درس التطور السياسي في الايالة العثمانية والمغرب الاقصى في القرن الثامن عشر

درس التطور السياسي في الايالة العثمانية والمغرب الاقصى في القرن الثامن عشر – ثالثة ثانوي

I- التطور السياسي للكيانات المغربية:

1- نظام الدايات بالجزائر: (1830 – 1671):

أ- تشكل نظام الدايات بالجزئر:

بدأ حكم الديات بالجزائر منذ النصف الثاني من القرن 17 حيث تمكنت الطائفة القرصانية أو طائفة الرياس من افتكاك الحكم سمة 1671 من الاغا ضابط سابق في الجيش الانكشاري وفرضت احد زعمائها حاكما على الجزائر بلقب « داي » لكن استغل الجيش الانكشاري النظام ليسترجع السلطة وتختار دايا من بين ضباطه حاكما للبلاد لسيطرة الطائفة الانكشارية وقد دعت استقلاليتها عن الباب العالي سنة 1711 بمنع الداي علي شاو دخول الباشا المعين من قبل اسطنبول الى الجزائر باضافة لقب الباشا الى الداي.

ب- سلطة الداي بالجزائر:

انحصر النفوذ المباشر للداي في حدود دار السلطان حيث قسمت مناطق البلاد الى بعثة بياليك الذي يعينهم الداي بياليك الشرق أو باي قسطينة.

تكمن مهمة البايات في جمع الضرائب وكان الداي حريصا على ضمان ولاء البايات باستقبالهم او باستقدامهم الى الجزائر بانتظام لتقديم الدنوس اي الولاء وتقديم قسط من الجباية.

ج- تطور حكم الدايات في الجزائر:

تميز حكم الدايات في الجزائر خلال النصف الاول من القرن الثامن عشر بعد الاستقرار فبين 1700 و1766 تعاقب على السلطة 11 دايا كانت نهايتهم القتل او العزل لكن في عهد الداي محمد بن عثمان الذي حكم بين 1766 و1791 استقر الوضع السياسي نظرا لتحسن مداهيل الخزينة المتأتية من الجباية المفروضة على بايات تونس كذلك الايتاوات التي تدفعها الدول الاوروبية مقابل عدم تعرض سفنها للقرصنة. ومع مطلع القرن 19 رجعت الاضطرابات حيث تعاقب على الحكم 6 دايات كانت نهايتهم القتل او العزل واخر دايات الجزائر هو الداي حسين الذي بقي في السلطة حتى 1830.

2- تركز حكم وراثي بطرابلس:

أ – طرابلس قبل حكم عائلة أل قرمنلي:

كانت طرابلس قبل وصول عائلة ال قرمنلي الى الحكم ولاية عثمانية يشرف على ادارة شؤونها وال تعينه الدولة العثمانية وقد حرص العثمانيون على التغيير المتواصل للولاة خشية ترسخ كيانهم بطرابلس وانفصالهم عن الدولة العثمانية

أسهم هذا التغيير المستمر للولاة في اضعاف نفوذهم امام قيادة الانكشارية ورؤساء القرصان مما ادى الى تعاقب الفتن والاضطرابات وقد تزامن ذلك مع تكثف الضغط الاوروبي للقضاء على القرصنة

اتاحت كل هذه الظروف لاحمد قارمنلي المنتمي الى اسرة تركية مستوطنة في طرابلس والذي تقلد عدة مناصب عسكرية بان يتولى الامر في الايالة بعد كسب موالات الديوان الانكشاري واعلن ولائه للسلطان العثماني احمد الثالث

ب- فترة حكم عائلة قارمنلي:

تميزت فترة حكم أحمد قارمنلي بالاستقرار حيث اعتمد على القوة لتثبيت حكمه واخضع القبائل لتأمين مساليك التجارة الصحرارية و – اهتم بتطوير القوة البحرية لحماية السواحل الليبية لكن مع حكم علي بن محمد قارمنلي (1754 – 1792) تفاقمت المشاكل مع الاطراف الاوروبية واضطربت الاوضاع الداخلية واشتد تنافس الاسرة القرمنالية على الحكم

تدخل حكام الجزائر وتونس في شؤون ليبيا حيث هاجم علي رغل شقيق داي الجزائر ليبيا بموافقة من السلطان العثماني وفرار قرمنالي الى تونس واستنجد بحاكمها حمودة باشا

تواصل عدم الاستقرار في عهد يوسف قرمنالي (1796 – 1893) وتعود اسباب ذلك الصراع على السلطة وضغط القوى الاوروبية وثورات الاهالي

استغلت السلطة العثمانية هذه الاوضاع لاسترجاع نفوذها المباشر على طرابلس بتنظيم حملة عسكرية سنة 1835.

3- السلطة العلوية بالمغرب الاقصى:

أ- ظروف قيام الدولة العلوية:

ضعف قيام السعدية مثل تضرر التجارة الصحراوية نتيجة نمو الرأسمالية التجارية في المحيط الاطلسي.

ظهور قوى انفصالية تتصارع على السلطة خاصة بعد مقتل آخر الأمراء السعديين سنة 1659 وقد تمكنت عائلة شريفة النسب (تنسب الى عائلة علي ابن ابي طالب وزوجته فاطمة بنت الرسول) وقد استقروا منذ القرن 13 ميلادي بسجلماسة بالمغرب الاقصى حيث تمكنت من افتكاك الحكم بالاعتماد على جيش الشرافة واقتحام مدينة فاس سنة 1666.

