درس التفاوت في التقدم – بكالوريا آداب
مقدمة
يتميّز المجال العالمي بتفاوت واضح في التّقدّم الاقتصادي والاجتماعي. ويعود ذلك إلى عوامل اقتصادية واجتماعية، وقد تعدّدت المحاولات للحدّ من هذا التّفاوت لكنّه ضل قائما وأفضى إلى تشكّل مجال عالمي ثنائي التّركيبة تمثّل البلدان المتقدّمة مركزه بينما تمثّل البلدان النّامية أطرافه. فما هي مظاهر التّفاوت في التّقدّم في العالم وعوامله؟ وفيما تمثّلت الحلول للحدّ منه وكيف انعكست على المجال العالمي؟
مظاهر التّفاوت في التّقدّم في العالم:
التّفاوت في التّقدم الاقتصادي:
التفاوت في القوة الإنتاجية:
العالم المتقدم:
أكثر 77% من إنتاج السّيارات.
59% من المنتجات الإلكترونية.
59% من الناتج الداخلي الخام.
هذه الأهميّة الاقتصادية دليل على أنّ هذه الأقطار بلغت دورة ما بعد التّصنيع حيث سجلت نسبة الناشطين في القطاع الثّالث ارتفاعا، إذ يوفّر 71% من النّاتج الدّاخلي الخام.
العالم النامي:
23% من إنتاج السّيارات.
41% من المنتجات الالكترونية.
41% من الناتج الداخلي الخام.
لا تزال بلدان العالم النّامي فلاحيّة وذات منتجات معملية ذات قيمة مضافة ضعيفة. إضافة إلى القطاع الثالث المهمّش والغير مهيكل، إذ يوفّر 25% من الناتج الداخلي الخام.
التفاوت في النفوذ الاقتصادي:
العالم المتقدم:
تتركّز به شركات عبر قطرية وهي ذات أرصدة ماليّة ضخمة تسيطر على التّجارة العالمية وتسيّر الاقتصاد العالمي حسب مصالحها.
العالم النامي:
ضعف عدد ومبيعات الشّركات التابعة للعالم النّامي.
التفاوت في التحكم في التكنولوجيا:
العالم المتقدم:
تخصّص البلدان المتقدّمة نسبة هامّة من الأموال في البحث والتطوير تقدّر بـ78% وتركز على قطاعي الإعلام والاتصال. كما تتمتع هذه الدول بعدد مهم من براءات الاختراع مما مكنه من التحكم والسيطرة على التكنولوجيا وخاصة تكنولوجيات الإعلام.
العالم النامي:
ضعف النّفقات الموجّهة للبحث والتّطوير قدّرت بـ 25% فضلا عن محدودية براءات الاختراع بسبب هجرة الأدمغة إذ لا يتحكم العالم النامي في التكنولوجيا وهو في تبعية للعالم المتقدّم.
تفاوت مستويات التّنمية:
التفاوت في الثروة:
العالم المتقدم:
ثلث سكان العالم يستأثرون بثلثي الناتج الداخلي الخام.
العالم النامي:
أربعة أخماس السكان لا يملكون سوى ثلث الثروة العالمية وتشتد ظاهرة الفقر خاصة في القارة الإفريقية
التفاوت في تأمين الحاجيات الأساسيّة للسكّان:
العالم المتقدم:
تخمة غذائيّة يحصلون على ما يفوق 3500 حريرة في اليوم.
انخفاض نسبة الأمية 2%.
ارتفاع أمل الحياة عند الولادة الذي يقدّر بـ80 سنة.
تراجع وضعف وفيات الرضع 5 ‰.
العالم النامي:
عجز عن تلبية الحاجات الأساسية للسكان.
نقص التّغذية لتبلغ في إفريقيا جنوب الصحراء 30%.
ارتفاع نسبة الأمية 21%.
انخفاض أمل الحياة عند الولادة حيث قدّر بـ66 سنة.
ارتفاع نسبة وفيات الرّضع بـ 57 ‰ في إفريقيا جنوب الصّحراء 103‰.
يعتبر العنصر البشري معيقا لحد ما لمشاريع التنمية.
التفاوت في مؤشر التنمية:
العالم المتقدم:
يتجاوز مؤشر التنمية البشري 0.750.
العالم النامي:
يقل مؤشر التنمية عن 0.750 في البلدان النامية مع بعض الاستثناءات بالنسبة للأقطار الصّناعية الجديدة.
عوامل التفاوت في التّقدّم:
العوامل الاقتصادية:
العالم المتقدم:
تحقيق الثورة الصناعيّة منذ القرن 18.
تدعيم النّظام الرّأس مالي من خلال التقسيم العالمي الجديد للعمل وبروز الشّركات العبر قطريّة.
دور الشّركات العبر قطريّة وسياسة الانفتاح الاقتصادي منذ ثمانينات القرن العشرين.
الاختصاص في إنتاج وتصدير المواد المصنّعة ذات القيمة المضافة العالية.
الاستفادة من طرفي التّبادل.
استفادة اقتصادها من خدمة الدّيون.
العالم النامي:
خضوع العالم النامي للهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية = تبعية شاملة.
