درس أزمة الايالة التونسية في القرن التاسع عشر – ثالثة ثانوي

المحور الخامس: النهضة العربية الحديثة وتطور الايالة التونسية في القرن التاسع عشر

درس أزمة الايالة التونسية في القرن التاسع عشر 

I الأزمة المالية:

1– مظاهر الأزمة واسبابها:

أ * مظاهرها:

تتمثل في عجز ميزانيّة الدولة حيث أن المصاريف فاقت المداخيل بـ: 1.7 مليون ريال سنة 1861.

ب* أسبابها:

– تأثر موارد الدولة وخاصة الخارجية من توقف نشاط القرصنة.

– إسراف الأسرة الحاكمة وإقدام البايات على انجازات مشاريع مكلفة وغير مجدية مثل جلب مياه زغوان الى العاصمة.

– ارتفاع كلفة المشاركة في حروب الدولة العثمانية مثل حرب القرم (1854 – 1856 )

–  اختلاس بعض أعوان الدولة للأموال وأبرزهم مصطفى خزندار ومحمود بن عياد.

2)إجراءات الحد من الأزمة:

أ*الرفع من الضرائب:

– تعدّد الضرائب مثل العشر والقانون واللزمة والمحصولات وإقرار ضرائب جديدة المجبى سنة 1856 التي بلغت 36 ريالاً على الشخص.

– الرفع من قيمة الضرائب مثل ضريبة المجبى التي تضاعفت قيمتها لتبلغ 72 ريالا سنة 1963.

ب * سياسة الاقتراض:

أمام استفحال الأزمة وقع اللجوء إلى سياسة التداين سواء المقنع (غير المباشر)المتمثل في السلّم وهو عبارة عن بيع الدولة لزيت الزيتون للتجار قبل الإنتاج أو الاقتراض المباشر (ثلاث قروض متتالية 1962,1963,1965)

          عمّقت هذه الإجراءات أزمة الميزانيّة التونسيّة حيث حاول الباي الحصول على قروض أخرى لكنه فشل فتحولت سياسة الاقتراض من وسيلة إصلاح إلى وسيلة إفلاس. أمّا داخليّا فقد ساهمت هذه الإجراءات في تعميق الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تعيشها البلاد. 

II الأزمة الاقتصادية والاجتماعيّة:

1 الأزمة الاقتصادية: 

أ – أزمة الفلاحة: 

تتمثل في انخفاض الإنتاج الفلاحي خاصّة في المواد الأساسيّة ( حبوب وزيتون) وتراجع المساحات المزروعة نتيجة تتالي سنوات الجفاف والضرائب المرتفعة .

ب- تدهور الأنشطة الحرفية: 

تتمثل في كساد سوق الحرف مثل صناعة الشاشيّة والجلود نتيجة منافسة المنتجات الصناعيّة الأوروبيّة. 

ج) أزمة القطاع التجاري: تتمثل في:

– ركود التجارة الداخليّة نتيجة ضيق السوق الداخليّة وفقر السكان وانعدام الأمن في فترات الاضطراب.

– تراجع التجارة الخارجيّة نتيجة سيطرة التجار الأوروبيون على مبادلاتها وانجر عن ذلك عجز الميزان التجاري وتدهور قيمة الريال التونسي

2-  الأزمة الاجتماعيّة:تمثلت مظاهرها في:

– انتشار الفقر والبؤس بسبب إثقال كاهل السكان بالضرائب مما أدى إلى تفقير المنتجين والتجار.

– الانهيار الديمغرافي بسبب تواتر المجاعات مثلما حصل سنتي 1849 و 1856 والأوبئة مثل وباء الكوليرا سنة 1867ومخلفات القمع الشديد للانتفاضات مثل انتفاضة القبائل سنة .1864

– كثرة التناقضات التي شهدها المجتمع نتيجة رواسب الخلافات القديمة بين الحسينية والباشية والنزاعات بين القبائل. 

III – الأزمة السياسية:القطيعة بين الدولة والمجتمع:

1- نظام الحكم:

– محافظة الباي على سلطته المطلقة واستعانته بالمماليك الذين سيطروا على أهم المناصب العسكريّة والسياسيّة وقاموا باستغلالها للإثراء على حساب السكان والبلاد.

– اعتماد سياسة جبائيّة قاسية على الأهالي.

2- ردود فعل السكان:كان السكان رافضين لسياسة الدولة وتمثل رفضهم في:

– إنتفاضة 1864 التي بدأت كعصيان مدني بامتناع القبائل عن دفع الضرائب ثم تحوّلت إلى حركة مسلحة تزعمها علي بن غذاهم وشملت كامل أنحاء البلاد باستثناء العاصمة, تمّ القضاء عليها في أواخر 1864.

– الإحتماء بالأجانب من قبل بعض الأفراد الذين سعوا إلى حماية أرواحهم وممتلكاتهم من تعديات السلطة ويعكس ذلك غياب الشعور بالأمان لدى السكان وعلاقة القطيعة بين الرعية والبيليك.

3 دور الأجانب في تعميق الأزمة:

استغلت القوى الأوروبيّة أزمة البلاد التونسيّة لتحقيق أطماعها الاستعماريّة من خلال التسرب الاقتصادي والمالي عن طريق المعاهدات والاتفاقيات مثل اتفاقيّة 1830 بين فرنسا وتونس وقد أخضعت القوى الأوروبيّة تدخلها في شؤون البلاد التونسيّة لمرحليّة محكمة تتمثل في:

– المرحلة 1: إيقاع البلاد في دوامة التداين وجرّها إلى الإفلاس.

– المرحلة 2: تدخّل الحكومات الأوروبيّة وفرض رقابة ماليّة على ميزانيّة البلاد عن طريق  » الكومسيون المالي ».

–  المرحلة 3: إعلان الهيمنة السياسيّة.