الدرس : التجارب التحديثية في البلدان العربية – التربية المدنية – ثانية ثانوي

الدرس : التجارب التحديثية في البلدان العربية – التربية المدنية – ثانية ثانوي

المقدمة:

في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تشمل أوجه مظاهر التقدم والتطور في مختلف المجالات كانت البلدان العربية تعاني من الركود والجمود والتدهور في مختلف الميادين مما أدى إلى ظهور أصوات عربية تنادي بالإصلاح والتحديث.

انتشار المفاهيم السياسية الحديثة في بعض البلدان العربية: تونس ومصر وبلاد الشام:

في عصر النهضة:

هي حركة فكرية تهدف إلى تغيير أنماط وأفكار عصر الانحطاط في مختلف المجالات وتعويضها بأنماط وأفكار جديدة فالحقبة السابقة تعرف بعصر الانحطاط والحقبة التي تليها تعرف بعصر النهضة.

عصر النهضة يتميز بالتحرر من القيود والتبعية والانفتاح على العالم الخارجي والسعي نحو التطور والازدهار والتنمية الشاملة وهي إعمال للعقل أي الإشعاع الفكري. وقد ساهمت عدة عوامل في ذلك سواء خارجية أو داخلية في تحقيق النهضة العربية:

العوامل الخارجية للنهضة:

حملت نابليون بونابارت على مصر ما بين 1798 – 1801 وهي حملة عسكرية وعلمية مثلت صدمة حضارية للشعوب العربية أيقضتهم من جمودهم وركودهم إلى الانفتاح على العالم الخارجي واكتشاف مظاهر التمدن الأوروبي أمام تخلف العرب. وهو أول احتكاك بين الغرب والبلدان العربية مما أدى إلى المثاقفة أي تلاقح الثقافات والحضارات. وقد وافق هذه الحملة العسكرية بعثة علمية فرنسية تتكون من علماء وأدباء وفنانون ومهندسون.

العوامل الداخلية للنهضة:

ظهور مفكرين ومصلحين من العرب تأثروا بالحضارة الأوروبية مثل خير الدين باشا وأحمد بن أبي الضياف بتونس ورفعة الطهطاوي بمصر.

زيارة بعض ملوك مصر وتونس وفرنسا والتأثر بها والاقتباس منها. وكانت النهضة في بلاد الشام نهضة فكرية أدبية ثقافية تركزت أساسا على انتشار العلم والتعليم العصري وانتشار الطباعة وكذلك نشطت حركة الترجمة والنقل.

أما النهضة في مصر وتونس سياسية بالأساس هدفها تحديث أجهزة الدولة ففي تونس تم إصدار وثيقة عهد الأمان في 1857 التي تقر الاختلاف بين الأجناس والأديان وتحقق المساواة وتعمل على توفير الأمن لسائر سكان البلاد التونسية، ثم إصدار دستور 1861  في عهد أحمد باي وهو أول دستور في العالم العربي ولكن سرعان ما أحبطت هذه التجربة الدستورية بسبب التدخل الاستعماري لتونس.

أثناء الفترة الاستعمارية:

تواصل الاحتكاك بين هاته الحضرتين الغربية والعربية ونشطت عملية المثاقفة بينهما فظهر عدد من المفكرين أمثال عبد العزيز الثعالبي والطاهر حداد والزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بتونس وطه حسيب بمصر وطالبوا بعدة إصلاحات من بينها:

تخليص الإسلام من الشوائب التي ألحقت به.

الدعوة إلى إعمال العقل.

تحرير الشعوب من الاستعمار.

المطالبة بدستور يضمن حقوق الأفراد وحرياتهم.

الطالبة بالاستقلال.

تكريس سيادة الشعب.

نشر التعليم وتعصيره.

قيام الدولة الوطنية في النصف الثاني من القرن العشرين:

الظروف الداخلية لنشأة الدولة الوطنية:

دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى تحسين الأوضاع والقوانين الاجتماعية وتوفير الأمن الاجتماعي مع تمكين الطبقة الشغيلة من التمتع بحرياتهم النقابية وحقوقهم الاجتماعية. كم دعا الحزب الحر الدستوري التونسي في مؤتمر 12 / 13 – 05 – 1933 إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وبالتالي تحرير الشعب التونسي من الاستعمار. والحصول على دستور يصون الشخصية التونسية وسيادة الشعب.

الظروف العالمية لنشأة الدولة الوطنية:

نشأة منظمة الأمم المتحدة في 24 – 10 – 1945 بهدف صيانة السلم والعدل الدوليين.

صدور وثيقة الإعلان العالمي لوثيقة حقوق الإنسان في 10 – 12 1948، الذي يهدف إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها ومناصرتها.

تنامي حركات التحرر في العالم المناهضة للاستعمار.

أهمية القرارات الصادرة من مؤتمر باندونع المنعقد بإندونيسيا في 1954 ومن أهمها: احترام سيادة الدول واحترام حقوق الإنسان والاعتراف بالمساواة بين كل الأجناس.

الدولة الوطنية وعلاقتها بمفاهيم النهضة: مثال تونس:

الدولة الوطنية هي الدولة المستقلة ذات السيادة التي تتمتع بالشخصية القانونية مثال تونس منذ حصول على الاستقلال في 21 – 03 1956. ومن أهم انجازاتها التي تجسد مفهوم النهضة:

إعلان الدستور في 1959.

إعلان الجمهورية في 1957 وبالتالي التفريق بين السلط الثلاث.

ضمان الحقوق والحريات.

استقلالية القضاء عن السلط التنفيذية والتزامها بتطبيق القوانين.

صدور مجلة الأحوال الشخصية في 13 – 08 – 1956 التي تضمن حرية المرأة وحقها في التعليم وكذلك مجانية التعليم وتعميمه بين الأجناس.

ساهم عصر النهضة والفترة الاستعمارية إلى جانب الظروف الداخلية والعالمية في نشأة الدولة الوطنية التي تجسد مفاهيم النهضة.