مصادر التشريع – بكالوريا آداب
معنى المصادر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:” تركتُ فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه” الموطأ، كتاب الجامع، 1619. هذا الحديث من خطبة الوداع في شكل وصايا ونلاحظ أنه موجه لعامة المسلمين دون تحديد للزمن ويتضمن التصريح القطعي بمصدري التشريع الأساسية وهما القرآن والسنة ويدعو المسلمين إلى التمسك بهاذين المصدرين بهدف حمايتهم من الضلالة.
فأصول التشريع هي الوسائل التي يتوصل بها المجتهدون إلى معرفة حكم الله تعالى وتسمى كذلك بـمصادر التشريع او أصول التشريع أو أدلة التشريع.
كما قُسمت مصادر التشريع كالآتي. مصادر متفق حولها وهي أصلية (نقلية) والتي تمثل مصادر التّشريع وهي القرآن والسنة. ومصادر مختلف حولها وهي تكميلية (عقلية قائمة على الاجتهاد) وتمثل مناهج التشريع: الإجماع – القياس – العرف – الاستصحاب.
ويُستدل على هذا التقسيم بقوله تعالى:” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول” النساء 59.
كما أنه ليس هناك تعارض بين الأصول العقلية والأصول النقلية. فالاستدلال بالمنقول يحتاج للتدبر العقلي والاستدلال بالمعقول لا يكون شرعيا إلا إذا اسْتند للمنقول.
المصادر الاساسيّة للتّشريع:
القرآن:
تعريفه:
هو الوحي المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز بلسان عربي المجموع في المصاحف، المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر.
طبيعة التشريع فيه:
جاء القرآن الكريم تبيانا لكل شيء، فهو يتضمن أحكاما نص عليها هو ذاته وأحكام تم اسْتنباطها.
وتتميز الأحكام التي وردت فيه بأنها قواعد عامة وأحكام كلية، فالقرآن ليس لمجتمع الجزيرة العربية وحدها ولا لعهد الرسول صلى الله عليه وسلم وحده وإنما للبشرية كافة ولجميع العصور لذلك لم يضع القرآن في الأمور المتغيرة أحكاما تفصيلية فآيات الأحكام أقل من الأحكام والتشريعات التي وردت حولها حيث أورد القرآن أحكام الصلاة والزكاة دون أن يفصلها وجاءت السنة النبوية للبيان والتفصيل.
كما توجد قواعد أخرى مرتبطة بالمقاصد، حيث ارتبطت الأحكام الشرعية بالمصالح التي هي أهم مقصد للشريعة الإسلامية مثل قوله تعالى:” وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ” سورة الإسراء 34. وقوله أيضا:” وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” سورة البقرة 179.
فقد حرم الله القتل وشرع القصاص للحفاظ على حق الحياة وعلى النفس البشرية. إضافة إلى ذلك فقد انبنت القواعد على مبدإ التعليل إذ ارتبطت الأحكام الشرعية الواردة في القرآن بالتعليل لتكون أكثر إقناعا مثال ذلك قوله تعالى:” وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” سورة الإسراء 32. إذ حرم الله الزنا وعلل ذلك بأنه فاحشة تنجر عنها الكثير من الأضرار الصحية والاجتماعية والنفسية.
أما بخصوص استخراج الأحكام من القرآن فهو يتطلب المعرفة بسائر علوم القرآن مثل علم التفسير وهو العلم الباحث في معاني ألفاظ القرآن الكريم وهدفه فهم كتاب الله وتبين معانيه واستخراج أحكامه وعلم أسباب النزول أي مناسبات النزول وهو علم يؤرخ للأحداث التي سببت نزول الآية أو السورة وهدفه معرفة الحكمة من تشريع الحكم ومعرفة إذا كان الحكم خاصا بصاحبي أو بشخص معين أو هو عام لكل الناس وعلم الناسخ (الحكم الشرعي الذي أبطل العمل بالحكم الأول) والمنسوخ (الحكم الشرعي المتقدم الذي أزيل العمل به).
مثال ذلك قوله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا” سورة النساء 43. وقد نُسخ هذا الحكم بقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” سورة المائدة 90. أما الهدف من معرفة الناسخ والمنسوخ هو فهم الإسلام والاهتداء إلى صحيح الأحكام.
كما يتطلب استخراج الاحكم من القرآن المعرفة بالمحكم والمتشابه إذ قال تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ” سورة آل عمران 7. فالآيات المحكمات واضحات الدلالة ليس فيها شبهة ولا إشكال أما الآيات المتشابهات فهي التي يلتبس معناها في الأذهان لأنها تحتمل في التفسير أكثر من وجه. الهدف من ذلك هو فهم معاني القرآن والوقوف على أحكامه ومقاصده.
السنة النبوية:
تعريفها:
هي كل ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم غير القرآن والأقوال وأفعال واقرارات تشريعية. وهي المصدر الثاني للتشريع ويجب على كل مسلم العمل بها لقوله تعالى: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” سورة الحشر 7. كما تعتبر السنة النبوية وحي لقوله تعالى: “وَمَا ينطِقُ عن الهَوَى إلَّا وَحْيٌ يُوحَى” سورة النجم 3.
وينقسم الوحي إلى نوعان، الأول هو الوحي المتلو المتمثل في القرآن الكريم، والثاني هو الوحي المروي والذي يتمثل في السنة.
السنة نوعان:
متواترة: ما رواه الجمع عن الجمع وهو قطعي الورود أي موثوق في ثبوت نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم.
آحاد: ما رواه الواحد عن الواحد أي ظني الورود أي مشكوك في ثبوت نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم.
ليس كل يروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من أخبار صحيحا لذلك تم وضع علم الجرح والتعديل من أجل البحث في مرتبة الراوي في الصدق والعدالة من أجل تنقية السنة النبوية مما ألحق بها من شوائب ويرتب الحديث من حيث الصحة إلى:
حديث صحيح: وهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون فيه شذوذا أو علة.
حديث حسن: هو الذي يوجد في رواته من أُخذ عليه شيء في حفظه وضبطه.
حديث ضعيف: وهو الذي يقع فيه شك في متنه أو يكون واحدا أو أكثر من رواته ممن لا يوثق في روايتهم.
دور السنة في التشريع:
موافقة ما جاء في القرآن من أحكام: حتى تزيدها تأكيدا وإثباتا. قال صلى الله عليه وسلم: قد فرض عليكم الله الحج فحجوا”.
بيان ما جاء مجملا في القرآن الكريم من تشريعات أي تفصيل وتفسير ما جاء مجملا وعاما كطريقة الصلاة والوضوء. قال تعالى:” أَقٍيمُوا الصَّلاَةَ وآتُوا الزَّكَاة” وقال صلى الله عليه وسلم:” صَلُّوا كما رأيتموني أصلي”.
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني