درس الإزدهار الإقتصاديّ : الفلاحة
مقدمة:
حاولت روما توسيع مجال ولاية افريقيا البروقنصلية فأصبحت هذه الولاية المزود الرئيسي لروما بالمنتوجات الفلاحية فما هي عوامل ازدهار القطاع الفلاحي في ولاية افريقيا البروقنصلية وماهي مظاهره وما هو دور الازدهار الفلاحي في تطوير بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى؟
I- عوامل الازدهار الفلاحي في ولاية افريقيا البروقنصلية:
1- سياسة رومانية مشجعة للفلاحة في ولاية افريقيا البروقنصلية:
تراجعت الفلاحة في ولاية افريقيا البروقنصلية اثر الاحتلال الروماني بسبب حرص السلط الرومانية على منع غراسة الكوروم والزياتين وعلى اكتفاء الفلاحة الافريقية بتوفير الحبوب الضرورية لتموين روما لكن بنهاية القرن الأول ميلادي تغيرت السياسة الفلاحية الرومانية تغييرا جذريا وذلك من خلال اصدار جملة من التشريعات:
– قانون منسيانا:
وينص هذا القانون على اعفاء الفلاح الصغير الذي يستثمر قطع الارض التي لم تنتج سابقا من تقديم القسط المطلوب انتاجه الى صاحب الارض طيلة السنين التي لم تبلغ فيها اشجار الزياتين التي غرسها.
– مرحلة الانتاج الكامل
اما فيما يخص غراسة الكوروم فقد رود في نقيشة هنشير متيش (منطقة تقع بالشمال الغربي التونسي تحديدا جهة الكاف) النتين الذي غرس قبل اصدار قانون منسيانا فانتاجه باكمله من نصيب المستغل طيلة 5 سنوات وعلى المستغل ان يسلم القسط المطلوب وفقا لمقتضيات القانون بعد ذلك.
-قانون هدريانا:
نسبة الى الامبراطور هادريانوس المنتمي لعائلة الانطونين والذي حكم بين 171م. و138م خيث مكن هذا القانون مزارعي الزياتين والاشجار المثمرة من امتيازات جبائية هامة وسمح باستغلال الاراضي البور ووفر المنشآت المائية.
اندرجت هذه القرارات طبقا لما يعرف بسياسة الرومنة وهي السياسة التي انهجتها روما بهدف ادماج السكان الاصليين واستغلالهم لخدمة مصالح روما.
2- أهمية الموروث الفلاحي القرطاجي:
اهتم القرطاجيون بالنشاط الفلاحي وخاص بغراسة الزياتين والاشجار المثمرة كما قاموا بدراسة علم الفلاحة ووضع اساليب وتقنيات ساهمت في الرفع من الانتاج وابرز دليل على ذلك ما تضمنته موسوعة ماغون من نصائح وتقنيات تخص عملية الزراعة وكيفية التعامل مع العمال وخدمة الارض إضافة الى طرق صناعة الخمور وزيت الزيتون وقد استفاد الرومان من هذه الموسوعة اثر قرار مجلس الشيوخ ترجمتها الى اللغة اللاتينية وقد برز هذا التأثي بهذه الموسوعة من خلال كتاب الفلاحة لكولوملا.
3- تأطير المجال الفلاحي لعرض المسح العقاري:
عملت السلطات الرومانية على تحديد الممتلكات الفلاحية لفرض المسح العقاري ويمكن هذا الاجراء من تأطير وتنظيم المجال الفلاحي.
II- مظاهر ازدهار الفلاحة في ولاية افريقيا البروقنصلية:
1- تنوع الانشطة الفلاحية وتوزعها:
توزع الانشطة الفلاحية:
بعد تغيير السياسة الرومانية ازدهرت الفلاحة في ولاية افريقيا البروقنصلية واكتسحت الكروم والزياتين مناطق الشمال والساحل وامتدت الى جهة السباسب وواحات الجنوب.
تنوع الانشطة الفلاحية:
زراعات كبرى الحبوب وغراسات كالزياتين والتين والكوروم الى جانب تربية الماشية والصيد البحري.
2- ضخامة الانتاج الفلاحي:
يتميز الانتاج الفلاحي افريقيا البروقنصلية بضخامته وهو ما أكسبها مكانة اقتصادية هامة على مستوى صادرات الحبوب التي بلغت 1.26 مليون قنطارا أي ما يعادل ثلثي الحاجيات الغذائية للعاصمة روما.
وقد انفردت ولاية افريقيا البروقنصلية منذ نهاية القرن الثالث ميلادي بتوفير حاجيات روما الكاملة من المواد الفلاحية حيث لم يقتصر تموين العاصمة الرومانية بالحبوب فقد بل شمل كذلك الزيوت والخمور.
III- دور الازدهار الفلاحي في تطوير بقية القطاعات الاقتصادية:
1- الانشطة الفلاحية:
نمور الصناعات الضرورية لتحويل الانتاج الفلاحي كمعصرة الزيتون والحبوب وازدهار صناعة الخزف لتوفير اواني الخزن ونقل المواد الفلاحية برا وبحرا وقد امتازت بالطلاء الارجواني.
2-دور الفلاحة في ازدهار النشاط التجاري:
انتعاشة التجارة الخارجية فجهزت الموانئ وتكثفت علاقاتها البحرية مع موانئ ضفاف البحر الابيض المتوسط نتيجة لتصدير مواد عديدة فلاحية وصناعية.
كما ازدهرت التجارة الداخلية حيث تعددت الاسواق التي يتبادل فيها الفلاحون منتوجاتهم بمنتوجات حرفية.
خاتمة:
بلغت ولاية افريقيا البروقنصلية درجة مرموقة من النمو الاقتصادي يتجلى ذلك من خلال ازدهار النشاط الفلاحي الذي ساهم بدوره في تطوير بقية القطاعات فاصبحت ولاية افريقيا البروقنصلية مطمور روما خاصة في القرن الثاني ميلادي.