريار – فلسفة – بكالوريا

محور الاخلاق: في السعادة اليوم – جون بودريار – فلسفة – بكالوريا

نص: في السعادة الجديدة.

أي حقيقة للسعادة اليوم؟ وفق أية رؤية يمكن اعتبار السعادة الجديدة مجرد وهم تروج له الرأس مالية؟

لضمان المساواة في السعادة كان لابد من إيجاد معيار مادي موضوعي يمكن أن نقيس من خلاله السعادة وتعميمها. هذا المعيار لا يمكن أن يكون إلا الرفاه. فما المقصود بالرفاه؟ ومالذي يبرر اعتباره مصدرا للسعادة؟

في دلالة الرفاه: يرتبط مفهوم الرفاه مع التكنولوجيا وبتطوير وسائل العيش المادية. هذا التطورر الذي كان نتيجة « للتقدم العلمي ومن مظاهره الثورة الصناعية ».

دواعي تأسيس السعادة على الرفاه:

– اعتبار الرفاه أداة للسيطرة على الطبيعة.

– تقليل قدر الامكان من الالام التي تسببها الطبيعة (الكوارث والتلقبات المناخية).

– ارتباط الرفاه برغد العيش.

– الحياة الهادئة المريحة.

– تحقيق أكبر مقدار من المتعة واللذة.

– ضمان القدرة على مواكبة التطورات التي تحصل في مجتمعات أخرى.

– الزيادة في أمل العيش.

– ضمان أكثر قدر من الحماية.

 انطلاقا مما تقدم يتبين جون بودريار أن الرفاه هو المعيار المادي الذي تعتمده الرأسمالية لقيس السعادة فالسعادة الجديدة هي في الرفاه غير أن ما يكتشفه جون بودريار هو أن هذه السعادة إلا وهما.

دواعي اعتبار السعادة الجديدة وهما:

تعتبر السعادة الجديدة سعادة الرفاه مجرد وهم تبيعه الرأسمالية تحت غطاء تحقيق السماواة وتوزيع السعادة توزيعا عادلا بين الافراد فهي سعادة اديولوجية.

اخفاء الطبقية من خلال الترويج لهذه السعادة الجديدة التي تدعي أن لكل فرد الحق في أن يكون سعيدا بقطع النظر عن انتمائه الطبقي ويرتبط ذلك باعتبار الرفاه والتكنولوجيات الحديثة هي لفائدة كل الطبقات الاجتماعية.

تبرير نموذج المجتمع الاستهلاكي: إذا كان الاستهلاك هو الافراد في الشراء بحاجة أو بدون حاجة وهو أهم رهانات الرأسمالية وأهدافها فإن تأسيس السعادة على الرفاه يدفع الى الاستهلاك وهو ما يسمح للرأس مالية تحقيق الربح والنجاعة والمنفعة جراء وفرة الانتاج والمردودية على اعتبار ان الاستهلاك بأكثر مقدار يقتضي بالضرورة وفرة الانتاج ومن هنا نتبين ان سعادة الرفاه ليست الا اخفاء لأطماع تجارية ترتبط بالربح وبتكديس الثروة لدى الطبقة المالكة.

تبرير الفردانية: تستند الرأسمالية في تأسيسها للسعادة على الرفاه الى قول « حق يراد به باطل » وهو بالاعتراف صراحة بحق كل واحد بالسعادة ويتحول هذا الحق الى باطل حين نكتشف خفايا هذا التصور للسعادة بما هي تبرير للفردانية. هذه
الفردانية التي يعبر عنها سعي كل فرد الى امتلاك الثروة التي تخول له تحقيق هذا الرفاه.

افراغ الديمقراطية من محتواها: وذلك من خلال اختزال الديمقراطية في التمتع بالتكنولوجيا الجديدة بنوع من الانصاف او المساواة وهو ما يحول الديمقراطية الى غاية بتجاهل المساواة السياسية والقدرات والمسؤوليات وكل ما يتعلق بحق الفرد.

في ضوء ما تقدم يتبين بودريار ان التقدم التكنولوجي هو تقدم نحو عبودية جديدة تجعل الانسان المعاصر يقبل عن طواعية سلطة التكنولوجيا.

المكاسب: التأكيد على أهمية الحدس النقدي الذي بمقتضاه تبين جون بودريار وهم السعادة الجديدة سعادة الرفاه وهو ما يمثل دعوة ضمنية الى عدم التغاقل عن القضايا الحقيقية التي يعيشها الانسان في ضل الرأسمالية وعلى رأسها قضية الحرية والكرامة.

الحدود: لا يمكن  تأثيم الرفاه بصورة مطلقة إذ لا يمكن انكار أن التقدم التكنولوجي مكن الانسان من قدر معين من اللذة والمتعة من خلال تقليل ألم السفر وربح الوقت والمحافظة على حياة البشر وقدرته على البعث أكثر.