ب- الطور السياسي للدولة العلوية:

كان انتقال السلطة في المغرب الاقصى يتم على اساس الوراثة لكن لا يرتبط بالضرورة بالابن الاكبر وقد تمركزت الدولة العلوية بـ 4 مراحل كبرى:

مرحلة التركيز: 1672 – 1727: ارتبطت بفترة حكم اسماعيل الذي اعتمد على القورة لتثبيت كيانه لاعتماده على جيش الودايا والضغط الجبائي مما ادى الى عدم كسب ولاء نسبة كبيرة من السكان ودخول الكيان العلوي في حالة فوضى بمجرد رحيله

مرحلة الفوضى: 1727 – 1757: تداول على السلطة في ضرف 30 سنة 11 سلطانا بسبب تدخل جيش العبيد في تنصيب وعزل السلاطين في ضرفية متميزة بتمرد المدن وزحف القبائل البربرية في اتجاه السهول وانتعاش نشاط الزوايا.

مرحلة الاستقرار: 1757 – 1790: تمكن محمد بن عبد الله من اعادة الاستقرار والقضاء على الطموحات السياسية للطرق الدينية وبكسر شوكة العبيد فتشتت أغلبهم وأدمج أقلية من المخلصين منهم كما خفض في الجباية لاستمالة السكان وتطور في عهده النشاط التجاري.

مرحلة الاستقرار النسبي: 1790 -1822: رجعت الفوضى من جديد نتيجة الصراع على السلطة بين ابناء محمد بن عبد الله وسلك سياسة انغلاق في فترة تكثف فيها الضغط الاوروبي.

II- أدوات السيطرة وعلاقات الكيانات المغربية بالاطراف الخارجية:

1- أدوات ومظاهر السيطرة على المجتمع:

أ- المؤسسة العسكرية:

تعتبر اساس قيام الكيانات والدعامة الاساسية للسلطة ومن ابرز وظائفها حماية الفئة الحاكمة والدفاع عن المجال وردع الرافضين لها والمتمردين وتميزت هذه المؤسسة بتعدد تشكيلاتها ويمكن تقسيمها الى صنفين:

الصنف التقليدي المحلي: ويتكون من رجال قبائل المخزن الموالية للسلطة وتتمتع بامتيازات كالاعفاء الكلي او الجزئي للجباية والحصول على الاراضي واعتمده العلويون بالمغرب الاقصى في مرحلة التركيز واعتمدته كذلك الكيانات التركية الديات في الجزائر وطرابلس ويكمن دور هذا الصنف في دعم النفوذ بالداخل وتوفير المواريد الجبائية

الصنف النظامي القار: ويتكون من عناصر غير محلية مثل الجيش الانكاري بالجزائر وجيش عبيد البخاري بالمغرب الاقصى.

ب- المحلة او الحركة:

اعتمدت في الجزائر وطرابلس وهي موروث موحدي اطلق على المؤسسة العسكرية الجبائية مهمتها توفير الموارد الاساسية للسلطة

الحركة: اعتمدها العلويون بصفة مكثفة لدوريته ازمات انتقال السلطة بالمغرب الاقصى مهمتها: توسيع بلاد المخزن وردع القبائل المتمردة

ج- الجباية ابرز مظاهر السيطرة:

اعتمدت الكيانات التنظيمية سياسة الضغط الجبائي دون اعتبار حال الاهالي

تعدد الضرائب التنظيمية مثل ضريبة العشر على الحبوب والقانون على الزياتين والنخيل والمكوس على الاسواق والتجارة.

2- العلاقات الخارجية للكيانات المغربية:

أ- العلاقة الرابطة بين الكيانات المغربية:

اعتمد دايات الجزائر استراتيجية الهيمنة تجاه الكيانات الاخرى:

كثفوا حملاتهم ضد العلويين واستغل دايات الجزائر اضطراب الاوضاع بتونس وتدخلوا عسكريا في عديد المجالات وعدة مناسبات (التدخل في شؤون تونس لتنصيب علي باشا سنة 1755) وتدخل الجيش الجزائري في تونس سنة 1756 كما شهدت هيمنتهم على آل قرمنلي بمساندة حملة علي برغل 1792.

دفعت هذه السياسة الى تقابل وتقارب بين المغرب الاقصى والدولة الحسينية وبين الدولة الحسينية وال قرمنلي.

ب- علاقة الكيانات بالسلطة العثمانية:

– نزعة كل من الجزائر وطرابلس الاستقلالية على الخلافة العثمانية

الجزائر رفضت الاعتراف بالمعاهدات الموقعة بين الخلافة والاوروبيين والمعرقلة لنشاط القرصنة

اما ال قرمنلي فتغير حركة انفصالية كونت الاستقلالية الا انهما حافظا على مظاهر الولاء كطلب فرمان التولية

قبلت السلطة العثمانية بالامر الواقع في الجزائر لكنها سعت لاسترجاع نفوذها في طرابلس سنة 1835 اما علاقة المغرب الاقصى بالسلطة العثمانية فكانت ودية من خلال توحيد عديد الشعارات وتقديم الدعم المادي والعسكري للسلطة أثناء حربها ضد روسيا سنة 1783

ج- العلاقات المغربية الاوروبية:

تميزت العلاقة بين الكيانات المغربية بالاطراف الاوروبية بالتصادم خلال القرن 18 بسبب الصراع حول المراكز التجارية الاستراتيجية كالصراع الاسباني الجزائري الذي افضى الى استرجاع الجزائر لوهران والمرسى الكبير 

الصراع الاسباني مع العويين حيث تمكن العلويون من استرجاع عدة مواقع وفشلوا في تحرير سبتة ومليلة

كما تميزت هذه العلاقات بالتعامل السلمي من خلال توقيع المعاهدات والتبادل التجاري وتكثيف انشطة الشركات الرأسمالية الاوروبية.