منهجية تحرير مقال حجاجي – السنة تاسعة أساسي
المقدّمة:
– يصرّ بعض التّلاميذ على المقدّمة العامة أو ما يسمّى بمقدّمة المقدّمة، وهي ليست ضروريّة، ويخطئ الكثير في صياغتها فيأتي فيها على نقاط محلّها الجوهر، أو يصرّح بموقف قبل الأوان، كما نرى من يحفظ مقدّمة جاهزة، وهذه مجازفة لأن المقدّمة العامّة لا تصلح لكلّ موضوع.
– لا تأخذ المقدّمة حيّزا نصّيا كبيرا وتشتمل على مناسبة الحوار (إذا كان الموضوع الحجاجيّ متأسّسا على الحوار) وعلى الأطروحتين المدعومة والمدحوضة، كما يُذكر فيها أطراف الحوار، وللتّلميذ أن يضيف الإطارين الزّمانيّ والمكانيّ، وعليه فالمقدّمة سرديّة أساسا يمكن أن تشتمل على بعض الوصف ولا ندرج فيها حوارا.
– نجتنب طرح أسئلة إشكالية في آخر المقدّمة إذا كان الحجاج قائما على الحوار، وكثير من التّلاميذ يخطئون إذ يطرحون مثل هذين السّؤالين: فما هي الحجج الّتي استعملتها؟ وهل تمكّنت من إقناع صديقي بصحّة رأيي؟
– يمكن طرح أسئلة تكون مدخلا إلى الجوهر في المواضيع الحجاجيّة الّتي لا تقتضي حوارا كقولنا مثلا: ففيم تتمثّل أهمّية الفنّ في حياة الفرد والمجتمع؟ أو : فما هي مخاطر التّدخين؟ وكيف يمكن للإنسانيّة أن تتصدّى لها؟
الخاتمة:
– إذا كان الحجاج حوارا فالخاتمة تقوم على ثلاثة أركان:
الرّكن الأوّل: وصف حال المخاطب: ارتباك، تلعثم في الكلام، صمت..
الرّكن الثّاني: مآل الحوار: اقتناع أو عدم اقتناع
الرّكن الثّالث: فعل يدعم مآل الحوار كأن يقتنع الصّديق بخطر التّدخين فيرمي بعلبة السّجائر، أو يقتنع الأب بأهمّية الموسيقى فيتولّى بنفسه إعداد الوثائق الضّروريّة لتسجيل ابنه في أحد المعاهد المخصّصة لتعليم هذا الفنّ….
وبناء عليه فالخاتمة تكون سرديّة أساسا يتخلّلها الوصف لا حوار فيها.
– أمّا إذا كان الموضوع لا يتطلّب حوارا فالخاتمة تكون استنتاجا
– مثال لخاتمة:
ولقد ألفيت البسمة تلتمع على شفتيْ أبي كأنّها تفصح عن إعجاب بقولي يخشى أن يبوح به، ولا مراء في أنّه اقتنع بقولي إذ دعاني إلى الكفّ عن الهراء غير أنّه أصبح كثيرا ما يلهج بذكر النّساء اللاّئي نقشن أسماءهنّ في صفحات الحضارة الإنسانيّة
الجوهر:
-المقدّمة والخاتمة عنصران رئيسان في العمل ذلك أنّ الانطباع الأوّل عن العمل يحدث منذ قراءة المقدّمة أمّا الخاتمة فهي آخر ما يرسخ في ذهن المصحّح وعليه وجب العناية بهما عناية تامّة، وليس يعني ذلك إهمال الجوهر فهو من الأهمّية بمكان لأنّه يمثّل سبرورة الحجاج.
