تضمحل الكلمات بسبب سراب الأفكار الفوضوية، تعجبت منذ البداية عندما رأيت هذا العالم لأول مرة كل ما فيه جميل للغاية أعجبتني الألوان والكائنات التي تحلق في السماء وتمنيت لو كنت مثلهم اتمتع بتلك الحرية لكي ارى العالم من فوق.
وما اروع تعاقب الفصول كنت انتظر الشتاء من شدة الحر وكنت انتظر الربيع من شدة قساوة الشتاء، نشتاق الى كل شيء في هذا العالم ونتألم لما نشتاق إليه، في الليل ننام وفي النهار نستفيق، موت وحياة، تعجبني النجوم وتلألئها بياض في سواد.
كنت منبهرة جدا بهذا العالم فهو فيه الكثير، فقد احببت الحشرات وجذبني شكلها، خطوط سوداء وخطوط صفراء ورأس مكور صغير واجنحة رقيقة مع صوت صفيري امسكت هذه الحشرة بشغف جعلني اصرخ من الفرح كأنني وجدت سر هذا العالم لكن هذه الصرخة صاحبها آلم رهيب لم اعرف معنى هذه الكلمة قط وتفاجئت بيدي البيضاء تنتفخ كبالون أحمر انبهرت بهذا المشهد وانفجرت عيناي بكاءا.
تسمى هذه الحشرة بالنحلة لا اعلم لماذا صفعتني بهذه الوحشية، وفي نفس الوقت تموت، تضحي بنفسها لتموت في النهاية!.
بدأت تنقلب الصورة المثالية التي كنت اتصورها تجاه هذا الوجود.
هناك نوع من العداوة فالكلاب التي كنت اراها احيانا تلعب وتهرول وتنشر الحب والدفء في النفس تحولت الى وحوش تشاجر بعضها البعض إلى حد الموت والقطط التي ظننتها بريئة اذ بها تخاصم بعضها من غير رحمة او شفقة، مشاهد جعلتني أشعر بشعور يطلقون عليه الخوف، الخوف من ان أتألم. خوف دفعني للاختباء والهلوسة والبكاء.
شعور ملكني وغير أحلامي الوردية إلى كوابيس حاولت ان ابتعد من كل ما يؤلمني لكن الالم جائني بنفسه.
انه مرض يأتي للاطفال حبوب حمراء تملأ الجسم كأنها صفعات من النحل جائوا لينتقموا مني فداءا لروح صديقتهم، انتابني اليأس فكنت اتعذب وأستمتع بحك تلك الحبوب لكن الالم يزداد كلما استغرقت بحكها طويلا، راحة والم يتطابقان لا ينفصلان فوجدت في الالم متعة.
نظرت الى نفسي في المرأة كان شكلي مختلف وكرهت مظهري هذا الذي جعلني اكره ما من حولي وحتى نفسي التي لم تكن مذنبة وألقيت اللوم على جسدي فهو الذي افتعل هذا المرض لا أحد سواه، ازدادت نقمتي منه باعتباره هو مصدر الالم والشرور والشعور. اصبح جسدي عدوي وصديقي في آن، تارة اتحكم فيه وتارة اخرى أخضع له، فكأنه حمل ثقيل يجذبني للارض ومجرد وعاء يسجن روحي يحرمها من الاطلاقية والحرية.
الجسد معرض للمرض وللشيخوخة، يشرط عليك الاكل والشرب واخراج الفضلات والنوم وان لم تلبي هذه الوظائف تغدو وحشا مفترسا كالكلاب، انّ ألم الجوع يجعلك تقتل وتسرق للحفاظ على بقائك فنحن نصارع من اجل الحياة ولكن النهاية واحدة فأنت ميت لا محالة، هذه النزعة توجد في داخل كل كائن الخوف من الموت، فلو لم يوجد هذا الخوف لانتحر جميع البشر وانتهى وجودنا منذ بدايته.