حين لمحت ذلك العصفور الصغير وهو محلق في السماء قلت في داخلي إنه يستمتع بما يحلم به الكثير
فالكثير منا يحلم بأن يحلق في السماء طليقا حر يفرد جناحيه ويسبح في أرجائها يميل ويحوم ويشق السحاب في مرح وسعادة مطلقة
يحلم الكثير بهذا حتى أنه حين إقتنع البعض بإستحالة الأمر أو بصعوبته فصار يكتفي بتخيل تلك اللحظة فيستلقي على سريره بعد تعب شديد ليغمض عيناه ويتخيل أنه يحلق ويطير بعيدا على كل ما يزعجه وبعيدا عن كل من يزعجه.
فقط ليكون بمفرده ولو للحظة لا جدران تحجب الرؤية حين يمد بصره فلا يرى نهاية للسماء ليبتعد عن ضجيج السيارات ورائحة الأرض الكريهة ليهرب من نفس الروتين الخانق من نفس الوجوه المتشابهة المنسوخة من بعضها البعض فهو في أرض لا يحترمون الإختلاف ولا يحبذونه فكل الشباب بنفس المظهر نفس الحلاقة والملابس التي تفرضها الموضة القذرة نفس النسخ نفس المنشورات لا أحد يبدع لا أحد يكتب ما يشعر به حقا فقط يكتبون ما يجعلك تضحك وإذا ضحكت فسيحبك فهم قوم يحبون من يضحكهم…
يحلم الكثير بالتحليق للتنفس وسحب أكبر كمية من الأكسيجين النقي الطاهر من الدنس أما ما نتنفسه في الأسفل؟
هو مزيج والحمدلله لولا تصفية الرئتين لهذا الهواء لتنفسنا الكثير والكثير من النفاق الذي أصبح في متناولنا يجول في الهواء…
كلنا نريد التحليق مثل ذاك الطير و لكن هل فكرنا بذاك العصفور؟
هو أيضا يتمنى أن ينزل إلى الأرض ويسير معنا في الطرقات ويدخل مغازاتنا ويجول في أرجائها دون أن يتعرض للأذى، دون أن يلحق به أحدهم ضرر أو يرميه بحجارة أو يلاحقه بعصاه…
لكنه من الصعب ذلك إلا إذا إتفقنا نحن البشر على السماح له بذلك وهذا من المستحيل أن يتفق البشر أجمعين …
فكر بالأمر.. خلاصة الموضوع أن ما تفكر أن تكون في مكانه ربما أيضا هو يفكر أن يكون في مكانك
لكن من سنة الله أنه جعل كل في مكانته وخصص لكل منا محيطه وكل منا مجاله الذي يسعى فيه، لكل شخص منا مميزاته سواء كانت مادية أو معنوية تتفاوت ممتلكاتنا من شخص إلى آخر حسب ما شاء القدر وما شاء الله كان ولم يشاء لم يكن …
لو تأملنا للحظة لرأينا أنه لو أن العصفور معنا في الأسفل يسير بجانبنا او بالأحرى بين أقدامنا ويرتدي كما نرتدي بنطال جينز ونظارات شمسية وقميص أحمر اللون مكتوب عليه أديداس (ماركة ملابس) أمر شاذ بعض الشيء ولو تخيلنا رجل يحلق في السماء عاري الجسد ويزقزق؟ لن نتقبل هذا حتى مخيلتك بل سيكون مضحك إذا تخيلته
أتعلم أمرا؟ سأقول لك أمرا في بيت شعر صغير
« أنت على ما أنت أفضل لم علمت – لو أنت لم تكن أنت لمن نفسك سئمت
أنت ذو قيمة تتضاعف كلما تألمت – أنت ذو عقل يرتقي بك كلما تعلمت
لكنك فضلت الكسل وتحت سقفه أقمت – فانهض وتوكل على من يجازيك كلما ابتسمت »
أنت على ما انت أفضل ولا يقدر أحد أن يكون مثل أحد يا صديقي فو الله أنت بحاجة لإنطباعك فلا تستبدله بآخر لا تجعل همك أن تصبح مثل الآخرين ولا تتخذ أحدهم قدوة فالعظماء فقط يستحقون أن يكونوا قدوة لك إذ لم يرى العالم أعظم من رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و بالله التوفيق لا تحلم بأن تكون مثل غيرك فالنعمة والبركة كامنة فيك أنت
فأعرف قيمتك
IHEC SOUSSE – بقلم: سهيل داعوثي
إقرأ ايضا:
رجاءا لا تنسى من تكون – بقلم: سهيل داعوثي
يعجز اللسان عن شتمي فلا ذم أستحق – بقلم: سهيل داعوثي
مجموعة كتابات بقلم سهيل داعوثي