الاختصاص في إنتاج وتصدير المواد الأوّليّة ذات الأسعار المتذبذبة والقيمة المضافة الضعيفة.
التضرر من تردي طرفي التّبادل.
تواصل عملية التّداين منذ الستّينات ونسبة هامة من هذه الديون موجّهة لتغطية مصاريف مشاريع التّنمية.
العوامل البشريّة:
العالم المتقدم:
تزامن النمو الديمغرافي في العالم المتقدم مع النمو الاقتصادي في القرن 19.
توفير يد عاملة ذات تأطير عالم.
سوق استهلاكية هامة نتيجة ارتفاع مستوى العيش والمقدرة الشّرائية.
ساعد العنصر البشري على تدعيم القوة الاقتصادية ببلدان الشمال.
العالم النامي:
شهد النمو الديمغرافي أسرع من النمو الاقتصادي أدّى إلى انفجار ديمغرافي يفرض ضغط كبير على موارد هذه البلدان.
يد عاملة ذات مستوى تكوين ضعيف.
انتشار الفقر وضعف مستوى الدخل منعا من تكوين سوق استهلاكية هامة.
عرقل العامل البشري التنمية الاقتصادية في جل بلدان الجنوب.
محاولات الحد من التفاوت في التقدم:
التجارب التنموية بالبلدان العربية:
نماذج التصنيع:
مبادئها وأهدافها:
تجارب ذات توجه ليبيرالي ركزت على التصنيع وفق نموذجين متعاقبين في أغلب الأحيان.
تصنيع معوض للتوريد: طبّقته البرازيل والتنينات الآسيوية.
تصنيع موجه للتصدير: تونس والنمور الآسيوية والبرازيل والتنينات الآسيوية.
تجارب ذات توجه اشتراكي ركّزت على القطاع الصناعي أي التصنيع الذاتي في الجزائر والصين.
حصيلتها:
إنشاء صناعات استهلاكية وطنية وصناعات ثقيلة وبلوغ بعض الأقطار درجة هامة من التصنيع كالأقطار الصناعية الجديدة.
إنشاء صناعات ثقيلة لكن تشكوا هذه الدول من تبعية تكنولوجية ومالية إلى جانب محدودية السوق المحلية.
الثورة الخضراء:
مبادئها وأهدافها:
الاعتماد على الإمكانيات الفلاحية المحلية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي خاصة في الدول الآسيوية.
حصيلتها:
الحد من التبعية الغذائية في بعض المنتجات الفلاحية خاصة في الحبوب بالنسبة لدول آسيا (الهند وباكستان) لكنها كرست تبعيتها لمختبرات البحث الزراعي ولمنتجي الأسمدة بالبلدان المتقدمة إضافة إلى أضرار بيئية.
عجز التجارب التنموية عن تحقيق التنمية ودخولها في أزمات مالية واقتصادية فرضت عليها القبول بتدخل صندوق النقد الدولي الذي فرض الانفتاح وبرنامج الإصلاح الهيكلي ودفعها إلى الانخراط في اقتصاد السوق مستندا إلى ما حققته النمور الآسيوية من نجاح اقتصادي. كما تعمل البلدان المتقدمة وشركاتها عبر قطرية عن طريق المنظمات الدولية على إقناع بلدان الجنوب بمزيد الانخراط في العولمة لكن تبقى حظوظ هذه البلدان متفاوتة في الاستفادة من العولمة في ظل نظام تجاري ومالي عالمي غير متكافئ.
المنظمات الدولية ودعم جهود التنمية:
قررت منظمة الأمم المتحدة سنة 2000 تدعيم المساعدات العمومية بهدف الحد من الفقر والأمراض ووفيات الرضع والترفيع من مستوى التمدرس وهي أهداف تنمية للألفية الثالثة وهي معايير ملموسة لقياس التقدم حددت سنة 2015 موعدا لتحقيق معظمها.
وقد وقع تقييم هذه الأهداف خلال هذه السنة ومع ذلك لم يتم القضاء على الفقر وعلى وفيات الرضع والأمية.
كما ان التخفيض من قيمة ديون البلدان الجنوب بقي محدودا إذ لم يتجاوز نسبة 1/3 وقدمت منظمة المساعدة من أجل التنمية مساعدات مالية لا تمثل إلا 0.33% من الناتج الداخلي الخام للبلدان المانحة بهدف تحسين البنية التحتية والتجهيزات الاجتماعية.
ويتمثل دور المنظمات الغير حكومية أهمها الهلال الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود في تقديم الإعانات للسكان عند حدوث بعض الكوارث كما تطالب هذه المنظمات بشطب ديون بلدان دول الجنوب وتقديم مشاريع تنمية فلاحية.
خاتمة
تجذرت تركيبة العالم الثنائية في ضل العولمة إذ ازداد الشمال قوة وتعززت مكانته وتدعم دوره المتحكم في الاقتصاد العالمي بينما تعمقت في المقابل تباينات بلدان الجنوب بعد اعتماد البعض تجارب تنموية نجحت في تحقيق التنمية مثل البرازيل.
الحصول على دروس الجغرافيا مع الملخصات والمصطلحات كاملة: اضغط هنا
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني