الدرس : نشأة الدولة الديمقراطية الحديثة في الغرب أواخر القرن 17 – التربية المدنية – ثانية ثانوي

الدرس : نشأة الدولة الديمقراطية الحديثة في الغرب أواخر القرن 17 – التربية المدنية – ثانية ثانوي

المقدمة:

ظهرت الدولة الديمقراطية الحديثة في القرن الثامن عشر بالغرب وجاءت نتاج لجملة من التحولات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ففيما تتمثل مظاهر هذه التحولات؟

فلسفة الأنوار وتطور الفكر السياسي:

فلسفة الأنوار:

الأنوار هي الوجه الايجابي للديمقراطية وهي عكس الظلم والعتمة وهو مصطلح القرن الـ 18م وهو إشعاع فكري هو حرية الرأي والنقد والاهتمام بالمصير الإنساني كما يتمثل في تطوير المبادلات التجارية، فلسفة الأنوار هي تطوير لحركة الفكر والعلوم وهي خروج من حالة العجز والقصور إلى حالة الإبداع واستخدام الفكر للتحرر من القيود.

فلسفة الأنوار تحول فكر بالتالي حركة فكرية متطورة تقوم على جمل من المبادئ منها:

الفضيلة من حب الآخرين والإحسان إليهم والتسامح والتعايش السلمي.

الحرية في القيام بأي فعل في إطار ما يسمح به القانون ليكون فعلا مسؤولا لا عشوائي.

الاستقلالية فالفرد قادر على تقرير مصيره بنفسه وهو مستقل بذاته لكنه في وسط علاقة مضبوطة ومحكومة بالمجتمع.

المساواة وهو عدم التمييز بين الأفراد على أساس الدين أو اللغة أو الفروقات المتعارف عليها أو حتى الحقوق والواجبات ولا بد من حضور العدالة في توزيع الثروات بين الأفراد والجماعات.

العقل، وفيها ستند إلى سلطة العقل في مختلف المجالات وهو شعار عصر التنوير “استخدم فكرك بنفسك”.

تطور الفكر السياسي:

الوضع السياسي لأوروبا قبل الحركة الفكرية:

هيمنة الحكم المطلق القائم على تفويض إلهي والمتميز بالتفرد بالسلطة وغياب المراقبة والقوانين وغياب التعددية السياسية وهي سلطة لا ضابط لها وهي لا متناهية.

التحولات السياسية:

ظهور المفكرين السياسيين الذين طالبوا بتغيير الوضع السياسي مثل: منتسكيو 1689 – 1755 وفولتير 1694 – 1778 وجان جاك روسو 1712 – 1778. فطالبوا بـ:

التفريق بين السلط الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية.

وضع حد للاستبداد والتفرد بالسلطة.

التأكيد على سيادة الشعب عبر الانتخابات ووصول الحاكم إلى السلطة بتفويض من الشعب.

الفصل بين السياسة والدين

ضمان الحريات السياسية والأساسية

ضمان حقوق الإنسان وتعزيز حرياته

بعث دساتير تنظم الحياة العامة وتقيّد سلطة الحاكم.

العوامل الاقتصادية والاجتماعية:

العوامل الاقتصادية:

ظهر عدد من المفكرين الاقتصاديين مثل كيناي وآدم سميث وطالبوا بعقلنة النشاط الاقتصادي وذلك من خلال إطلاق حرية العمل وفسح المجال للمنافسة الحرة وضمان حق الملكية الخاصة وإبعاد الدولة عن التدخل في الاقتصاد.

وقد ساهمت هذه الأفكار الإصلاحية في  نمو الثورة الوطنية وتنوع الأنشطة الاقتصادية  فتدعمت حركة التصنيع خاصة بعد الثورة الصناعية.

انتقل مركز الثقل من الفلاحة إلى الصناعة ومن الريف إلى المدينة أين ترتكز المصانع وتتنوع الخدمات وأين تدعمت المبادلات التجارية أي نشطت.

وطبعا تراكمت المنتجات والسلع مما ساهم في البحث عن أسواق خارجية ومن هنا ظهرت الحركة الاستعمارية.

