درس القضية الفلسطينية – بكالوريا آداب
المقدمة
استغلت الحركة الصهيونية تنامي اللاسامية بأوروبا في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر واستفادت من دعم الإمبريالية للمشروع الصهيوني بفلسطين للإعلان عن قيام دولة إسرائيل في 1948. فما هي جذور القضية الفلسطينية؟ وماهي أبرز تطوراتها؟
جذور القضية الفلسطينية ومقاومة المشروع الصهيوني والانتداب البريطاني قبل الحرب العالمية الثانية:
فلسطين هدف للأطماع الإمبريالية والصهيونية:
الأطماع الإمبريالية:
تقع فلسطين على مفترق الطرق بين ثلاث قارات (آسيا – أوروبا – أفريقيا) مما مكنها من مراقبة المسالك التجارية الكبرى. وتدعمت أهميتها بحفر قناة السويس سنة 1869. كما أدى اكتشاف مدخرات هامة من النفط في الخليج العربي وضعف الإمبراطورية العثمانية في تنامي الأطماع الإمبريالية بالمنطقة منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وعقدت دول الوفاق منذ ماي 1916 اتفاقية “سايكس بيكو” بـبيكو وجسد مؤتمر “سان ريمو” في أفريل 1920 هذه الأطماع.
الحركة الصهيونية:
أمام تنامي النزعة اللاسامية في أوروبا نشأت الحركة الصهيونية واستفحلت خاصة في نهاية القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين فظهرت في روسيا جمعية “عشاق صهيون” في 1882 وظهور كتاب “التحرير الذاتي ليون بينسكر” الذي نادى بقيام وطن قومي لليهود بفلسطين وهو يهوديّ الأصل.
كما جاءت دعوة تيودور هارتزل في كتابه “الدولة اليهودية” سنة 1896 بضرورة إقامة دولة يهودية تضم شتات اليهود في العالم وتحميهم من الاضطهاد. فضلا عن تنظيم المؤتمر الأول لليهود بمدينة بازل السويسرية في أوت 1897 انبثقت عنه المنظمة الصهيونية العالمية التي ستعمل على تكثيف الهجرة اليهودية وإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين واستفادت الحركة الصهيونية من السياسة النازية المعادية لليهود في الثلاثينات.
التحالف بين الصهيونية والإمبريالية:
ساهمت الحركة الصهيونية ماليا في المجهود الحربي للوفاق الثلاثي وتحصلت على وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا في 2 نوفمبر 1917 الذي ينص على إنشاء وطن قومي بفلسطين. وعملت إنجلترا في ضل الانتداب على تجسيم وعد بلفور وذلك بتشجيع الهجرة اليهودية وإنشاء المستوطنات لكن في ضل الحرب العالمية الثانية. وحفاظا على مصالحها أصدرت بريطانيا “الكاتب الأبيض” الثالث في 1939 والذي يقر بمبدئ استقلال فلسطين وتحديد الهجرة اليهودية. فيما تحولت الولايات المتحدة إلى أكبر حليف للصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية تجسم ذلك في إعلان الكونغرس الأمريكي منذ ديسمبر 1945 تأييده لإنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين.
المقاومة المسلحة قبل إعلان دولة إسرائيل:
بدأت مع ظهور المستعمرات اليهودية التي اشتراها الصهاينة من الملاكين المتغيبين ومن السلط العثمانية واحتدت المقاومة إثر وعد بلفور والاحتلال البريطاني لفلسطين فانعقد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول بالقدس في فيفري 1919 وأرسلت برقية احتجاج إلى مؤتمر “الصلح بباريس” ضد وعد بلفور وقد اندلعت مظاهرات وتحولت إلى اشتباكات عنيفة في عدة مدن فلسطينية منذ ماي 1921 بين الفلسطينيين من جهة وبين الصهاينة والإنجليز من جهة أخرى وتأججت أكثر سنة 1926 بين العرب والصهاينة بسبب النزاع حول حائط “المبكى” بالقدس أي حائط “البراق”. وقد اندلعت الثورة الشعبية المسلحة التي قادها الشهيد عز الدين القسام في 1935 وتليها الثورة العربية الفلسطينية الكبرى بين 1936 و1939 التي قادها فوزي القاوقجي وشارك فيها متطوعون عرب بسبب تكثف أدفاق الهجرة اليهودية وتفاقم التناقضات الاقتصادية والاجتماعية بين العرب واليهود فردت سلط الاحتلال البريطاني بالقمع وتدمير البيوت والممتلكات واعتقال وطنيين.