-يمكن أن يتضمّن الجوهر مجموعة من المخاطبات (إذا طلب منكم إجراء حوار) كما يمكن أن يُبنى الحوار طرادتين أي مخاطبة واحدة خاصّة بالآخر ومخاطبة تخصّني أو تخصّ الطّرف الثّاني في الحجاج، على أن تكون المخاطبات في كلّ الأحوال موظّفة توظيفا جيّدا ونبتعد عن مثل قولنا:
– السلام عليكم
– وعليكم السلام
– كيف حالك؟
فهذه ثرثرة لا طائل منها، والمخاطبة الموظّفة جيّدا هي الّتي تتضمّن فكرة أو أكثر وحجّة أو أكثر
– لا يجب أن نغفل عن تأطير المخاطبات تأطيرا سرديّا وصفيّا، فلا نكتفي بوضع مطّة أوّل الكلام، ولا نكتفي بـ »قال »، « قلت »، بل نمهّد في كلّ مرّة للحوار كأن نقول: « نظرت إلى صديقي في وجوم مستغربا ما آل إليه حاله، أيّ رياح عصفت به إلى هذا المهوى السّحيق وأيّ تيّار جرفه إلى مستنقع التّدخين؟ ولم يطل بي الصّمت طويلا خشية أن يتصوّر الفتى أنّه أفحمني فقلت:….. »
– يكون التّأطير قبل المخاطبة دائما إذ كثيرا ما نرى التّلاميذ يتأثّرون بأساليب الحوار الفرنسي فيقولون مثلاً: كيف لم تقتنع بكلامي؟ قال أبي. (لاحظ وجود التأطير بعد المخاطبة)
– لا بدّ من الالتزام بآداب الحوار، فلا نشتم المخاطب ولا نرميه بنعت مهين، ولا نصوّر أنفسنا غاضبين كأن يقول بعضهم: قلت والشّرر يتطاير من عينيّ أو قلت غاضبا.
– يحسن ترتيب الحجج من الأضعف إلى الأقوى، وضعف الحجّة وقوّتها تتحدّد عادة بنوع المخاطَب، فحجّة الشّاهد القوليّ الدّينيّ مثلا تكون حجّة قويّة مع المسلم ضعيفة مع الملحد، والحجّة العلميّة تعتبر دامغة إذا تحدّثت إلى عالم أو مثقّف وهي غير ذات شأن إذا كنت تخاطب أمّيا أو طفلا صغيرا، وهذا يعني أنّه يعسر أن نجد ترتيبا موحّدا للحجج، ثمّ إنّ الحجج أنواع قد تخرج عن الحصر، ومع ذلك فإنّي أقترح في التّرتيب ما يلي:
1.حجّة المماثلة ويمكن للتلميذ أن يصوغها بنفسه
2.حجّة المقارنة
3.حجّة الشّاهد القولي (غير المتّصل بالدّين)
4.حجّة الواقع
5.حجّة الشّاهد القولي الدّيني (حديث نبويّ)
6.حجّة الشّاهد القولي الدّينيّ (حديث قدسيّ أو قرآن)
– لا بدّ من مناسبة الحجّة للسّياق فلا أتحدّث عن أهمّية الموسيقى ثمّ أقدّم بيتا شعريّا مضمونه أهمّية الشّعر.