العوامل الاجتماعية:

المجتمع الغربي، كانت تسيطر عليه الطبقة الأرستقراطية أي النبلاء وهي الطبقة المتفوقة في المجتمع وعلى بقية الأفراد ومن العبيد وغيرهم، هي طبقة السلطة والنفوذ التي تتمتع بالثروات والامتيازات الاقتصادية.

التحولات الاجتماعية: تنوع مواد الثروة من صناعة وتجارة وخدمات.

والقضاء على الطبقة الأرستقراطية، في مقابل ظهور طبقتين اجتماعيتين وهما الطبقة البرجوازية التي تمتلك رأس المال أي المصانع والتي تنشط المبادلات التجارية، والطبقة الشغيلة أي العمال فهي اليد العاملة التي تكون بالفكر والساعد والتي أصبح لها حقوق كالراحة والأجر وتحديد ساعات العمل.

لقد لعبت هاتين الطبقتين دوارا أساسيا في المجتمع إذ تحسن مستوى العيش وارتفع دخل الفرد ونمت حركة المدن حيث أصبحت هذه الأخيرة نقطة استقطاب لليد العاملة القادمة من الريف إلى المدينة.

قيام الأنظمة الديمقراطية:

الثورة الانجليزية:

الأسباب:

هيمنة الحكم المطلق على السلطة.

الاستناد إلى الحق الإلهي.

التفرد بالسلطة وانتهاك حقوق الإنسان.

مما أدى إلى اندلاع الثروة الانجليزية في سنة 1688.

النتائج:

إلغاء النظام الملكي المطلق وتعويضه بنظام ملكي برلماني.

تكريس سيادة الشعب بواسطة النوّاب.

العمل على ضمان حرية الانتخاب مع إصدار القوانين من طرف البرلمان المنتخب  من قبل الشعب وبإمكانه أن يبطله إن لم تكن في صالح الشعب كما نجد العمل على تحقيق العدل. وضمان حرية التعبير. فصارت الثروة الانجليزية نموذجا يقتدى به في العالم.

الثروة الأمريكية:

الأسباب:

الاستعمار الانجليزي للشعوب الأمريكية حيث كان الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية من بين المستعمرات الإنجليزية التي تمارس أشكال مختلفة من العنف والظلم والاستبداد وانتهاك الحقوق فدفع ذلك إلى اندلاع الثورة الأمريكية في 1776، وهي ثورة الشعب على الاحتلال.

النتائج:

إعلان الاستقلال في سنة 1776.

تحرير الشعب الأمريكي من الاستعمار.

إعلان الجمهورية في 1776.

إصدا ر دستور في 1787 ينص على التفريق بين السلط الثلاث فظهرت السلطة التشريعية في الكونغرس مجلس الشيوخ / مجلس النواب. والسلطة التنفيذية المتمثلة في الرئيس المنتخب لأربعة سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. والسلطة القضائية بيد المحاكم.

الثروة الفرنسية:

الأسباب:

الملكية المطلقة المستبدة.

انتشار الظلم والطغيان والقمع بمختلف أشكاله.

تمرد الشعب الفرنسي وثار على هذا الوضع في 1789.

النتائج:

تعويض النظام الملكي المطلق بنظام ملكي دستوري في 1791.

إصدار وثيقة إعلان حقوق الإنسان والمواطن التي تضمنت جملة من الحقوق من بينها: ضمان الحريات الأساسية وتكريس حرية الشعب وسيادة الشعب مع ضمان الحريات العامة والتفكير، وضمان الملكية الخاصة.

وفي 1792 تم القضاء كليا على النظام الملكي وإعلان الجمهورية.

ضمان حق المساواة بين الرجل والمرأة.

إصدار القانون في 1905 بفرنسا يقر بمبدأ الفصل بين الدين والدولة “اللائكية”.

تكريس مبدأ التعددية السياسية والفصل بين السلط الثلاث وتكريس سيادة الشعب.

ساهمت التحولات الفكرية والسياسية إلى جانب الثورات الثلاث في القضاء على الحكم المطلق المستبد وقيام أنظمة ديمقراطية تقوم على سيادة الشعب وقاعدة التفريق بين السلط الثلاث.