المقاومة الفلسطينية في ظل الصراع العربي الإسرائيلي إثر الحرب العالمية الثانية:
قرار التقسيم والحرب العربية الإسرائيلية الأولى:
حظيت الحركة الصهيونية بدعم الرأي العام الغربي بعد اكتشاف الجرائم النازية المرتكبة في حق اليهود فنشأت لديه عقدة الذنب ووقع خلط عند الصهاينة بين العداء للسامية ومقاومة الصهيونية وبين الحركة العنصرية التي هي الصهيونية وحركة تحرير وطنية.
كما جاء الدعم العالمي للوكالة اليهودية بتعزيز قوتها السياسية والعسكرية وخاصة جناحها العسكري الهاغانا، الأراغون (الأكثر تطرفا بين العصابات)، شتيرن، ومساندتها للحلفاء في الحرب العالمية الثانية في الوقت الذي ساندت فيه الحركة الوطنية الفلسطينية ألمانيا.
وقد أصدرت منظمة الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 قرارا يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية ووضع القدس تحت إشراف الأمم المتحدة مما تسبب في اشتباكات بين الفلسطينيين والصهاينة وبين جيش الإنقاذ من المتطوعين من العرب بقيادة فوزي القواقجني والعصابات اليهودية الصهيونية التي أقدمت على القيام بمجازر مثل مذبحة “دير ياسين” في أفريل 1948 والتي ذهب ضحيتها 254 شخصا من بينهم أطفال ونساء وشيوخ ومجازر بحيفا.
وفي يوم 14 ماي 1948 قررت بريطانيا سحب قواتها من فلسطين وأعلن ديفد بن غوريون رئيس اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية في نفس اليوم بقيام دولة إسرائيل فتدخلت الجيوش العربية من البلدان المجاورة يوم 15 ماي 1948 (مصر، الأردن، العراق، سوريا، لبنان) لمواجهة القوات الصهيونية فتدخلت الولايات المتحدة لفرض هدنة في جوان 1948 بعد أن حققت الجيوش العربية انتصارات على جميع الجبهات لتنقلب موازين القوى لفائدة الصهاينة الذين فرضوا على العرب الهدنة باستثناء العراق.
وقد كانت نتائجها وخيمة على الفلسطينيين والعرب فسميت بالنكبة الكبرى فتدفقت موجات اللاجئين الفلسطينيين باتجاه الدول العربية المجاورة وامتدت إسرائيل على أكثر مما نص عليه قرار التقسيم وألحق قطاع غزة بالإدارة المصرية والضفة الغربية بالأردن. وقد كسب وجود إسرائيل الشرعية الدولية من خلال اعتراف عديد الدول بها ودخولها الأمم المتحدة في ماي 1949.
المقاومة الفلسطينية المسلحة 1949 – 1982:
تنامت المقاومة ضد الكيان الصهيوني إثر الثورة المصرية من الضباط الأحرار في جويلية 1952 ونشطت بعد اندلاع الثورة الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 وإثر العدوان الثلاثي على مصر (فرنسا – بريطانيا – الولايات المتحدة الأمريكية) بعد تأميم قناة السويس في 1956.
وفي أكتوبر 1957، تم تأسيس حركة فتح (حركة التحرير الفلسطينية) على يد ياسر عرفات وصالح خلف على أساس تولي الشعب الفلسطيني مهمة تحرير أراضيه واعتماد الاتفاق المسلح كوسيلة للتحرير وتشكيل “قوات العاصفة” وهي الجناح العسكري لحركة فتح وأعلنت فتح انطلاق الثورة المسلحة يوم 1 جانفي 1965 بعد تحويل إسرائيل لمجرى نهر الأردن سنة 1964.