– تكون الحجّة دائما دعما لفكرة سابقة فلا نجعل العمل خالصا للحجج كما لا يجب أن نغيّب الحجج من أعمالنا
– انتبه إلى ضرورة تنويع الحجج: حجّة المماثلة، الحجّة المنطقيّة، حجّة المقارنة، حجّة الواقع، حجّة الشّاهد القوليّ الدّينيّ أو غيره…
– لا بدّ من تنويع أساليب الرّبط بين الفكرة والحجّة وإليك أمثلة:
1.الرّسم تعبير عن الذّات وخلجاتها في مختلف حالاتها، يقول الرّسّام التّونسيّ حاتم المكّي: التّصوير صداك يردّد نفسك
2.ليس يخفى ما للمسرح من دور في تطهير الذّات فهو يساهم بقسط وافر في غرس القيم النّبيلة في المجتمع ألَمْ تسمع إلى شكسبير يقول: أعطني مسرحا أعطكم شعبا عظيما؟
3.الفنّ ذاكرة الشّعوب يحفظ تراثها، وهو عنصر أسّ من عناصر الهُويّة الوطنيّة ومقوّم من مقوّمات الحضارة والثّقافة فلا عجب أن تعنى كثير من الدّول بحفظ تراثها الفنيّ وقد عرفت كثير من الحضارات البائدة بما خلّفته من أعمال فنّيّة كالنّقوش والتّماثيل والأهرامات. أوَ لمْ يَقُلْ الشاعر الدّاغستانيّ رسول حمزاتوف: عندما يسألونك: من أنت؟ تستطيع أن تبرز وثيقة أو جواز سفر يحتوي على المعلومات الأساس، أمّا إذا سألوا شعبا من أنت: فإنّه سيقدّم علماءه وكتّابه وفنّانيه وموسيقيّيه ورجاله السّياسيّين وقادته العسكريّين وثَائقَ. »
4.وثمّة روابط أخرى كثيرة كقولنا: وأية ذلك قولُ فلان…. | وهو ما نصّ عليه القرآن في قوله تعالى…. | فلا عجب أن يقول الكاتب ……… في سياق حديثه عن …….
– إذا شرعت في التّحرير وفرغت من فكرة ومررت إلى أخرى ثمّ خطر لك أن تعود إلى الفكرة الأولى لإثرائها فلا تفعل لأنّك ستقع في خلل منهجيّ، بل اجعل عملك مبنيّا بناء متسلسلا واجتنب تكرار الأفكار.
– إذا وجدت أنّه بإمكانك إغناء فكرة واحدة بسيل من الحجج فلا تفعل أيضا وانتق أكثرها مناسبة للفكرة حتّى لا يستحيل عملك إلى فسيفساء من الحجج فخير الكلام ما أغنى قليله عن كثيره.
العرض:
– حسّن خطّك قدر المستطاع فإذا كان خطّك رديئا فخلّف سطرا عند الكتابة
– لا تشكل إلاّ إذا خشيت أن يقع للقارئ لبس في فهم كلمة معيّنة وهذا مستبعدٌ
– لا تشطب واجعل ورقتك نظيفة
– اكتب بقلم واضح الخطّ، أزرق اللّون ولتصحب معك قلمين
– إذا استشهدت ببيت شعريّ فاكتبه صدرا وعجزا في سطر مستقلّ
– اُكتب حجج الشّاهد القوليّ بلون مغاير يحسن أن يكون الأخضر
– استعمل علامات التنقيط ولتكن بلون أخضر أيضا
– اجعل عملك فقرات ولتترك فراغا في بداية كلّ فقرة عدا المخاطبات.
نصائح عامّة:
– قد تحسّ بالارتباك في بداية الحصّة، وهذه حالة عاديّة تزول بمجرّد الانغماس في العمل
– اقرأ الموضوع جيّدا وتبيّن المحور أو المحاور الّتي تتصل به
– خطّط جيّدا قبل التّحرير ولتكن معك ساعة تساعدك على التحكّم في الوقت
– تنبّه إلى المطلوب منكم واجعل على مسوّدتك جدولا تضع في كلّ خانة منه الفكرة المراد التوسّع فيها فإن طُلب منكم الحديث عن آثار التّدخين مطلقا مثلا فحاول أن تفصّلها إلى آثار صحّية وآثار اجتماعيّة وآثار اقتصاديّة… وإن طلب منكم الحديث عن أهمّية الفنّ فيمكن أن تتحدّث عن أهمّية الفنّ في حياة الفرد ثمّ أهمّيته في حياة المجموعة فذلك رهين ما يُطلب منكم.
– إذا رأيت أنّ لك أفكارا كثيرة والوقت يحاصرك فاقتصر على أهمّها فالكثرة لا تعني الجودة.
– لا تنشغل بأصدقائك ولا تكترث لمن غادر مبكّرا وإذا أتممت عملك فاترك الحديث عنه إلى ما بعد انتهاء فترة الامتحانات، ولا تبحث عن الصّواب والخطإ في إجاباتك ولتكن هادئ النّفس دائما