أما في القاهرة، فقد انعقد أول مؤتمر “قمة عربي” في 13 جانفي 1964 فأقر تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وتوحيد فصائل المقاومة للضغط على إسرائيل والذي يضم حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية القيادة العامة وجبهة التحرير العربية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يهدف إلى تحرير فلسطين وبناء دولة عربية ديمقراطية علمانية يتعايش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية وأصبح عرفات منذ 1969 رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقد كانت الانطلاقة الثانية للكفاح المسلح في أوت 1967 إثر هزيمة جوان 1967 التي احتلت على إثرها إسرائيل ما تبقى من فلسطين وصحراء سينا وغابة الجولان وتصاعدت العمليات العسكرية الفلسطينية (الفدائية) انطلاقا من الدول العربية المجاورة (معركة الكرامة في 21 مارس 1968). ومع اتساع رقعة الكفاح المسلح اندلعت أحداث سبتمبر 1970 (أيلول الأسود) حيث تشابك الجيش الأردني مع القوات الفلسطينية وانسحبت على إثرها من الأردن باتجاه سوريا وجنوب لبنان ومثلت معركة أكتوبر 1973 التي تمكنت فيها الجيوش العربية من الانتصار على إسرائيل دفعا معنويا قويا للمقاومة الفلسطينية واعتراف القمة العربية بالرباط في أكتوبر 1974 بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفة “ملاحظ” منذ 1974 وحظيت باعتراف دول أخرى خاصة من المعسكر الاشتراكي وكتلة عدم الانحياز.
وقد زعزعت اتفاقية السيام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979 التضامن العربي وإقدام الكيان الصهيوني في جوان 1982 على غزو لبنان واجبار منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرتها فتحولت قيادتها إلى تونس فمالت منظمة التحرير الفلسطينية إلى تعديل برامجها وفقا للشرعية الدولية التي تقر بوجود إسرائيل.
النضال السياسي والانخراط في مسار السلام 1982 – 1993:
مصادقة قمة فاس العربية سنة 1983 على خطة السلام التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وحصر الدولة الفلسطينية في الأراضي المحتلة 1967 والاعتراف بإسرائيل. لتنفجر الانتفاضة الأولى في ديسمبر 1987 داخل الأراضي المحتلة (انتفاضة الحجارة) في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية التي ارتكبت فضائع في حق الفلسطينيين. وأعلن المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر في نوفمبر 1988 قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة سنة 1967 وعاصمتها القدس.
وقد تم انعقاد مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991 تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبمشاركة الأطراف المعنية بالصراع العربي الإسرائيلي على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام وكانت هناك مفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطيني وإسرائيل انتهت بإبرام اتفاقية أوسلو التي تم توقيعها بالبيت الأبيض في 13 سبتمبر 1993 تضمنت اعترافا متبادلا بين منظمة التحرير وإسرائيل تقضي بإنشاء سلطة فلسطينية بقطاع غزة وأريحا أولا لمدة 5 سنوات في انتظار مفاوضات الحل النهائي.
خاتمة
رغم الاتفاقيات التي تم ابرامها رفضت إسرائيل تطبيقها ولم تعترف بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم واعتبرت القدس عاصمتها وكانت رقابتها واضحة في التمسك بالأرض والسلام مما أدى إلى اندلاع الانتفاضة الثانية في 2000 وأجبرت منظمة الأمم المتحدة لأول مرة على الاعتراف للفلسطينيين بحق إقامة دولتهم إلى جانب إسرائيل.
إقرأ أيضا: المفاهيم والمصطلحات والتعريف بالأعلام في درس القضية الفلسطينية – بكالوريا آداب
احصل على الدروس عن طريق البريد الالكتروني